خيرا فعلت الجامعة الملكية لكرة القدم بتوضيح الشرط الذي يضعه المغرب من أجل المشاركة في بطولة كأس إفريقيا للمحليين "الشأن" التي ستحتضنها الجزائر ابتداء من يناير المقبل. هذا التوضيح سيرفع الّلبس الذي حاول بعض المسؤولين الجزائريين خلقه من خلال تحميل الطلب المغربي ما لا يحتمل، وتضليل الرأي العام المحلي والإفريقي بالقول إن المغرب يشترط رحلة خاصة تنقله إلى الجزائر، بينما كان الطلب المغربي واضحا ومنسجما مع لوائح وقوانين الاتحاد الإفريقي التي تشترط تسهيل إجراءات التنقل لكل المنتخبات المشاركة. ما طلبته الجامعة الملكية لكرة القدم هو أن يتم الترخيص للناقل الرسمي للمنتخب، أي الخطوط الملكية المغربية، بالوصول إلى مطار قسنطينة بشكل مباشر، دون حاجة إلى قطع مسارات جانبية. هل الجامعة الملكية لكرة القدم جادّة في هذا الطلب؟ نعم هي جادّة كل الجدّية التي يتطلّبها حدث رياضي قارّي مثل بطولة "الشان" لكنها أيضا ليست منخرطة بهذا الأسلوب الهستيري الذي يُلاحظ لدى الجيران في الجزائر، ويظهر من خلال الحماقات التي يرتكبها الإعلاميون والمؤثرون والمسؤولون الجزائريون كل يوم، وكأن الأمر يتعلق ببطولة كأس العالم. لقد نسي هؤلاء من فرط العزلة التي يفرضها نظام الكابرانات عليهم أن الأمر لا يعدو أن يكون بطولة من الدرجة الثانية أو حتّى الثالثة، وليس مسابقة كروية من المستوى الدولي المعترف به، بل إن كثيرا من المنتخبات الإفريقية الوازنة كالمنتخب المصري والمنتخب التونسي لم تعتد أصلا على المشاركة في هذه البطولة أو لعب مبارياتها الإقصائية. يجب أن يدرك الإعلام المجنون في الجزائر أن المنتخب المغربي ليس لديه ما يربحه أو يجنيه من المشاركة في هذه البطولة المعروفة بهزالة مستواها وتدنّي درجة المنافسة فيها، وخصوصا بعد ما بلغته كرة القدم الوطنية من مستوى عالمي في منافسات كأس العالم الأخيرة بقطر. المنتخب الذي وصل إلى نصف نهائي كأس العالم كأول منتخب إفريقي وعربي يحقّق هذا الإنجاز، ستمثّل مشاركته بفريق المحليين شرفا لهذه البطولة، وشرفا للبلد الذي سينظمها. بعبارة أخرى، على الكابرانات أن يحمدوا الله ثم يشكروا الجامعة الملكية لكرة القدم لأنها التزمت بالحضور في هذه البطولة لتساهم في إنجاحها وإشعاعها القاري والدولي. أسود الأطلس، سواء من منتخب المحترفين أو المحليين يمثّلون اليوم ورقة صعبة في خارطة كرة القدم العالمية، وبالتالي فإن أي بطولة قارية أو دولية ستتطلّع إلى حضورهم لتنشيطها. ومع ذلك فإن السلطات المغربية لم تتعامل مع بطولة "الشان" بأي إحساس بالتفوق أو التميّز، كل ما طلبته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هو الالتزام بقوانين الاتحاد الإفريقي وتسهيل عملية وصول المنتخب الوطني مباشرة إلى المدينة التي ستحتضن مبارياته. وهذا عربون على هذا الرقي الذي يحرص المغرب على التعامل به مع كل ما يربطنا بالجارة الشرقية العاقّة التي تواصل الكيد لوحدة بلادنا الترابية والإساءة لها. وفي حال ما إذا أصرّت السلطات الجزائرية على رفض الطلب المغربي، وهذا هو الراجح، فإن الانسحاب من هذه البطولة سيكون هو الإجراء الضروري الذي ينبغي اتخاذه في مواجهة نظام عنيد ومتعالي كعصابة الكابرانات التي اعتادت أن تسيّس كل شيء بما في ذلك بطولة في كرة القدم من الدرجة الثانية. ولن نبالغ إذ قلنا إن على الجامعة الملكية لكرة القدم أن تتشبث بموقفها مهما كان الردّ الجزائري مراعاة لهذه السمعة الدولية والعالمية التي حقّقتها كرة القدم المغربية وحرصا على استمرار هذه الصورة المتألقة بعيدا عن هذه مهاترات الحقد الجزائري وهستيريا الإعلام المجنون.