أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني اليوم الاربعاء، أن البرنامج الحكومي، الذي هو ثمرة عمل جماعي مشترك بين مكونات الأغلبية ومختلف القطاعات الحكومية، ينطلق من مقاربة إيجابية طموحة، ويعكس الانشغال في المقام الأول بقضايا الوطن وانتظارات المواطنين، داخل المملكة وخارجها، حفظا لكرامتهم، وحماية وصونا لحقوقهم وحرياتهم. وشدد العثماني، خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، خصصت لتقديم البرنامج الحكومي تطبيقا لأحكام الفصل 88 من الدستور، على وعي الحكومة بأن نجاح الإصلاحات والأوراش التي يتضمنها هذا البرنامج لا يستلزم فقط تجند الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، بل يتطلب أيضا تعاون كافة المؤسسات والهيئات الوطنية، وكذا انخراط مختلف الفاعلين، وتعبئة إرادية ومسؤولة لكافة المواطنات والمواطنين لتعزيز فرص الإصلاح وترصيد مكتسابته ورفع وتيرة إنجازه. وقال العثماني إن الحكومة مدركة أن "ما يتضمنه هذا البرنامج من أهداف وإجراءات يشكل طموحا وطنيا، وأن الإكراهات والتحديات التي أمامنا كبيرة، فإن ثقتنا في الله أولا، ثم في الإرادة الجماعية والانخراط الشعبي تجعلنا مطمئنين إلى النجاح في تطبيقه". وسجل رئيس الحكومة أن هذا البرنامج يأتي في ظرفية سياسية دقيقة تميزت بتنظيم ثاني انتخابات تشريعية بعد إقرار دستور 2011، وفي جو شعبي راق يتسم بمتابعة غير مسبوقة لتطورات الحياة السياسية وتدبير الشأن العام، مشيرا إلى أن المرحلة تقتضي اليوم، التعبئة الشاملة لمواجهة التحديات الكبرى على المستويين الداخلي والخارجي، والانخراط بقوة وإيجابية وثقة، بهدف مواصلة البناء الديمقراطي وتشييد دولة الحق والقانون، دولة يتمتع فيها المواطنات والمواطنون، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات، في ظل التضامن بين مختلف فئات الشعب المغربي وبين جهات المملكة. واعتبر أن النجاح في ذلك يتطلب أولا تكريس المبادئ الكبرى التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة، والمبنية على قاعدة فصل السلط وتوازنها وتعاونها، وعلى الديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. كما يتطلب ذلك، يضيف العثماني، تمتين الإرادة الجماعية لمختلف المؤسسات والقوى الوطنية الحية في صيانة النموذج المغربي الذي يعتز به الجميع، وتعزيز مقومات قوته ومواصلة إشعاعه، وتعزيز ثوابت الأمة المغربية الجامعة التي تتمثل في الدين الإسلامي السمح، ووحدة الهوية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي، في ظل مغرب معتز بهويته الجامعة وأصالته التاريخية ومتشبث بقيم الانفتاح والاعتدال، وملتف تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، باعتباره رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة. ووعيا منها بهذه المتطلبات، جدد رئيس الحكومة، التأكيد على المواقف الوطنية الثابتة والجامعة في القضايا الوطنية الكبرى، مبرزا أن المغرب، باعتباره دولة إسلامية، سيظل البلد المتمسك بثوابته الدينية وفق منهجية الوسطية والاعتدال، وقيم التعايش والحوار، ودعم الخطاب الديني المعتدل وتعزيز دور العلماء في الدعوة والإرشاد والإصلاح في المجتمع، والاستمرار في دعم دور المساجد والأوقاف، والعناية بوضعية العاملين في الحقل الديني، بما يخدم تعزيز الأمن الروحي للمغاربة، وفقا لتوجيهات أمير المؤمنين . وعلى مستوى قضية الوحدة الوطنية والترابية، يضيف العثماني، تجدد الحكومة التأكيد على الإجماع الوطني بخصوص صيانة ودعم وحدة واستقلال وسيادة المملكة شمالا وجنوبا، وفي المقدمة قضية الصحراء المغربية، بما هي مجال تعبئة شاملة تحت قيادة جلالة الملك، وما يتطلبه ذلك من تعبئة كل الإمكانات من أجل تثبيت الحق المغربي عبر التوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه، في إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي. كما أكد عزم الحكومة مواصلة دعم الحضور المغربي، سواء على المستوى الحكومي أو البرلماني أو المدني، في مختلف المنابر والمحافل الجهوية والقارية والدولية، لتشجيع المبادرة الهادفة إلى الدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية للبلاد. ولم يفت رئيس الحكومة بهذه المناسبة، التعبير عن تقدير الحكومة وإكبارها لجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، على العناية الخاصة التي يوليها جلالته للقوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، وإشادتها بالروح الوطنية والمهنية العالية وروح التفاني والتضحية التي ما فتئ رجالها ونساؤها يبرهنون عليها في مزاولة مهامهم النبيلة في الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة الوطن والمواطنين، مؤكدا حرص الحكومة على توفير الوسائل الضرورية للنهوض بمهامهم. كما ستواصل الحكومة ، يضيف العثماني، عنايتها بأسرة المقاومة وجيش التحرير، لما قدمته من خدمات جليلة من أجل استقلال الوطن، متوجها بالدعاء إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة كل شهداء الوطن، ممن وهبوا حياتهم وأرواحهم في سبيل الدفاع عن وحدته وأمنه وعزته. وخلص إلى أنه طبقا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لسنة 2016، ستواصل الحكومة دعمها للمجهودات الكبيرة التي تبذلها مختلف المصالح الأمنية في مواجهة التهديدات الإرهابية وكل ما يهدد أمن واستقرار المملكة، عبر تمكينها من الموارد البشرية والمادية اللازمة لأداء مهامها على الوجه المطلوب.