بمجرد تسلمها مقاليد وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في حكومة عزيز أخنوش، باشرت عواطف حيار، حملة تطهير واسعة وسريعة أعفت من خلالها خمس مسؤولين كبار بالقطاع وهم: الكاتب العام للوزارة العربي تابت، مدير التعاون الوطني مهدي وسمي، مدير وكالة التنمية الاجتماعية عبد الصمد العمراني ورئيس قسم الميزانية سعيد غماد، فيما أبقت في خطوة طرحت أكثر من علامة استفهام على كل من مديرة شؤون المرأة ومدير الشؤون العامة الموالي لحزب العدالة والتنمية لكن بدون مهام. لحظتها، ساد اعتقاد بأن لدى عواطف حيار المستوزرة باسم حزب الاستقلال، خطة ترمي من ورائها "تنخيب" فريق استراتيجي جديد حتى تكون شروط أداء مهامها على الوجه المطلوب متوافرة؛ خصوصا وأن الأمر يتعلق بخمس بنيات وظيفية استراتيجية تمت تصفيتها في أقل من شهر، لكن مع توالي الأسابيع تبدّد ذلك وظهر أن وزيرة الإدماج الاجتماعي التي أخذها الحماس لتصفية تركة بسيمة حقاوي، لا تتوفر على أي بدائل لتعويض المناصب الحيوية التي وضعت أصحابها تحت مقصلة الإعفاء. وحسب معطيات توفرت لموقع "الأول"، فإنه بعد إعفاء الكاتب العام السابق للوزارة، العربي تابت، لم تعط الوزيرة بعدُ الضوء الأخضر لفتح المنصب، بينما اكتفت بوضع فيه بالنيابة، محمد آيت عزيزي، وهو الذي يشغل أيضا منصب مدير الإدماج الاجتماعي للمعاقين، ما يعني أن هذا الأخير المعين من قبل بسيمة الحقاوي بعد إقصاء وطرد أحمد آيت إبراهيم؛ يدبر المديرية والكتابة العامة في نفس الوقت، مع العلم أن كفاءاته التدبيرية محدودة وكذا لاستحالة التوفيق بين مهمتي مدير وكاتب عام في الآن ذاته. وبات شغور المناصب الحيوية أزمة حقيقة داخل وزارة عواطف حيار وسط مخاوف بين أطرها من أن يتم استقدام أسماء حزبية مقربة تعوزها الكفاءة لملأ الفراغ، في إطار جبر الخواطر وكسب تعاطف الاستقلاليين الذين استوزرت باسم حزبهم ولم يكونوا راضين عن ذلك. وهكذا؛ فإلى حدود اليوم هناك منصبين اثنين شاغرين، يتعلقان بمدير التعاون الوطني ومدير وكالة التنمية الاجتماعية، ما تسبب في عطالة هاتين المؤسستين الهامتين داخل القطب الاجتماعي، ووضع بنية الكتابة العامة وبنية الإعاقة في محك وظيفي حقيقي. المديريات والأقسام هي الأخرى ليست على أفضل حال، ففي الوقت الذي كانت حيار أعفت فيه فاطمة بركان من مديرية شؤون المرأة، طردت أيضا أمينة السليماني كرئيسة قسم الأسرة وهي العضو النشيط بجماعة التوحيد والإصلاح، قبل أن تعود الوزيرة وتتراجع عن ذلك على نجو مريب، إثر لقاء بينهما، وبالتالي تسبب الإعفاءان في اضطراب وظيفي سلبي وفراغ بمديرية شؤون المرأة تحمّله رئيس قسم بالمديرية لوحده، ما حذا به هو الآخر إلى طلب إعفائه مرتين. أما فيما يتعلق بقسم الميزانية، فقد أفضت قلة الخبرة الإدارية والسياسية للوزيرة حيار، إلى إقصاء كفاءة من كفاءات القطاع والمتمثلة في طارق العلام، الذي عينته رئيس قسم بالنيابة طيلة فترة الفراغ الذي تمخض عن إعفاء رئيس القسم السابق. العلام وضع رسالة إعفائه من مصلحة برمجة الميزانية، بعدما عينت الوزيرة مكانه بوبكر البركي، وهو شخص معروف بين زملائه بقلة كفاءته لتقلد منصب رئيس قسم الميزانية وزاده الوحيد، حسب ما يروج، هو تقربه "التكسبي" الدائم من الوزيرات وعرض خدماته عليهم بصفته متخصص بروتوكول يتقن فن مرافقة الوزيرات وحمل حقائبهن وتدبير مآربهن الخاصة خلال التنقلات والسفريات. وبعد فضيحة وضع زوجها موضع النفوذ والتراجع عن ذلك، أسندت حيار لهذه الجماعة كل صلاحيات التعيين في باقي مناصب المسؤولية، وهي الفرصة الذهبية التي استغلوها في تصفية حساباتهم التي يجرونها وراءهم منذ عهد وزيرات العدالة والتنمية، حتى أنهم أحدثوا تطبيقا معلوماتيا داخليا للاطلاع على كل المراسلات والشكايات الواردة على الوزيرة من أجل استباق كل ردات الفعل الضرورية حيالها، وهي نفس الاستراتيجية التي كان ينهجها الكاتب العام السابق مع وزيرات العدالة والتنمية والموظفين على حد سواء.