قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء، "تهانيه الحارة" للرئيس الجزائري المنتخب مقترحا "التعاون" بين البلدين، بينما كان اكتفى في وقت سابق ب "أخذ العلم" بفوز عبد المجيد تبون الذي يرفض المتظاهرون عرضا قدمه للحوار. من جهتها أعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون اجرى اتصالا هاتفيا مع تبون "ليقدم له خالص تمنياته بالنجاح في ممارسة مسؤولياته السامية". وأضاف بيان الرئاسة الفرنسية الذي تلقته وكالة فرنس برس إن "فرنسا تقف إلى جانب الجزائر في هذه اللحظة المهمة من تاريخها" و أن الرئيسين اتفقا على "التعاون في الأزمات الإقليمية". وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية نشرته وكالة الأنباء الرسمية ان ماكرون قدم "تهانيه الحارة" لتبون "إثر نيله ثقة الشعب الجزائري عقب الاستحقاق الانتخابي في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019". وكان الرئيس الفرنسي دعا الجمعة، في أول رد فعل على اعلان فوز تبون، السلطات الجزائرية لبدء "حوار" مع الشعب الذي خرج في تظاهرات حاشدة الخميس والجمعة رفضا للاقتراع ولنتائجه. وحينها، لم يقدم ماكرون تهانيه للرئيس المنتخب واكتفى بالقول خلال مؤتمر صحافي في بروكسل "أخذت علمًا بالإعلان الرسمي عن فوز السيد تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية من الجولة الأولى"، مشدداً على ضرورة "بدء حوار بين السلطات والشعب". وأثار ذلك رد فعل قوي من الرئيس الجزائري المنتخب عند سؤاله في أول مؤتمر صحافي بعد تاكيد فوزه من الدورة الأولى. وقال وسط تصفيق مناصريه من الحضور "لن أرد عليه، هو يسوق البضاعة التي يريد في بلاده وأنا انتخبني الشعب الجزائري ولا اعترف إلا بالشعب". وأضاف بيان الرئاسة الجزائرية أن الرئيسين "اتفقا على أهمية اتخاذ الاجراءات الضرورية بما في ذلك تنشيط الآليات الثنائية المناسبة لتعزيز التشاور السياسي بين الطرفين". ويؤدي تبون، اليمين الدستورية الخميس ليبدأ مهامه رئيسا للجمهورية لولاية مدتها خمس سنوات، بحسب ما أفادت رئاسة الجمهورية. وتم انتخاب تبون من الدورة الأولى بنسبة 58,13 بالمئة في عملية الإقتراع الخميس، وفق النتائج النهائية التي اعلنها المجلس الدستوري. ويخلف تبون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي دفعته الحركة الاحتجاجية الى الاستقالة في 2 نيسان/أبريل بعد ان قضى 20 عاما في الحكم. وتولى عبد القادر بن صالح الرئاسة المؤقتة وفقا للدستور لكنه تجاوز المهلة القانونية المحددة بثلاثة أشهر. ويبدأ الرئيس الجديد ولايته في ظل اعتراض واسع من الحراك الشعبي الذي رفض عرض الحوار وكذلك نتائج الانتخابات وحتى مبدأ تنظيمها من قبل نظام يحكم البلاد منذ الاستقلال في العام 1962، ويطالب برحيله. وفي اول تصريح بعد انتخابه رئيسا للجمهورية في اقتراع اتسم بنسبة مقاطعة قياسية، عرض تبون الجمعة "حوارا جادا من اجل بناء جزائر جديدة" على الحراك الشعبي الذي قاطع انتخابات الخميس بتظاهرات حاشدة كما دأب على ذلك منذ انطلاقته في 22 شباط/فبراير. والثلاثاء تظاهر آلاف الطلاب والأساتذة والمواطنين في العاصمة رافضين عرض الحوار الذي تقدم به الرئيس المنتخب. وهذه أول تظاهرة بعد إعلان المجلس الدستوري، النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية. ووسط هتافات "الانتخابات مزوة ولا تملكون الشرعية والمسيرة مستمرة" سار المتظاهرون لمسافة كيلومترين دون حوادث في شوارع العاصمة وسط انتشار كبير للشرطة. وردّ المتظاهرون على عرض الحوار بشعارات "تبون لن يحكمنا" و"تبون سنسقطك من المرادية" في اشارة إلى قصر الرئاسة الواقع بحي المرادية بمرتفعات العاصمة الجزائرية. ووعد الرئيس المنتخب بأن أول الاجراءات التي سيقوم بها "تعديل الدستور" وتقديم النص الجديد إلى الاستفتاء الشعبي. وعلى العديد من اللافتات كتب متظاهرون الثلاثاء، ان "تعديل الدستور يكون مع رئيس شرعي". ورفض الحراك إجراء الانتخابات الرئاسية، لأنها ليست سوى وسيلة لتجديد النظام القائم، المتهم بالتزوير على نطاق واسع خلال العشرين عامًا الماضية. ويطالب بان تكون الاصلاحات السياسية تحت اشراف "مؤسسات انتقالية" وليس من طرف النظام الحاكم منذ استقلال البلاد في عام 1962. وبلغت نسبة المشاركة نحو 40 في المئة وهي أدنى نسبة في كل الانتخابات الرئاسية في تاريخ الجزائر. ومع ذلك فإن هذه الأرقام تظل مضخّمة بحسب الحراك ومراقبين. وقال سيد علي الطالب (25 عاما) "نحن لا نعترف بهذا الرئيس وبالنسبة لنا عرض الحوار الذي قدمه غير جدّي بما انه غير مرفق باجراءات تهدئة كإطلاق سراح +المعتقلين السياسيين+" في إشارة إلى نحو 150 متظاهرا وناشطا وصحافيا تم توقيفهم خلال الحراك. والاثنين دعت أحزاب ومنظمات وشخصيات من المعارضة الجزائريين الى "مقاومة الديكتاتورية" رافضين نتائج الانتخابات الرئاسية التي أدت الى فوز تبون. المصدر: الدار أ ف ب