انطلقت اليوم الإثنين بالمحكمة الابتدائية بتطوان، أول جلسة محاكمة الاتحادي أنس اليملاحي نائب رئيس جماعة تطوان ومستشار وزير العدل السابق محمد بنعبد القادر، المتابع على ذمة ملف "الوظيفة مقابل المال".
ومثل اليملاحي أمام هيئة الحكم في حالة اعتقال بتهمة "النصب والاحتيال"، مؤازرا بدفاعه الذي تقدم بطلب يقضي بتمتيعه بالسراح المؤقت، نظرا لوجود جميع ضمانات الحضور والاستجابة إلى العدالة، ولكون الفعل الجرمي، على حد وصفه، لا يشكل أي خطورة على المجتمع.
واعتبر محامي المتهم الذي يشتغل في نفس الوقت أستاذا جامعيا، أن الردع العام والخاص تحقق من خلال ما نشرته الصحف وما تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي بخصوص هذا النازلة، مؤكدا أن الصورة التي باتت لدى موكله أمام الرأي العام تعد في حد ذاتها عقوبة، وستكون كافية لردعه.
من جهته، أكد دفاع المشتكي تنازله لفائدة المتهم وفوض للهيئة النظر في الملف، في وقت عارضت فيه النيابة العامة متابعة المعني بالأمر في حالة سراح، مشددة على أنه اعترف بالمنسوب إليه، إلى جانب كون الأفعال الجرمية التي اقترفها خطيرة، لتقرر هيئة الحكم حجز الطلب للمداولة وتأخير الملف إلى جلسة الإثنين 13 ماي الجاري.
وتعود تفاصيل هذه القضية المثيرة إلى تاريخ 18 مارس الفائت، عندما وضع الرئيس السابق لجماعة الجبهة بإقليم تطوان المعتصم أمغوز، شكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان، ضد أنس اليملاحي، كشف فيها أنه سلَّم المشتكى به مبلغا ماليا تقدر قيمته ب30 مليون سنتيم على سبيل الرشوة نظير ضمان نجاح زوجته في مباراة للمنتدبين القضائيين، لتزامن ذلك الامتحان مع الفترة التي كان خلالها اليملاحي يشغل منصب مستشار وزير العدل محمد بنعبد القادر في حكومة سعد الدين العثماني.
المعطيات الواردة في الشكاية التي كانت النيابة العامة قد أحالتها على الشرطة القضائية بتطوان خلال نفس شهر تسلمها، تشير إلى أن أمغوز تعرَّض إلى عملية نصب واحتيال من طرف المشتكى به أنس اليملاحي، بعدما عمد الأخير إلى إيهام الضحية بأنه يتوفر على نفوذ وتدخلات بوزارة العدل تسمح له بتوظيف زوجته في أحد المناصب المهمة بالوزارة، أو ضمان نجاحها في مباراة المنتدبين القضائيين، غير أن هذه الوعود تكسرت على صخرة الواقع، ليجد المشتكي نفسه أمام مخطط تدليس.
كما تتضمن الوثيقة نفسها ملحقا يضم بعض الأسماء التي قال أمغوز إنها شهدت الواقعة، بينها البرلماني عن دائرة تطوان حميد الدراق، رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية، الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية ومالك جريدة محلية.
لدى انكبابها على هذا الملف، وجّهت الشرطة القضائية بتطوان استدعاءات إلى اليملاحي للاستماع إليه في ما يدعيه متهمه، غير أنه ماطل في الاستجابة إليها، ليتبين لاحقا أنه غادر المغرب صوب إسبانيا من معبر باب سبتة الحدودي، لكن بمجرد أن حط الرحال بمطار الرباط بحر الأسبوع الفائت، حتى اقتاده الضباط إلى التحقيق الذي ظل منذ شهر مارس يتهرب منه.
منذ توقيفه بالمطار واقتياده إلى مقر الشرطة بالعاصمة الرباط للتحقيق معه، مرورا بعرضه على الحراسة النظرية ثم مثوله أمام غرفة جرائم الأموال باستئنافية الرباط، عرفت قضية اليملاحي تطورات متسارعة؛ ففي وقت كان يواجه فيه "تكوين شبكة للتوظيفات الوهمية" أسقطت عنه النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط هذه التهمة، ليتقرر ترحيل ملفه إلى المحكمة الابتدائية الزجرية بتطوان، بدعوى عدم الاختصاص.