ما إن وطأت قدما رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الجزائر ضمن زيارة رسمية مفاجئة تأتي في سياق تقارب لافت بين البلدين في الآونة الأخيرة، حتى تسرب الشك والريبة في الداخل المصري الذي تمر علاقته بأديس أبابا بأحلك ظروفها بسبب تداعيات أزمة سد النهضة ومياه النيل. الجزائر التي تبحث عن إعادة تشغيل آلتها الدبلوماسية واللعب على حدود خطرة في علاقاتها ببعض الدول على غرار الأزمة بين القاهرة وأديس أبابا، حيث ترى أوساط مصرية أن الأمر يضر بمصالحها العليا فيما يخص النزاع المائي مع حكومة أثيوبيا.
النيل وبرود في العلاقات
ويتردد منذ فترة وجود برود في العلاقات الجزائرية المصرية بسبب اختلاف وجهات النظر في عدة مسائل بينها الموقف من إثيوبيا. وما يتم تسويقه في هذا الشأن، دعم مفترض من الجزائر لإثيوبيا في قضية سد النهضة، استنادا إلى لقاء جمع وزير الموارد المائية الجزائري مع السفير الإثيوبي في الجزائر شهر ماي الماضي.
ومن الجانب الرسمي، تتمسك الجزائر بموقفها الذي تم التأكيد عليه خلال زيارة الرئيس عبد المجيد تبون للقاهرة في يناير الماضي، حيث ورد في الإعلان المشترك للزيارة، أن البلدين "توافقا على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وبما يحقق مصالح الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا بشكل عادل ومنصف".
وسعت الجزائر قبل ذلك، للوساطة في الملف سنة 2021 من خلال تحركات وزير الخارجية رمطان لعمامرة الذي زار الدول الثلاث خلال أزمة الملء الثانية، لكن هذه الوساطة تعطلت بفعل تعقيدات الملف وإصرار كل طرف على موقفه.
ويؤكد مراقبون أن الجزائر لا تعمل من أجل حل عادل للقضية لكنها فقط تريد أن تمارس وساطة كي تعيد دورها الدبلوماسي، بل ترى القاهرة أن الجزائر تساعد إثيوبيا كأداة ضغط على مصر، خاصة بعد المعاملة الخاصة التي حظي بها الوفد الإثيوبي أثناء الاحتفالات بذكرى استرجاع الاستقلال.
في المقابل، يلاحظ تقارب ودفء في العلاقات المصرية المغربية، تجلت في دعم القاهرة لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، ما يفتح الباب لشراكة عميقة بين البلدين، ما يُفسر اختيار الجزائر الاتجاه إلى إثيوبيا التي تهدد الأمن المائي المصري.
العلاقات المصرية الجزائرية التي تطبعها إرهاصات أزمة تأتي في إطار الجدل حول إمكانية انعقاد أو تأجيل القمة العربية المنتظر إجراؤها بالجزائر شهر نونبر المقبل، حيث يبدو أن علاقة النظام الجزائري تتجه إلى الأزمة مع بعض الدول العربية، قطع العلاقات مع المغرب، والتقارب الجزائري الإيراني ومثله مع إثيوبيا وخلاف حول الأزمة اللليبية.