خرج عبد الله الحريف أحد ابرز وجوه الحركة الماركسية اللينينية في المغرب، والكاتب الوطني السابق للنهج الديمقراطي، مواجها من هاجموا مشاركة خديجة الرياضي ونبيلة منيب في لقاء جنيف بين العلمانيين والإسلاميين. داعيا إياهم إلى "التريث واستفسارهما للإحاطة بملابسات ما وقع في جنيف قبل إصدار أحكام". وعبر الحريف في بداية مقاله الذي توصل "الأول" به عن اختلافه جدريا مع مع ما جاء في أرضية هذا اللقاء عن أن "صحيفة المدينة" التي أبرمها الرسول (ص) مع يهود المدينة بعد هجرته إليها، هي أول دستور في العالم ومرجعية للحوار بين العلمانيين والإسلاميين. ودعا الحريف إلى الحوار والنضال المشترك مع الإسلاميين "من أجل بناء ميزان قوة يمكننا من هزم عدونا الأساسي، المافيا المخزنية، وبلورة مشروع حد أدنى قد يشكل، بالنسبة لشعبنا، تقدما على طريق تحرره من هيمنة الكتلة الطبقية السائدة والإمبريالية". وهذا نص المقال: انبرت العديد من الأقلام إلى الهجوم على الرفيقتين خديجة الرياضي ونبيلة منيب بسبب مشاركتهما في لقاء جنيف بين العلمانيين والإسلاميين وورود اسماهما في البيان المفترض أنه صدر عن هذا اللقاء. وإذا كنت أختلف جذريا مع ما ورد فيه حول اعتبار صحيفة المدينة أول دستور في العالم ومرجعية للحوار بين العلمانيين والإسلاميين، فإنني أعتقد أن التعامل السديد هو التريث واستفسارهما للإحاطة بملابسات ما وقع في جنيف قبل إصدار أحكام. لكن الأخطر هو أن البعض وجد في ذلك ضالته للهجوم على فكرة الحوار نفسها مع كل الإسلاميين واضعا التكفيريين والسلفيين والممخزنين والمناهضين للمخزن في نفس السلة. في العمق وبدون لف ولا دوران، هذا الموقف يخدم مصلحة المخزن الذي يرتجف من الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين الذين يناهضونه. لذلك لم تتردد أجهزة الحرب النفسية المخزنية في اقتناص الفرصة لصب الزيت على النار في محاولة لتعميق الشرخ بين هذه القوى المناضلة. ومن الأكيد أن العديد من الأقلام المساهمة في الهجوم هي من مرتزقة النظام المفترين على العلمانية التي هي منهم براء. لكن هناك من يهاجم فكرة الحوار عن حسن نية. لكن كما يقال طريق جهنم معبدة بالنيات الحسنة. فماذا يعني نبد الحوار في الواقع الملموس لميزان القوى في بلادنا؟ إنه يعني أحد أمرين: إما تأبيد سلطة المخزن بسبب انشطار قوى الشعب وإما، في حالة تمكن انتفاضات شعبية قوية وعارمة من إسقاط المافيا المخزنية، نشوب احتراب بين القوى المناضلة قد يكون له أوخم العواقب على شعبنا وقد يستغله الجيش لإقامة دكتاتورية كما وقع في مصر أو قد يدفع بالإسلاميين إلى التحالف مع القوى المضادة للثورة كما وقع في تونس. لن يستطيع اليسار المناضل أن يساهم في التغيير إذا فقد البوصلة بأن الصراع الحقيقي هو صراع طبقي يخترق كل القوى، أيا كانت مرجعيتها، وليس صراعا بين علمانيين و إسلاميين وإذا ظل يسقط رغباته الذاتية على الواقع ولم ينظر إليه كما هو، ليس للقبول به والاستسلام له أو الهروب منه كما يفعل أصحاب الجملة الثورية، ولكن للإلمام بما يحبل به هذا الواقع الموضوعي المستقل عن ذواتنا من إمكانيات نضالية (حركات، ظواهر…) قد لا تدخل في قوالبنا الجامدة وقوى تغييرية لا نقتسم معها نفس المرجعية. ودورنا هو بالضبط الفعل المثابر والذي لا يكل في هذا الواقع المعقد والعنيد، بواسطة الحوار والنضال المشترك مع هذه الحركات والقوى من أجل بناء ميزان قوة يمكننا من هزم عدونا الأساسي، المافيا المخزنية، وبلورة مشروع حد أدنى قد يشكل، بالنسبة لشعبنا، تقدما على طريق تحرره من هيمنة الكتلة الطبقية السائدة والإمبريالية.