طالما كان الاقتصاد الوطني تحت رحمة الطبيعة والتغيرات المناخية المتحكمة في طبيعة المنتج الغذائي، إذ يعتمد الانتاج الزراعي بوجه كامل على كميات الأمطار التي تهطل سنويا، مايعني ارتهان طبيعي يحد من القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ومساهمته في نسب النموس السنوي. يعيش المغرب اليوم تغيرات مناخية وموسم يخيم عليه قلة التساقطات ما يثير المخاوف ويفاقمها إزاء الوضع الاقتصادي والاجتماعي لساكنة الوسط القروي، ما يستعدي حسب خبراء بحث سبل جديدة تكون أساسها فلاحة ذكية اعتمادا على التكنولةجيا الزراعية التي تستخدم المعلومات والاتصالات وبيانات الأنظمة البيئية لدعم تقديم المعلومات والخدمات للمزارعين في الوقت المناسب وتطويرها، لجعل الزراعة عملية مربحة ومستدامة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا. وأضحت التغيرات المناخية بادية أكثر من ذي قبل بسبب الجفاف والفيضانات إذ يمس المغرب زهاء 90 في المائة من هذه الظواهر كل سنتين، ما يفرضه ذلك من قلة في المخزون الباطني للمياه، والتهديدات بشحه في قادم السنوات. مخطط الفلاحة الذكية يعني فلاحة مستدامة، بعيدا عن مما تتعرض له الفرشة المائية من استهلاك مفرض خاصة بالنسبة للبطيخ والحوامض والأفوكادو، هذا يطرح وفق خبراء التفكير في استعمال ترجمة وانخراط برامج تحلية مياه البحر لهذا الغرض لتخفيف الضغط على المياه الجوفية. وتناهز المساحة المزروعة بالحبوب بالبلاد، في الوقت الحالي مليون هكتار، فيما تقدر المساحة الاجمالية المحروثة بحوالي 3 مليون هكتار. وتظل الزراعة الرقمية حلا ضروريا في المستقبل، إبان زمن يشهد فيه المغرب على غرار دول العالم تغيرا مناخيا، حيث يتم الاستناد على جرارات ذكية تعرف مكان وجودها في الحقول، واستخدام أجهزة الاستشعار وأنظمة الري الدقيقة الموفرة للمياه، علاوة عن توفير المعلومات الضرورية للمزارعين في الوقت المناسب باستخدام الحوسبة السحابية والتطبيقات الذكية، إذ يتلقى المزارعون توصيات سهلة الاتباع للري، واستخدام المبيدات والتسميد وغيرها من الممارسات الزراعية المستعملة لتحسين المحصول، وزيادة كميته مع توفير كبير في التكاليف المادية. الزراعة التقليدية مكلفة ماديًا، فمن تهيئة التربة واستقبال البذور إلى استخدام الأسمدة لتخصيب التربة، واستعمال المبيدات الحشرية لمكافحة الآفات والأمراض، وصولًا إلى مرحلة الحصاد، كلها عمليات تحتاج إلى كثير من المال، وتستهلك الأسمدة والمبيدات على سبيل المثال جزءا كبيرًا من الاستثمار الزراعي. وفضلا عن التوفير الكبير في الأموال وزيادة الإنتاج، فإن الزراعة الرقمية تسهم بوجه فعال في حماية البيئة، إذ تعدّ الزراعة التقليدية من أكبر مصادر التلوث، وخصوصا انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ساهم سلبا في تغير المناخ على مستوى العالم.