ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتباس الحراري: محطات ضخمة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون قد تغير شكل المناخ على سطح كوكب الأرض

يتطلب العمل على خفض درجة حرارة كوكب الأرض، من خلال تقليص وجود ثاني أكسيد الكربون من الهواء على نطاق واسع، إقامة آلاف المحطات البيئية الجديدة في مختلف أنحاء العالم، لكن ما الذي تحتاجه هذه المحطات لتحقق أهدافها؟
تخيل أنك في عام 2050، تخرج من متحف للنفط في مدينة ميدلاند بولاية تكساس، وتتجه شمالا عبر الصحراء القائظة التي تتناثر فيها بضع مضخات لآبار النفط تحت لهيب الشمس، ثم يظهر أمامك قصر براق يرتفع وسط الأراضي المسطحة. وتغطي الأرض ألواح كهروضوئية شاسعة تمتد في جميع الاتجاهات، وتتقاطع على مسافة بعيدة مع جدار رمادي هائل مكون من خمسة طوابق ويمتد على مسافة كيلومتر. وقد تلمح خلف الجدار الأنابيب الملتوية وأبراج محطة معالجة كيماوية.
وإذا اقتربت من الجدار ستراه يتحرك ويتلألأ، فهذا الجدار مؤلف من مراوح ضخمة داخل صناديق من الفولاذ، قد يخيل إليك أنه مكيف هواء عملاق، تضخم لأبعاد غير عادية. وربما تكون محقا.
فهذا الجدار هو محطة احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة، وهي واحدة من عشرات الآلاف من المحطات المماثلة المنتشرة حول العالم. وهذه المحطات مجتمعة قد تسهم في تبريد كوكب الأرض من خلال سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء.
في القرن العشرين، اجتذبت هذه المنطقة في تكساس الأنظار بعد أن استخرجت منها مليارات البراميل من النفط من أعماق الأرض. والآن يُسحب ثاني أكسيد الكربون الذي خلفته عمليات استخراج النفط من الهواء لإعادته مرة أخرى إلى مكامن النفط الخالية.
ربما أصبحنا في حاجة ماسة الآن لهذه المحطات في مختلف أنحاء العالم إذا كنا نريد تحقيق أهداف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض في حدود 1.5 درجة مئوية بحلول 2100.
لكن بالعودة إلى عام 2021، سنجد أنه في بلدة سكواميش بمقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا، توضع اللمسات الأخيرة على جهاز بحجم الحظيرة مغطى بقماش التربولين الأزرق قبالة الجبال المغطاة بالجليد وسط المزارع الخضراء الممتدة على مرمى البصر. ومن المقرر تشغيل هذا النموذج الأولي لمحطة احتجاز الكربون من الهواء مباشرة الذي طورته شركة "كربون إنجنيرنغ" للطاقة النظيفة في كندا، في سبتمبر/أيلول، بعدها ستبدأ المحطة في سحب طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء سنويا. وثمة محطة أخرى أكبر حجما قيد الإنشاء في تكساس.
ويقول ستيف أولدهام، الرئيس التنفيذي بشركة "كربون إنجنيرنغ": "إن أزمة تغير المناخ سببها ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وقد تسهم محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة في إزالة أي انبعاثات نتجت في أي مكان وفي أي لحظة".
وتستخدم معظم أجهزة احتجاز غازات الاحتباس الحراري لتنقية الانبعاثات من المصدر، إذ توضع أجهزة تنقية الغازات والمرشحات على المداخن لمنع الغازات المضرة من الوصول إلى الغلاف الجوي. لكن هذه الأجهزة ليست عملية مع مصادر الانبعاثات الصغيرة مثل السيارات التي قد يناهز عددها على ظهر الكوكب مليار سيارة. ولن تصلح أيضا لسحب ثاني أكسيد الكربون الموجود بالفعل في الهواء. ولهذا فإن البديل الأكثر فعالية هو محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة.
