رسمت النتائج الرسمية لدورة 2023 للتقييم الدولي في الرياضيات والعلوم المعروف ب"تيمس" صورة "سوداوية" للواقع الذي يعيشه قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي بالمغرب، حيث عكست حجم الاكراهات والتحديات التي تواجهها المنظومة التربوية خاصة في المواد العلمية، وهو ما دفع الكثير من المهتمين بمواضيع الدراسة إلى وضع هذه الحصيلة فوق "المشرحة" لسبر أغوار هذا الاخفاق الجديد.
واعتبر المراقبون أن هذه النتائج الرسمية الصادرة قبل أيام، والتي أعادت الحديث أيضا عن الأرقام المخيفة التي حققها التلاميذ المغاربة في البرنامج الدولي لتقييم المتعلمين "بيزا"، محطة مهمة لبسط الأسباب الحقيقية التي تجر بالمدرسة الوطنية إلى "الاندحار التربوي"، وتحقيق مراتب غير مشرفة رغم البرامج التقويمية والاستراتيجية التي تضعها الوزارة الوصية على القطاع.
وفضلا عن المطبات التي سبق وأن كشفها بعض المهتمين بالشأن التربوي بالمغرب، والتي تتمحور بين "تداعيات جائحة كورونا، وارتفاع نسبة الأساتذة المتعاقدين، وعدم تلائم المراجع البيداغوجية الوطنية مع المناهج التي يمتحن فيها التلاميذ في هذا التقييم الدولي"، فإن هناك دوافع أخرى تضع تلاميذ المدارس الوطنية في الحضيض.
وحسب أغلبهم فإن من موانع وجود المغاربة في مقدمة القائمة، هو توجه الدولة في الآونة الأخيرة إلى "فرنسة" المواد العلمية، وهو ما يعد بمثابة السبب الرئيسي في الموضوع، وأيضا التعويل على مدارس الريادة لتحسين مستوى التلاميذ وأيضا الرفع من المردودية البيداغوجية والتربوية.
نور الدين عكوري، رئيس فيدرالية جمعية أمهات وأباء وأولياء التلاميذ، أكد أن "غالبية المتتبعين يتساءلون عن أسباب احتلال التلاميذ المغاربة المراتب الأخيرة في نتائج "تيمس" الخاصة بالمواد العلمية"، مرجعا ذلك إلى "تكوين الأطر التربوية على فرنسة المواد العلمية، إذ وجد مجمل الأساتذة صعوبة في شرح الدروس بالفرنسية، لأن أغلبهم تلقوا التكوينات باللغة العربية".
وأضاف عكوري، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "ليست هناك صعوبة في تدريس المواد العلمية، لأنه مع الوقت سيتأقلم التلاميذ والأساتذة معا مع هذا التحول البيداغوجي، وأن المادة الوحيدة التي يعاني منها الطرفين حسب المعلومات التي نتوفر عليها هي مادة علوم الحياة والأرض"، مسجلا أن "أغلب التلاميذ المغاربة يواجهون صعوبات في الحساب والفرنسية وأيضا قواعد اللغة العربية".
وتابع المتحدث عينه أن "المغرب تحسنت رتبته في المستوى الابتدائي وفقد نقاطا مهمة في المستوى الإعدادي"، موضحا أن "جميع الفاعلين صراحة ينتظرون مدارس الريادة لمعالجة هذا المشكل، لأنه يمكن أن تقوم الوزارة المعنية بتمديد المهلة المحددة لهذا المشروع إلى سنة 2028".