لطالما كانت واشنطن تلتزم بموقفها الثابت والرافض للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، بدون مفاوضات مباشرة بين السلطة الوطنية لفلسطينية وإسرائيل. لكن وسط أصداء حرب غزة التي قلبت موازين التفكير الدبلوماسي، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التفكير بجدية في هذا الأمر. ففي مشهد يستفيق فيه العالم على تغيير في سياسته الدولية، طلب وزير الخارجية أنتوني بلينكن من الوزارة إجراء مراجعة شاملة للسياسة الأمريكية تجاه فلسطين، وتقديم خيارات سياسية محتملة بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، بعد حرب غزة. هذا المشهد يشير إلى تحول جذري في التفكير الداخلي لإدارة بايدن، حيث يصبح الاعتراف المحتمل بفلسطين خيارًا جادًا ومحتملاً. فلعقود عديدة، كانت السياسة الأمريكية تتمثل في معارضة الاعتراف بفلسطين إلا من خلال مفاوضات مباشرة، وكانت تصر على أن الدولة الفلسطينية يجب أن تتحقق فقط من خلال التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولكن الحروب على غزة والتحديات الجديدة تفتح أفقًا جديدًا لإعادة التفكير في الكثير من النماذج والسياسات الأمريكية القديمة. يأتي هذا التغيير في السياسة الأمريكية في سياق حرب غزة، حيث أصبحت الضغوط والتحديات تستدعي إعادة النظر في الخيارات الدبلوماسية. وبينما يؤكد مسؤولون أمريكيون أنه لم يحدث تغيير رسمي في السياسة، إلا أن الدراسات الجارية تشير إلى أن إدارة بايدن تفكر بجدية في خطوات محتملة لتغيير مسار الصراع. في سياق آخر، يربط البيت الأبيض بين إقامة علاقات بين إسرائيل والسعودية وبين خلق مسار لإنشاء دولة فلسطينية. هذا يأتي كجزء من استراتيجية واشنطن للمنطقة بعد الحرب، ويأتي في إطار تحول أوسع نطاقًا في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. وفي تفاصيل إضافية، يفتح الباب أمام عدة خيارات تفاوضية للولايات المتحدة، بما في ذلك الاعتراف الثنائي بدولة فلسطين، وعدم استخدام حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع اعتراف دولي بفلسطين، وتشجيع الدول الأخرى على اعترافها بها. كما تشير التقارير إلى أن الدولة الفلسطينية المستقبلية قد تكون منزوعة السلاح، وهو أمر تُبدي إدارة بايدن اهتمامًا خاصًا في تحقيق التوازن بين حقوق الفلسطينيين وضمان أمان إسرائيل. على الرغم من التأكيدات من قبل مسؤولين أمريكيين على عدم حدوث تغيير رسمي في السياسة، إلا أن هذا التحول في التفكير يُظهر لنا أن العالم قد يكون على أعتاب تغيير جذري في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ورغم أن الطريق ما زال طويلًا ومعقدًا، إلا أن هذا التحول قد يمثل خطوة هامة نحو بناء حل دائم وعادل لهذا الصراع المستمر."