وقد لا تكفي أيضا إقامة مجتمعات خالية من الكربون لحمايتنا من العواقب الكارثية لتغير المناخ. إذ حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن الحد من الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول 2100 سيتطلب استخدام تقنيات، مثل احتجاز الكربون من الهواء مباشرة، من أجل إزالة التخلص من أكسيد الكربون على نطاق واسع. ويقصد بذلك إزالة مليارات من الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
وتعهد إيلون ماسك مؤخرا بدفع مبلغ 100 مليون دولار لبناء محطات احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، في حين تستثمر شركات مثل "مايكروسوفت" و"يونايتد آيرلاينز" و"إكسون موبيل" مبالغ تتجاوز مليار دولار في مشروعات في هذا المجال.
وتقول جين زيليكوفا، عالمة مناخ بجامعة ويومينغ: "بحسب الإحصاءات الحالية، سنحتاج لإزالة 10 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول 2050، وسيتضاعف هذا الرقم بنهاية القرن. وفي الوقت الحالي لا نزيل أي انبعاثات قط".
وقد صُممت محطة "كربون إنجنيرنغ" في سكواميش لتكون بمثابة حقل تجارب لاختبار التقنيات المختلفة في هذا المجال. لكن المؤسسة تعتزم إقامة محطة أكبر حجما في حقول النفط غربي تكساس لإزالة مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا. لكن أولدام لا ينكر أنه لا يزال أمامهم مهمة جسيمة، ويقول: "نتطلع لسحب 800 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهذا لن يحدث بين عشية وضحاها".
أفكار خلاقة
وثمة طرق عديدة لاحتجاز الكربون من الهواء مباشرة، لكن النظام الذي طورته شركة "كربون إنجنيرينغ" يعتمد على مراوح لسحب الهواء الذي يحتوي على ثاني أكسيد الكربون بنسبة 0.04 في المئة، ثم تمريره عبر مرشح مشبع بمحلول هيدروكسيد البوتاسيوم، الذي يعرف اختصارا باسم البوتاس الكاوي. ويمتص البوتاس ثاني أكسيد الكربون من الهواء ثم يمر عبر أنابيب إلى حجرة ثانية، حيث يختلط بهيدروكسيد الكالسيوم الذي يطلق عليه "الجير المطفأ".
ويحتجز الجير ثاني أكسيد الكربون المذاب لينتج رقائق من الحجر الجيري، التي تسخن في حجرة ثالثة تسمى فرن الكلسنة (أو الفرن الدوار)، حتى تتحلل وتطلق ثاني أكسيد الكربون النقي، الذي يُلتقط ويُختزن. ولا تنتج هذه العملية أي مخلفات، فجميع المواد الكيماوية المتبقية يعاد تدويرها في الخطوات اللاحقة.
وقد عرضت الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ بعض النماذج للحفاظ على درجة الحرارة العالمية لا تعتمد على احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة. لكن أجاي غامبير، كبير الباحثين بمعهد غرانثام لتغير المناخ التابع لكلية لندن الجامعية والذي شارك في إعداد ورقة بحثية في عام 2019 عن دور احتجاز الكربون من الهواء في التخفيف من تبعات تغير المناخ، يرى أنها غير واقعية في افتراضاتها بشأن كفاءة استخدام الطاقة واستعداد الناس لتغيير سلوكياتهم.
وتقول زيليكوفا: "لقد تجاوزنا مرحلة وضع تدابير لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ولم يعد ثمة مفر من الاعتماد على محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية".
وثمة طرق بديله لإزالة الكربون من الهواء بطريقة طبيعية، منها تغيير استخدام الأراضي، مثل استعادة الأراضي الخثية أو زراعة الأشجار. لكن تغيير استخدام الأراضي قد يستغرق وقتا طويلا لإزالة الكميات المطلوبة من ثاني أكسيد الكربون وسيتطلب زراعة الأشجار في مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، قد تعادل حجم الولايات المتحدة، بحسب بعض التقديرات، وقد يؤدي إلى رفع أسعار الغذاء خمسة أضعاف. وعندما تموت هذه الأشجار تطلق الكربون الذي كان مختزنا فيها، ما لم تُقطع وتُحرق في منشأة مغلقة.
غير أن محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة تنطوي أيضا على تحديات جسيمة. إذ خلصت دراسة غامبير إلى أننا قد نحتاج لإقامة 30 ألف محطة ضخمة لاحتجاز الكربون من الهواء مباشرة، لمجاراة معدلات الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون، التي تبلغ في الوقت الراهن 36 غيغا طن سنويا. وتصل تكلفة بناء كل محطة إلى 500 مليون دولار، أي أن تكلفة بناء جميع المحطات تبلغ 15 تريليون دولار.
