يعرف المغرب أطول مشاورات حكومية في ظل حكم العاهل المغربي محمد السادس، آخر مستجداتها هو بلاغ بنكيران الأخير، الذي أعلن من خلاله عن انتهاء مشاوراته مع حزب الأحرار، بسبب "اشتراط" هذا الأخير دخول الإتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري للتشكيلة الحكومية إلى جانب الحركة الشعبية. يصعب الآن التكهن بشكل الحكومة في ظل المستجدات الأخيرة، في الوقت الذي أعتقد المهتمون أن الحكومة كان سيتم الإعلان عنها بشكل رسمي خلال نهاية الأسبوع الجاري، بعد قبول بنكيران بشرط أخنوش الأمين العام لحزب الأحرار، حيث "تخلى "عن حزب الإستقلال، إلا أن الأمور زادت تعقيدا. منذ آخر لقاء لهم يوم الاثنين 4 يناير، انطلقت "حرب بيانات"، غير مسبوقة، بين الرجلين، البلاغ الأخير الذي أمضاه بنكيران شخصيا، يوم الأحد8 يناير، أنهى من خلاله أي مشاورات مع حزب الأحرار. أخنوش يعلن على نفسه "رئيس حكومة" – ماذا حدث بالظبط؟ يوم الجمعة 6 يناير، بعدما أعلن بنكيران عن انتهاء مسلسل شاق من المشاورات الحكومية، والتي ضمت أحزاب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، ثم التجمع الوطني الأحرار، انقلب أخنوش بطريقة غير منتظرة، عندما قال أنه لن يتخلى عن حليفيه الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، مما جعل بنكيران يحس ب"الخديعة"، في الوقت الذي يرى أنه قدم تنازلات عندما "تخلى"عن حزب الإستقلال. * "التحالف" المكون من الأحزاب الأربعة بقيادة "الأحرار" يهدف إلى تطويق "التيار الإسلامي" في الوقت الذي يحتاج ملك البلاد إلى حكومة منسجمة لمواصلة خطواته للحصول على عضوية داخل منظمة الاتحاد الإفريقي. في خضم هذه التداعيات ستصدر الأحزاب الأربعة بلاغا مشتركا، يوم الأحد 8 يناير، عبرت من خلاله عن تراجعها عن استكمال مسلسل المشاورات مع رئيس الحكومة، إذا لم يوافق على انضمام الاتحادين الاشتراكي والدستوري إلى الأغلبية الحكومية، بمبرر خلق أغلبية قوية ومتجانسة، كما جاء في الخطاب الملكي الأخير. * "البام" يزيد الأمر تعقيدا بعبارات اختيرت بعناية، جاء بلاغ الأحزاب الأربعة المشترك، معلنين من خلاله توقيف استمرار المشاورات، والذي كان بمثابة شوكة توضع في طريق "الإسلاميين"، الغاية منه الحد من "المد الإسلامي"، في الوقت الذي دعاهم فيه الملك إلى التسريع من تشكيل الحكومة لمواصلة سياسة المغرب تجاه أفريقيا. وفي ظل كل هذه التداعيات، يأتي حزب الأصالة والمعاصرة (بعد صمت طويل) ليزيد من تعقيد الأمور، عندما أصدر بلاغا، يوجه فيه أصابع الاتهام مباشرة في تعطيل تشكيل الحكومة إلى رئيسها المكلف. * بنكيران في حالة "بلوكاج" ثلاثة أشهر مرت على انتخابات 7 أكتوبر، التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على الرتبة الأولى، وبعد اعتقاد الشارع المغربي أن الحكومة تم تشكيلها بصفة رسمية، يأتي "طلاق " البيجيدي من "الأحرار" و(ورفاقه)، ولم يعد أمام بنكيران سوى حلين اثنين: * أن يبحث عن حلفاء جدد( الأمر الذي أصبح مستحيلا)، بعدما استنفاذ كل أوراقه. * أن يعلن عدم تمكنه من جمع أغلبية حكومية، وبالتالي عليه أن يلجأ للملك، باعتباره الضامن لاستقرار المؤسسات (وربما سيقوم بالإعلان عن رئيس حكومة جديد)، هذا الأخير الذي سيتعين عليه رئاسة المجلس الوزاري يوم الإثنين بمراكش، إلا أنه من الوارد جدا تأجيله بسبب فشل المشاورات الحكومية، ودخوله حالة الباب المسدود.