وقعت الإمارات مع فرنسا الجمعة اتفاقية قياسية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال خلال زيارة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى دبي في بداية جولة خليجية تشمل قطر والسعودية. وإلى جانب الطائرات المقاتلة، وقعت أبوظبي اتفاقية لشراء 12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال". وتبلغ قيمة العقدين بحسب الرئاسة الفرنسية 17 مليار يورو، بينها 14 مليار دولار لاتفاقية رافال وحدها.
رأت الرئاسة الفرنسية في بيان صحافي أنه "انجاز كبير للشراكة الاستراتيجية بين البلدين" الحليفين، مشددة على أهمية القواعد العسكرية الفرنسية الثلاث في البلد الخليجي الثري.
وقال ماكرون في تصريح للصحافيين "هذا الالتزام الفرنسي في المنطقة، وهذا التعاون النشط في مكافحة الإرهاب، والمواقف الواضحة التي اتخذناها تعني أننا زدنا من قربنا من دولة الإمارات العربية المتحدة".
وتابع "في الوقت الذي أثاروا (الإماراتيون) فيه بلا شك المزيد من التساؤلات حول شركاء تاريخيين آخرين، اعتقد أن هذا (الاتفاق) يقوي موقع فرنسا"، مشددا على أن أبوظبي ترى في فرنسا "شريكا قويا".
وتابع ان باريس شريك "يفي" بتعهداته ويمكن "الاعتماد عليه".
من جهته، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة داسو للطيران المصنعة لطائرات رافال إريك ترابيير ان الطلبية "نجاح فرنسي يؤكد العلاقة الاستراتيجية التي توحد بلدينا".
تم التوقيع على الاتفاقية بينما كان ماكرون يجري محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في موقع إكسبو 2020 دبي، في بداية جولة خليجية تقوده أيضا إلى قطر والسعودية.
وتهدف هذه الطلبية التي سيتم تسليمها بين 2027 و2031، إلى استبدال 60 طائرة من طراز "ميراج 2000-9" التي حصلت عليها الإمارات في عام 1998. وتأتي بعد عشر سنوات من مفاوضات انطلقت بدعم من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
ومنذ ذلك الحين، حققت رافال نجاحا دوليا على الرغم من المنافسة من الطائرات الأميركية والأوروبية الأخرى. لديها الآن ستة زبائن أجانب هم إضافة إلى الإماراتقطر (36 طائرة) والهند (36) ومصر (30 طائرة جديدة بالإضافة إلى 24) واليونان وكرواتيا.
تأتي الإمارات في المرتبة الخامسة من بين الزبائن الأكثر أهمية للصناعات الدفاعية الفرنسية في الفترة بين 2011-2020، مع طلبات شراء بلغت قيمتها 4,7 مليارات يورو، بحسب تقرير تم تقديمه للبرلمان حول صادرات الأسلحة الفرنسية.
لكن خلال السنوات الأخيرة، تعرضت باريس لانتقادات على خلفية استخدام هذه الأسلحة في النزاع في اليمن حيث تقود السعودية تحالفا عسكريا يضم الإمارات لدعم الحكومة في مواجهة المتمردين الحوثيين الموالين لإيران، وسط اتهامات لجميع أطراف النزاع بارتكاب انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.
وقال المرشح لانتخابات الرئاسة المؤيد لشؤون البيئة يانيك جادو، والذي كان أحد قادة منظمة غرينبيس، إن "فرنسا تخجلنا عندما تسلح الأنظمة الاستبدادية التي تحتقر حقوق الإنسان والتي ت بنى ثروتها على الوقود الأحفوري".
يرافق إيمانويل ماكرون وفد كبير من الوزراء يضم وزير الخارجية جان إيف لودريان والاقتصاد برونو لومير والجيوش فلورنس بارلي بالإضافة إلى رؤساء شركات وق عوا بدورهم سلسلة من الاتفاقات مع شركات إماراتية.
وأعلن الصندوق السيادي الإماراتي "مبادلة" عن تعه دات بقيمة ثمانية مليارات يورو، بينها ستة مع وزارة الاقتصاد، وذلك بهدف زيادة استثماراته في الشركات الفرنسية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تمديد الاتفاقية القائمة بين اللوفر أبوظبي والمتحف الأم في باريس لمدة عشر سنوات حتى عام 2047، على أن تسد د أبوظبي مبلغ 165 مليون يورو قيمة التمديد.
وصل ماكرون إلى دبي بعد يوم من احتفال الدولة الخليجية بالذكرى الخمسين لتأسيسها. وكان اكسبو 2020، الحدث العالمي الذي ينظ م لأول مرة في الشرق الأوسط، أحد مواقع الاحتفالات بذكرى قيام الدولة الثرية.
وستكون جولة ماكرون سريعة في الخليج إذ تستمر يومين، وبعد دبي سيتوجه إلى قطر مساء الجمعة ومن ثم السبت إلى مدينة جدة في السعودية.
وسيلتقي الرئيس الفرنسي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
من المفترض أن يتم خلال الجولة بحث القضايا الاستراتيجية الأساسية في المنطقة: مكافحة الإرهاب والتطرف وأزمة لبنان والانتخابات في ليبيا والنووي الإيراني وغيرها.
وأكد الإليزيه أن ماكرون "يواصل التزامه" منذ بدء ولايته الرئاسية في عام 2017، الذي يهدف إلى "المساهمة في استقرار" المنطقة الممتدة من "المتوسط حتى الخليج".
ويوضح أحد مستشاري الرئيس أن فرنسا تقدم نفسها "كقوة توازن من خلال تعزيز الحوار مع وبين مختلف الفاعلين" في المنطقة و"كشريك أساسي وموثوق".
وكان مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية أنور قرقاش أكد الثلاثاء أنه في مواجهة الازمات الإقليمية فإن "البلدان مثل فرنسا لديها دور للقيام به"، موضحا "مواقفنا متقاربة جدا" حول القضايا الاستراتيجية.
في جدة، يعقد ماكرون "لقاء معمقا "مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب الإليزيه.
وسيكون ماكرون من أوائل المسؤولين الغربيين الذين يلتقون ولي العهد السعودية منذ الأزمة الدبلوماسية التي أعقبت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر 2018.
وقال ماكرون ردا على سؤال حول اللقاء مع ولي العهد السعودي "من يظن لثانية واحدة أننا نساعد لبنان وأننا نحافظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط إذا أوقفنا التحدث مع السعودية البلد الأكثر اكتظاظ ا بالسكان والأكثر أهمية بالنسبة للخليج؟".
وتابع "هذا لا يعني أنني أنسى (…) ولكننا نعمل من أجل بلدنا ومصلحة المنطقة".