استضافت سينما إيماكس في الدارالبيضاء يوم 28 فبراير 2012، العرض الأول لفيلم "مروكي في باريس" لسعيد الناصري، وقد حضر هذا العرض حشد من الإعلاميين والممثلين والمخرجين والنقاد ... الفيلم يحكي قصة شاب مغربي سئم العيش في بلاده، ولم يجديه عمله كميكانيكي في المغرب للحصول على العيش الكريم ليقرر الهجرة "الحرڭ" إلى بلاد المهجر، حيث يقطن أخوه المهندس والمتزوج بفرنسية، والذي يعيش بدوره مشاكل أخرى لا تقل قساوة عن مشاكل أخيه.. اختار سعيد الناصري طاقما مغربيا/فرنسيا كبيرا من ممثلين وتقنيين: جان بير كاستالدي، لور ڭوجي، جان ماري بيڭار، بودير، فرانسيس للان، جوليان كوربي، دانيال إيفونو، محمد قيسي، لافوين.... الفيلم عبارة عن كوميديا مدتها ساعة و50 دقيقة، وأثناء متابعتنا ومشاهدتنا له في هذا العرض لمسنا بساطة قصته وهذا ما سبق وصرح به مخرجه أثناء تقديمه. بعيدا عن "المشاهد الكوميدية" وعن كليشيات الثقافات المختلطة بين الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام واختلاط الجنسيات: أتراك، مغاربة، أفارقة سود، إيطاليون، فرنسيون.... ومشكل الزواج ومشكل الكنيسة...إلى غير ذلك من الكليشيات المرتبطة بالمهاجر، حتى العودة مع السيارة المملوءة عن آخرها وفوق سقفها بأشلاء وحاجات لا قيمة لها... والتذمر الدائم والمستديم للمهاجر المغربي الذي يدخل إلى بلده، لا يعجبه أي شيء في هذا البلد.... بعيدا عن المخدرات، والإرهاب.... بعيدا عن كل هذه الأشياء يعالج الفيلم قضايا اجتماعية أعمق تلامس كل ماهو إنساني ووطني وديني.... الفيلم يحكي حكاية كل مغربي عاطل، يحكي حكاية الحلم والوهم المتسلطين على المغربي البسيط. حلم ووهم بمعنى الكلمة لا يمتان للحقيقة بصلة. إنها حكاية "الحركة" إلى بلاد "بره" للحصول على العيش الرغيد والحياة الهنية. والفيلم يحكي حكاية الموت في سبيل تحقيق هذا الحلم/الوهم وهو حلم يعشش في ذهن المغاربة ويلهيهم عن التفكير في الحقيقة ويشغلهم عن الواقع. ربما سعيد الناصري تجاوز الحكي عن الموت، الموت الذي تسببه قوارب الهجرة السرية والتي تودي كل يوم بحياة العديد من شبابنا وخيرة أبنائنا وذنبهم الوحيد في ذلك البحث عن بديل يقيهم ضنك العيش.... وآثر الحكي عن ما يشغل تفكير كل مغربي لا يعمل ولا توفر له بلاده أية فرصة للشغل. صحيح إنه يتهم المغرب "مابقى مايدار ماكاين مايدار في هذا المغرب" ولكنه عندما يبتعد عن البلد يحس بمرارة العيش ويحس بفقدان شيء كبير مهم: وطنه وهويته. لكن للأسف فوطنيتنا وهويتنا نفقدها كل يوم، فنحن لا نعتز بوطننا ولا نحب بلادنا ولا نعشقها، بل نهينها قبل أن تهيننا ونتبرأ منها قبل أن تتبرأ منا. فكل مغربي لم يسافر قط يريد أن يرحل عن بلاده. وكل مغربي عاش حقبة من الزمن في بلاد المهجر لا يريد الرجوع إلى بلاده. وعندما يرجع يردد ما يردده الكثيرون " آش كندير أنا في هذا البلاد؟". وهذا ما بينه ولخصه هذا الفيلم الذي لعب فيه طاقم لايستهان به من كبار الممثلين.. يبقى فيلم "مروكي في باريس" فيلم مغربي، ينقصه ما ينقصه، لكن من جانب آخر أثار مشكلا قديما جديدا، هو مشكل الهجرة غير المشروعة بطريقة كوميدية تنسيك ولو لفترة الألم والمعاناة اللذان يحيطان بهذه الظاهرة. من الدارالبيضاء: الدكتور بوشعيب المسعودي خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة