بين ارتفاع درجة الحرارة وضعف الخدمات الصحية، تباينت أسباب وخلفيات وفاة 21 شخصا بجهة بني ملال، دفعة واحدة، في مأساة إنسانية لم يسبق لهذه الجهة، التي تعد من بين أفقر جهات المملكة، أن شهدت مثيلا لها، بالرغم من أنها عادة ما تسجل موجات حر قياسية يصبح معها مجرد استنشاق نسمة هواء أمرا صعبا.
وأفادت المديرية الجهوية للصحة ببني ملالخنيفرة بأن ال21 شخصا الذين قضوا، غالبيتهم مسنون أو يعانون أمراضا مزمنة، توافدوا على المركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال يوم الأربعاء، لكنهم أخرجوا منه جثتا هامدة، حيث تم تسجيل 4 حالات وفاة خارج أسوار المستشفى و17 حالة وفاة استشفائية.
وبالرغم من أنها فتحت تحقيقا في النازلة لاستجلاء الأسباب الحقيقية وراء هذا الحادث الأليم، إلا أن مديرية الصحة بجهة بني ملال استبقت نتائج البحث المباشَر لتخلص إلى أن "الارتفاع الكبير في درجات الحرارة" وراء تدهور الحالة الصحية لهؤلاء المواطنين ما أسفر عن مفارقتهم الحياة، لكن معطيات الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تفنذ رواية الجهات الرسمية.
رفاق عزيز غالي بجهة بني ملال كانوا واضحين وهم يضعون أصبعهم على مكمن الداء، فقد عددوا ضمن بيان اطلعت عليه "الأيام 24″، مظاهر ضعف الخدمات الصحية بالمركز الاستشفائي حيث نقل الضحايا، والإهمال غير المقصود الذي تعرضوا له ما تسبب في نهاية المطاف في وفاتهم.
ومن بين المعضلات التي سجلها الحقوقيون، "الاكتظاظ الملحوظ بقسم المستعجلات التابع للمركز الاستشفائي حيث تنتفي كل شروط احترام الكرامة الإنسانية نتيجة النقص الحاد في الموارد البشرية، وضعف التجهيزات الطبية وقلة الأسرة وعدم توفير مكيفات الهواء، بالإضافة إلى الخصاص الحاد في الأطقم الطبية والتمريضية، وغياب الأدوية، بما فيها الأدوية الخاصة بالأمراض التنفسية".
ما تحدث عنه حقوقيو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكدته مصادر طبية ل"الأيام 24″، تحفظت عن كشف هويتها للعموم، مقرة بأن مستعجلات المركز الاستشفائي الجهوي لم تكن مزودة بمكيفات هوائية على مستوى قاعة الصدمات ولا بقنينات الأوكسيجين الضرورية لإسعاف المرضى، وهو ما يرجح وقوع هذه الكارثة بهذه الحصيلة الثقيلة في الأرواح، لافتة إلى أنه لم يتم تزويد قسم المستعجلات بها إلا بعد هذا الحادث.
وتزامنا مع ما حدث، سارعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى إصدار رزمة من المحاذير، معلنة اتخاذها عددا من الإجراءات والتدابير الاستعجالية للتصدي للآثار الصحية الناتجة عن موجة الحر بالمملكة.
وقالت الوزارة إنه تم تفعيل نظام المداومة في المؤسسات الصحية بالمناطق التي تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة، والذي يشمل تعبئة مهنيي الصحة من أطباء وممرضين، وسائقي سيارات الإسعاف، بالإضافة إلى توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لتقديم العلاجات اللازمة.
كما أوصت المواطنين باتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من الأضرار الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، خاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر من أطفال ونساء حوامل، ومسنين ومصابين بأمراض مزمنة.