"عيشي يا بلادي عيشي" للفنان الراحل محمد الغاوي، -الذي ترجل عن صهوة الحياة وعادت روحه لخالقها بعد سبب نزيف دماغي- ما زالت حاضرة في الوجدان المغربي وفي المناسبات الوطنية، رغم مرور عقود على صدورها ، هذه الأغنية ، التي كانت الإذاعة تبثها في المناسبات الوطنية، فضلا عن أغاني أخرى طبعت المسيرة الفنية للغاوي كأغنية "نحرثو البلاد" و "حلاوة العشرة" و"ما نقول لا" و"سامعني" و"صبرت شهر نصبر سنة" و"حلفت أنا ما نبقاش نحب" و"أنا الغريب" و"بالفرحة لقاني" وغيرها من الأغاني التي تجاوزت الثمانين قطعة، والتي أداها الفنان الراحل داخل المغرب وخارجه. فالراحل محمد الغاوي، الذي وري جثمانه الثرى، أمس الأحد، بمقبرة سيدي بلعباس بمدينة سلا، كان من أهم رواد الأغنية المغربية، ومن المبدعين الذين راكموا رصيدا فنيا مهما، يتجاوز أكثر من 80 عملا فنيا، على رأسها عدد من الأغاني الوطنية التي ستظل راسخة في أذهان المغاربة. ولد محمد الغاوي بمدينة سلا سنة 1956 وترعرع بها. اهتم بالموسيقى منذ طفولته حيث انضم إلى فرقة «الجيل الصاعد» عن سن السابعة، ثم التحق ببرنامج «مواهب» التي كان يشرف عليه الفنان عبد النبي الجيراري. أمضى الغاوي في ذلك البرنامج 10 سنوات جاور فيها عدة فنانين سيشكلون الجيل الجديد من الموسيقى المغربية مثل محمود الإدريسي والبشير عبدو ومحمد بلخياط. سنة 1979 ، سجل الفنان الراحل مشاركته الأولى في مسابقة "أضواء المدينة"، التي أشرف على تنظيمها المنتج الفني الراحل حميد العلوي، وحظي فيها بجائزة أفضل صوت رجالي عن أداء أغنية "مضناك جفاه" لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. من هذه المرحلة، بدأ الغاوي في شق طريقه الفني بكل ثبات، بعد التنويه الذي وجده من قبل لجنة التحكيم آنذاك، بتفرد صوته وتميزه عن باقي الأصوات، وقد كانت ثمرة هذا التتويج، تسجيل الراحل لأغنية بالإذاعة الوطنية، بمصاحبة عزف الجوق الوطني، تحت عنوان "الغربة" سنة 1983، وتعتبر مفتاح شهرته وانطلاقته الحقيقية في مجال الفن. ولم تتوقف مسيرة الفنان الصاعد هنا، بل انطلقت معها أعداد من الأعمال الفنية، ومشاركات فنائية مع ألمع نجوم الفن آنذاك، حيث ظل الراحل الغاوي حريصا على تقديم أغانيه بأناقة وابتسامة لا تفارق محياه، خلال حفلاته التي يحييها داخل وخارج المغرب. وقد كان الفنان الراحل مولوعا بكل ما هو فني مغربي أصيل، حيث يعد من الفنانين المساهمين في تجديد الأغنية المعاصرة، عبر تخليصها من طابعها المشرقي، وتقريبها إلى موروثها المغربي بنكهة عصرية، تقربها من الأجيال المعاصرة ومن الموسيقى الشبابية التي شكلتها المجموعات الغنائية خلال فترة السبعينيات. وقد اشتهر الفنان بتواضعه وحبه لجمهوره، كما اشتهر بأدائه لأغنية جنريك المسلسل المغربي النادر راضية لسنة 1990 وهي أغنية نحرثوا البلاد ، التي لا زال يبحث عنها محبوه من خلال موقع "جوجل". كما حظي الفنان الراحل بعدد من التكريمات طيلة حياته الفنية، إذ احتفت به العديد من المهرجانات الفنية والبرامج التلفزيونية والإذاعية، اعترافا بما قدمه للأغنية المغربية وباعتباره ينتمي للجيل الذهبي الذي خلف وراءه تراثا فنيا غنائيا سيبقى خالدا في مسامع الأجيال القادمة. في سنواته الأخيرة حظي الراحل بتكريم ملكي، وتم توشيحه بوسام من درجة ضابط تقديرا لما قدمه للفن المغربي طيلة أربعين عاما الأخيرة.