أثارت المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 جدلا واسعا بعد أن تم إقبار المادة 8 مكرر السنة الماضية، حول تنفيذ الأحكام القضائية وعرقلتها ومنع إخضاع أموال وممتلكات الدولة للحجز. وجاء في المادة المذكورة أنه "في حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به يدين الدولة بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه ستون يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية". في هذا الإطار قال محمد الهيني المحامي بهيئة تطوان بأن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء، وعدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم له، ويؤثر بالتالي على مصداقية الأحكام وعلى ثقة المواطنين في القضاء. وأضاف بأن المادة 9 من مشروع قانون المالية رقم 70.19 لسنة 2020، والتي تعد نسخة طبق الأصل لمقتضيات من القوانين المالية السابقة، تشكل جريمة مستمرة بإزالة أي مظهر إجبارية تنفيذ الاحكام القضائية النهائية بتركها معلقة على إرادة الدولة وبمنعها الحجز على أموال الدولة، مبرزا أنها تعتبر انقلابا بحق على الفصل 126 من الدستور، وعلى ماهية الدولة الديمقراطية التي عمادها الشرعية وسيادة القانون واحترام احكام القضاء. كما تشكل هذه المادة وفق الهيني، جريمة تحقير للمقررات القضائية في أبشع صورها لأنها تهين مبدأ المساواة أمام القانون والقضاء وتخلق تمييزا للدولة عن المواطنين في مجال التنفيذ. وأكد الهيني على اعتبار الحكم الذي يلزم مالية الإدارة بمثابة أمر بالأداء ملزم لميزانية الإدارة المعنية بالتنفيذ مع وجوب تضمن هذه الميزانية لبند خاص بتنفيذ الأحكام الإدارية, مبرزا أن الإدارة ملزمة قانونا ودستوريا بالخضوع إراديا وتلقائيا للقاعدة القانونية بمفهومها الواسعة. وتنص المادة 9 من قانون المالية الجديد على أنه " يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية. وفي حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به يدين الدولة بأداء مبلغ معين ، ويتعين اللآمر بالصرف بصرفه داخل أجل 60 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي السالف ذكره في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية . وتضيف المادة المذكورة أنه يتعين على الامرين بالصرف ادراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الاحكام القضائية في حدود الإمكانيات المتاحة بميزانيتهم. وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانية السنوات اللاحقة".