بعد يومين من الزيارة الرسمية التي قام بها إلى الجزائر، أعلنت ثلاثة أحزاب منضوية في ائتلاف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الأربعاء أنها لن تشارك في تصويت الثقة بحكومته، بعدما فشلت مفاوضات هدفت إلى إيجاد أرضية مشتركة بين كل الأطراف. وكان رئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي ترأس الإثنين في الجزائر مع الرئيس عبد المجيد تبون القمة الجزائرية-الإيطالية الرابعة التي وق ه خلالها البلدان عددا من الاتفاقيات، لا سيما لزيادة إمدادات الغاز الجزائري إلى روما.
وتهدف القمة التي شارك فيها أيضا ستة وزراء إيطاليين "إلى تأكيد الشراكة المتمي زة في قطاع الطاقة" بين البلدين، بحسب بيان لمكتب دراغي.
وأفاد حزب "فورزا إيطاليا" (يمين وسط) و"الرابطة" (يسار متشدد) و"حركة خمس نجوم" الشعبوية مجلس الشيوخ بعدم نيتها التصويت، ما يعني وأد مساعي دراغي لحل أزمة سياسية ستؤدي إلى استقالته وإجراء انتخابات مبكرة.
وبحسب وسائل الإعلام الإيطالية، ينتظر أن يقدم دراغي الخميس استقالته إلى رئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا.
وكان دراغي قد تولى رئاسة حكومة "وحدة وطنية" في مطلع العام 2021 مهمتها التصدي للجائحة والأزمة الاقتصادية التي نجمت عنها. لكن ه قد م في 14 يوليوز استقالته لماتاريلا الذي سارع لرفضها.
واعتبر دراغي أن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها وتضم أطيافا تراوح من اليسار وصولا إلى اليمين المتطرف، لم تعد شرعية بعد مقاطعة حركة خمس نجوم التي تشهد خلافات في صفوفها وتدهورا في شعبيتها، في اليوم نفسه تصويتا على الثقة في مجلس الشيوخ.
وأكد دراغي في خطابه أمام مجلس الشيوخ أن "الحل الوحيد، إذا كنا لا نزال نريد البقاء معا، يكمن في إعادة بناء هذا الميثاق من أساساته، بشجاعة وتفان ومصداقية"، مضيفا "هذا ما يطالب به الإيطاليون".
ودراغي حاكم سابق للمصرف المركزي الأوروبي، وتظهر الاستطلاعات أن ثلثي الإيطاليين يتمن نون أن يبقى "سوبر ماريو" على رأس الحكومة.
وشدد دراغي على أن "إيطاليا قوية بوحدتها"، مضيفا أن التحديات المحلية من إنعاش اقتصادي ومكافحة التضخم وإيجاد وظائف، والخارجية من تحقيق الاستقلالية على صعيد الطاقة والحرب في أوكرانيا، التي تواجهها إيطاليا والاتحاد الأوروبي "تتطلب حكومة تكون حقا قوية ومتضامنة وبرلمانا يواكبها عن قناعة".
وبدا المصرفي البالغ 74 عاما والذي لم يتول سابق اي منصب سياسي، حازما مع الأحزاب السياسية بقوله "إيطاليا ليست في حاجة إلى ثقة صورية تختفي أمام تدابير صعبة يتعي ن ات خاذها". ووج ه سؤالا مباشرا إلى الأحزاب والبرلمانيين قائلا "هل أنتم مستعدون لإعادة بناء هذا الميثاق؟ هل أنتم مستعدون للتأكيد على هذا الجهد الذي بذلتموه في الأشهر الأولى والذي ضعف لاحقا؟". وأكد دراغي أن "كل الإيطاليين" يريدون "إجابة على هذا السؤال".
وقال زعيم الحزب الديموقراطي إنريكو ليتا إن "الإيطاليين سيظهرون في صناديق الاقتراع أنهم أكثر حكمة من ممثليهم"، في إشارة إلى الانتخابات المبكرة التي قد تؤدي إلى استقالة دراغي. في النهاية، بقي الوسط واليسار فقط بجانب الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي.
واعتبر المفوض الأوروبي للاقتصاد الإيطالي باولو جينتيلوني أن الأحزاب التي انشقت "لا تتمتع بالمسؤولة". من جهته، اعتبر وزير الخارجية لويجي دي مايو أنها "صفحة سوداء في إيطاليا".
وأيا تكن النتائج، تعتبر وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن الأوضاع تعكس "ضبابية سياسية كبرى حتى وإن تم تجنيب البلاد انتخابات مبكرة"، ما يزيد من صعوبة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمالية.
وتترقب الأسواق الأوضاع عن كثب. وارتفعت كلفة ديون إيطاليا مجددا وتراجعت بورصة ميلانو الأربعاء، في دليل على توتر السوق بشأن حالة عدم اليقين في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.