أجرى أجاي سينغ يداف آخر اتصال عبر الفيديو مع راج كاران قبل أن يصبح صديقه المقرّب آخر ضحية ضمن عدد مقلق من الشباب والأطفال الهنود الذين أودت بهم موجة جديدة من فيروس كورونا تجتاح البلاد. ويشير بعض الأطباء إلى أن السبب الذي يجعل الأشخاص البالغة أعمارهم أقل من 45 عاما أكثر عرضة للخطر هو خروجهم إلى العمل وتناولهم وجبات خارج المنازل أكثر من أولئك الأكبر سنا، لكن لا يوجد دليل حاسم على ذلك. وقد يكونون أكثر عرضة لنسخة متحوّرة جديدة تعرف بأنها "طفرة مزدوجة" عثر عليها في 60 في المئة من العينات في ولاية ماهاراشترا، الأكثر تضررا. وكان كاران (38 عاما) ينظّم حملات انتخابية في انتخابات في قريته عندما أُصيب بالمرض. وسارع يداف في نقله إلى المستشفى لكن ثبتت إصابته هو أيضا بالفيروس وأجبر على حجر نفسه صحيا. وقال يداف (39 عاما) لفرانس برس في مدينة لوكناو (شمال) "أنا مدمّر… لم يكن بإمكاني أن أراه إلا في اتصال عبر الفيديو". واجتاحت موجة وبائية جديدة البلد الذي يعد 1,3 مليار نسمة نجمت عنها مليون إصابة مؤكدة في غضون أسبوع وهزّت السلطات. واعتقدت الهند مطلع العام أنها هزمت الوباء وأطلقت حملة تطعيم ضخمة. وتجاهل السكان وضع الكمامات والتباعد الاجتماعي لتشارك حشود ضخمة في مهرجانات دينية وتجمّعات انتخابية. لكن في المستشفيات، دق الأطباء ناقوس الخطر على خلفية ارتفاع عدد الحالات وسط ظاهرة جديدة تتمثل بدخول مزيد من الشباب المستشفيات جرّاء إصابتهم بالمرض الذي لطالما اعتبر أكثر خطورة بالنسبة للفئات الأكبر سنا. – أطفال في المستشفى – وفي بلد حيث 65 في المئة من السكان تحت 35 عاما، هناك قلق متزايد حيال تأثير الوباء على الشباب. وأفاد رئيس وزراء نيودلهي أرفيند كجريوال أن 65 في المئة من المرضى الجدد تحت سن ال45. وبينما لا يتوافر لدى وكالة البحث الطبي الهندية تصنيف ديموغرافي للحالات، إلا أن الأطباء في المدن الكبرى يؤكدون أن مزيدا من المرضى الشباب ينقلون إلى المستشفيات. وقال الاستشاري في مستشفى "بي دي هندوجا الوطني" في بومباي وعضو الفريق المكلّف احتواء كوفيد-19 في ماهاراشترا كورساف باجان "نرى أطفالا أيضا تحت سن 12 و15 عاما يتم استقبالهم (في المستشفى) جرّاء ظهور أعراض عليهم في الموجة الثانية. لم يكن هناك أي أطفال العام الماضي". وأما في ولاية غوجارات، فقال اختصاصي أمراض الرئة أميت ديف إن الشباب يعانون من تأثير "شديد بشكل متزايد" جراء فيروس كورونا على الرئتين والقلب والكلى. وأسست إحدى مستشفيات غوجارات أول جناح كورونا خاص بالأطفال في الولاية. وسجّلت ولايات في أنحاء الهند ارتفاعا مشابها في عدد المرضى الشباب. وفي مدينة بنغالور (جنوب)، التي تعد مركزا في مجال تكنولوجيا المعلومات، شكّل السكان البالغين أكثر من 40 عاما 58 في المئة من المصابين مطلع أبريل، مقارنة ب46 في المئة العام الماضي، وفق ما أفادت شبكة "كوفيد19إنديا.اورغ" لجمع البيانات. – نسخ متحوّرة ولقاحات – وقالت تانو دوغرا البالغة 28 عاما والتي تعيش في نيودلهي ولازمت الفراش لمدة أسبوع بعدما ثبتت إصابتها بكوفيد في مارس لفرانس برس "لم أر ارتفاعا كهذا في عدد الإصابات في العام السابق كما شهدت في الأسبوع الأخير وحده". وأفادت "الجميع على القائمة في واتساب يبعثون رسائل إلى بعضهم البعض إذ ثبتت إصابتهم جميعا". وفي البرازيل، التي سجّلت حالات إصابة أكثر شدة ووفيات في أوساط كبار السن في الموجة الأولى، يشهد الأطباء أيضا تفشيا أوسع للوباء في أوساط المرضى الأصغر سنا. ويشير الخبراء إلى الحاجة لمزيد من البيانات لدعم الأدلة غير الموثّقة بعد في الهند، حيث يلعب تسلسل جينوم العيّنات دورا أساسيا. وقال عالم الفيروسات شاهد جميل "يوفر التسلسل معلومات بشأن النسخة المتحورة التي تظهر". وأضاف "لكنه لا يقلل من أهمية كل شيء آخر عليك القيام به، أي وضع الكمامات وتجنّب الأماكن المزدحمة". وفرضت السلطات تدابير إغلاق تتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع وحظر تجوّل ليلي لاحتواء الفيروس. لكن العاملين في المجال الصحي يشيرون إلى ضرورة فتح حملة التطعيم البطيئة في الهند، والمقتصرة حاليا على من هم فوق 45 عاما، للجميع. ويؤيّد شباب هنود في نيودلهي هذه الدعوة وقالوا لفرانس برس إنهم يشعرون بأنهم أكثر عرضة للخطر نظرا إلى حاجتهم للتوجّه إلى العمل. وقال الصيدلاني مزمل أحمد لفرانس برس "حاليا، يحتاج الشباب إلى (اللقاحات) أكثر… أرى كل يوم أشخاصا في مطلع الثلاثينات من عمرهم ينقلون إلى المستشفيات". وفي ظل الضغط على المستشفيات، حذّر اختصاصيون على غرار مستشار الأمراض المعدية في مستشفى "أبولو" في حيدر آباد فنكات راميش، من أن الأزمة "شديدة" بالفعل والأسوأ قادم. وقال راميش لفرانس برس "عندما أتحدّث إلى زملائي في مدن رئيسية كبرى في أنحاء الهند، يتلقون اتصالات عديدة من مرضى يحاولون العثور على سرير". وأضاف "أشعر بقلق بالغ حيال الشهر القادم، نظرا لسرعة ازدياد الحالات. إنه أمر مقلق بالتأكيد".