ظهر اختلاف بين فقهاء الدستور حول المخارج الدستورية التي ينطبق عليها الحال ضمن التعاقد الدستوري، عقب الأزمة السياسية والاجتماعية التي يعرفها المشهد السياسي، وما تخلله من خلافات حادة بين الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، وخلق جوا من الاشتغال بين مكوناتها التي تختلف توجهاتها بين الإسلامي واليساري والليبرالي. وفي ظل هذه الأزمة السياسية التي يشهدها المغرب، وفي انتظار خطاب ثورة الملك والشعب ل 20 غشت، اتجه البعض لإعمال حالة الحصار كمخرج دستوري من قبل الملك. هذا الطرح تشرحه شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية، ل "الأيام 24"، وتؤكد بأن هناك من اتجه إلى إمكانية تفعيل الفصل 74 من الدستور بإعمال حالة الحصار لكون أنه ليس هناك إلا مشكل واحد والمتمثل في حراك الحسيمة، وما نجم عنه من حركات احتجاجية، مشيرة بأن المشكل الحقيقي يوجد في مؤسسة الحكومة وفي المشهد السياسي، الذي يكبح اعتماد الآليات الطبيعية للرقابة وتحميل المسؤولية السياسية، في وقت يلزم الفاعلية لتوطيد المؤسسات الدستورية و استحقاقات المغرب نحو أفريقيا. وتؤكد لموير، بأن إعمال طرح حالة الاستثناء، إجراء عملي ينظمه الفصل 59، والتي تخول اتخاذ تدابير خاصة لا تعرقل السير العادي للمؤسسات أو تهدد الوحدة الترابية على العموم، مبرزة، بأن الفرق هو أن حالة الاستثناء هي حالة واسعة النطاق بحيث إنها قد تشمل أي حدث يدخل في مجال أركانها الموضوعية، وبأنه لو تعرضت الدولة للحصار من جهة معينة، فإن من النتائج التي قد تترتب عنها هو تعرض السير العادي لمرافق الدولة للاختناق بحيث لا تقوم بعملها على أكمل وجه، وهو ما يساير الركن الجوهري الثاني لحالة الاستثناء، مضيفة بأنه إذا كان الحصار عسكريا فإننا نمر إلى الركن الموضوعي للحالة الأول لحالة الاستثناء، الأمر الذي يؤدي إلى تطبيق مسطرة الإعلان عن حالة الاستثناء بموجب الفصل 59 من الدستور، وهو ما يجعل حالة الحصار تدخل ضمن الفصل 59، مما يخول للملك وفق الفصل 42 الفقرة الأخيرة. وأوضحت المحللة السياسية، في ذات التصريح، بأنه في هذه الحالة فإن الأقرب لحل الأزمة، هو إعمال حالة الاستثناء على حالة الحصار الذي يروج لها البعض، لكون حالة الاستثناء تكون دوما متصلة بعنصر الاستعجال، وهو ما يظهر من صياغة الفصل 59 ذاته حيث أن اللجوء إلى حالة الاستثناء لا يكون بعد حصول الخطر، وإنما يكون قبل حدوثه لتجنب هذا الخطر، وهذا يُظهر حقيقة العبارة الآتية "اذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة..." ، "مايعرقل السير العادي...". إذن، تشرح لموير، فكلمة التهديد والعرقلة هنا ببساطة تعبر عن مقدمات الخطر، وليس الخطر في حد ذاته، ولذلك فان الفصل 59 لم يعقّد مسطرة اللجوء إلى حالة الاستثناء لعلة الاستعجال. وأكدت لموير، أنه بعودة حالة الاستقرار الدستوري تعود المؤسسات إلى عملها العادي، بحيث يتم حينه إعمال حالة الاستثناء بمقتضى ظهير، بعد إجراء الاستشارة، وتوجيه الخطاب إلى الأمة، وهو ما يتطلب وقتا طويلا ينافي عنصر الإستعجال والفاعلية المطلوبة.