وسيحتاج هذا الأسطول من المحطات الذي يكفي لاحتجاز 10 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، إلى نحو أربعة ملايين طن من هيدروكسيد البوتاسيوم، وهذا يفوق الإمدادات العالمية السنوية من هذه المادة الكيميائية مرة ونصف.
وبمجرد بناء هذه المحطات، سيتطلب تشغيلها طاقة كهربائية. ويقول غامبير عن ذلك: "إذا أقيمت محطات على مستوى العالم لامتصاص 10 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، ستستهلك 100 إكساجول من الطاقة، أي نحو سدس إجمالي الطاقة المستهلكة عالميا". وستستخدم النسبة الأكبر من هذه الطاقة لتسخين فرن الكلسنة إلى 800 درجة مئوية.
كلفة الانبعاثات
تشير التقديرات إلى أن تكلفة احتجاز طن واحد من ثاني أكسيد الكربون من الهواء قد تتراوح بين 100 و1000 دولار، لكن أولدام يؤكد أن شركة "كلايمت إنجنيرنغ" بإمكانها احتجاز الكربون بتكلفة أقل قد تصل إلى 94 دولارا للطن، ولا سيما إذا انتشرت هذه المحطات على نطاق واسع.
لكن هناك مشكلة أخرى تتمثل في تمويل عمليات احتجاز الكربون. إذ تنتج عمليات احتجاز الكربون من الهواء سلعة ثمينة، تتمثل في آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون المضغوط، الذي قد يضاف إلى الهيدروجين للحصول على وقود اصطناعي محايد الكربون. ومن الممكن بيع هذا الوقود أو حرقه في أفران الكلسنة، حيث يمكن احتجاز ثاني أكسيد الكربون مرة أخرى وإعادة نفس العملية.
لكن الغريب أن ثاني أكسيد الكربون المضغوط سلعة رائجة في قطاع النفط. فعندما يوشك البئر على النضوب، تحاول شركات النفط استخراج النفط المتبقي من خلال الضغط على مكمن النفط باستخدام البخار أو الغاز في عملية تسمى الاستخلاص المحسن للنفط.
ويعد ثاني أكسيد الكربون أحد الخيارات الشائعة التي تستخدم لهذا الغرض، وتحقق هذه العملية ميزة إضافية وهي تخزين الكربون تحت الأرض. وتستخدم شركة "أوكسيدنتال بتروليوم"، التي دخلت في شراكة مع "كربون إنجنيرنغ" لبناء محطة احتجاز الكربون من الهواء مباشرة في تكساس، 50 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا في عمليات الاستخلاص المحسن للنفط. وتحصل الشركة أيضا على خصم ضريبي تعادل قيمته 225 دولارا عن كل طن من ثاني أكسيد الكربون يستخدم لهذا الغرض.
وبهذه الطريقة سيعود ثاني أكسيد الكربون إلى حقول النفط التي نتج عنها، وإن كانت المفارقة أن الطريقة الوحيدة لتمويل هذه العملية ستكون لإنتاج المزيد من النفط!
وتأمل شركة "أوكسيدنتال" وغيرها أن يسهم ضخ ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض في الحد من نصيب قطاع النفط من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
وثمة استخدامات مربحة أخرى لثاني أكسيد الكربون. إذ تمتلك شركة "كلايمويركس" السويسرية 14 وحدة أصغر حجما لاحتجاز الكربون من الهواء مباشرة، تسحب 900 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا وتبيعها لإحدى الصوبات الزراعية لتحسين نمو الخضروات التي تستخدم في تصنيع المخللات.
ودشنت الشركة مشروعا لإقامة محطة في أيسلندا لخلط ثاني أكسيد الكربون المحتجز بالماء وضخه على عمق 500 أو 600 متر تحت الأرض، ليتفاعل الغاز مع البازلت ويتحول إلى صخور. وتمول هذه المحطة من خلال موقع على الإنترنت لإتاحة الفرصة للشركات والمواطنين لدفع اشتراكات شهرية لتمويل إزالة ثاني أكسيد الكربون من الجو، تبدأ من 7 يورو شهريا.
