ماتزال أصداء الموقف الإسباني التاريخي وغير المسبوق بشأن الصحراء المغربية، يثير الكثير من الصدمة والدهشة لدى قيادات جبهة البوليساريو، ما دعاها في مناسبات متعددة إلى إستنكار الخطوة الإسبانية حول دعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء.
آخر "شطحات" التيه التي أصابت قيادات الجبهة الإنفصالية ما حاول زعيمها، ابراهيم غالي، إخفاؤه في حوار أجراه مع صحيفة "إلموندو" الإسبانية، أمس الأحد، وخلاله عمد زعيم البوليساريو إلى تكرار نفسه وبلاغات الجبهة التي تأتي كلما كان يرتبط بالمغرب، موجها نقده للحكومة الاشتراكية، معتبرا أن موقفها "يفتقد إلى المصداقية والمسؤولية والواقعية".
وخلف الموقف الإسباني أثرا بالغا في الجبهة، فقد لجأ ابراهيم غالي إلى مراوغة أسئلة الصحيفة، أويجيب عنها بتحفظ كبير، وفي كثير من الأحيان خارج النص والسياق، ما يعكس حالة من الشعور السائد والذي تميزه الصدمة، في وقت لا زال زعيم الانفصاليين متشبثا بأوهامه، ومصدوما من الموقف الجديد.
وفي حواره، قال إن الموقف الإسباني "يتعارض مع الشرعية الدولية، ويتجاوز كل الخطوط الحمراء"، داعية القوى السياسية الإسبانية إلى الضغط على حكومتها بشأن قضية الصحراء المغربية.
سألته الصحيفة، كيف غيّر سانشيز موقفه مُذكرة إياه بخطاب ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، حين تساءل "هل تريد إسبانيا التضحية بعلاقاتها مع المغرب من أجل إبراهيم غالي؟". لكن الأخير اختار الإجابة مرة أخرى بعيدا عن سياق السؤال.
وما يعمق تراجع البوليساريو وفشل رهانها التصعيدي، وفق خبراء، هو أن القرار الإسباني بتأييد المقترح المغربي القاضي بمنح الصحراء حكما ذاتيا، يأتي أيضا بعد قرارات مشابهة لمجموعة القوى الدولية الوازنة، خاصة الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، والموقف الفرنسي التقليدي الداعم للمغرب.
في غضون ذلك، حاولت أسئلة الصحيفة النبش في خلفيات التأثير وكذا تذكير غالي بما اقترفه في حق الصحراويين الذي وضعوا شكايات قضائية يطالبون بمحاسبته لدى القضاء الإسباني، ومعرفة موقفه في تهم الاغتصاب وتجنيد الأطفال وتعذيب صحراويين في السبعينات، لكنه افتقد شجاعة الإجابة.
واتفق المغرب وإسبانيا على مرحلة جديدة في علاقتهما، أساسها احترام الوحدة الترابية للمغرب. وتستعدان لتنظيم زيارة سيقوم بها بيدرو سانشيز ووزير خارجيته خوسي ألباريس عما قريب لتأكيد هذه الإرادة من الجانبين.