ويقول كريس غودول، مؤلف كتاب "الخطوات التي ينبغي أن نتخذها الآن: من أجل مستقبل خال من الكربون": "إن محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة مكلفة، ولا يوجد حافز مالي لإنشائها وتشغيلها". فقد تجني "كلايمويركس" المال من خلال مساهمات الأشخاص الحريصين على البيئة، أو إبرام عقود مع مايكروسوفت أو تشجيع الناس على تمويل إزالة أطنان من ثاني أكسيد الكربون من الهواء عبر موقع "سترايب".
ويقول أولدام: "إن الحكومات لا تدعم ماليا في الوقت الراهن مشروعات استخلاص الكربون من الهواء، بقدر ما تدعم مشروعات نشر السيارات الكهربائية أو إنشاء محطات الطاقة الشمسية. فالتركيز منصب على تخفيض الانبعاثات وليس على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي الذي يمثل جزءا كبيرا من المشكلة".
وترى زيليكوفا أن تكلفة محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة ستنخفض مع الوقت، كشأن سائر الأجهزة والتقنيات التي طورت للتصدي لتغير المناخ. وتقول: "لقد واجهنا عقبات مشابهة عند إقامة محطات توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية. ويمكن التغلب على هذه العقبة من خلال نشر استخدامها قدر الإمكان".
ويطالب غودول بفرض ضريبة عالمية على الكربون، لمضاعفة تكلفة إنتاج انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. لكنه يرى أن هذا الخيار لن يلقى ترحيبا، فلا أحد يرغب في تحمل المزيد من الضرائب، ولا سيما إن كان الناس لا يعترفون بأن الظواهر البيئية المتطرفة، من حرائق الغابات وموجات الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، هي انعكاسات لاستهلاكنا المفرط للطاقة.
مخاطر ومكاسب
ولو افترضنا أننا تمكننا من بناء 30 ألف محطة لاحتجاز الكربون من الهواء مباشرة، ووفرنا المواد الكيماوية اللازمة لتشغيلها والمال اللازم لتمويلها، فربما يتخذ البعض من هذه المحطات ذريعة للتخلي عن تدابير خفض انبعاثات الكربون.
ويقول غامبير: "إذا اعتمدت على محطات احتجاز الكربون من الهواء على المدى الطويل أو المتوسط، فربما نتهاون في اتخاذ تدابير خفض انبعاثات الكربون. لكن إذا تبين أن إنتاج المواد التي تمتص الكربون عسيرا أو أنها تتحلل سريعا أو أن هذه المحطات معقدة تكنولوجيا أو أعلى كلفة مما كان متوقعا، فإن التخلي عن تدابير خفض انبعاثات الكربون قد يجعل الحد من الاحترار العالمي مستحيلا".
ويرى معارضو احتجاز الكربون من الهواء أن هذه التقنية لاقت ترحيبا واسعا لأنها ببساطة تتيح للناس مواصلة أنماط حياتهم المعتادة التي تتسبب في إطلاق كميات ضخمة من انبعاثات الكربون. لكن أولدان يرى أن استخدام محطات احتجاز الكربون من الهواء في بعض القطاعات التي يصعب الحد من انبعاثات الكربون الناتجة عنها، مثل الطيران، قد يكون الحل الأمثل لإزالة الانبعاثات التي تتسبب فيها هذه القطاعات.
ويرى غامبير أن الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية سيتطلب خفض انبعاثات الكربون سريعا وفي الوقت نفسه بناء محطات لإزالة الكربون من الهواء. وتقول زيليكوفا إن محطات احتجاز الكربون من الهواء ستؤدي دورا مهما جنبا إلى جنب مع تدابير خفض الانبعاثات في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
ويرى أولدام أن التحدي الأكبر أمام نشر محطات احتجاز الكربون من الهواء مباشرة على نطاق واسع هو إثبات أنها "مجدية ومنخفضة التكلفة ويمكن تطبيقها". وربما لو نجح أولدام في توسيع نطاق مشروع "كربون إنجنيرنغ" لاحتجاز الكربون من الهواء، فإن مصير مناخ كوكب الأرض سيتحدد مرة أخرى في حقول النفط بتكساس.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Future


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.