تعيش التعاضدية الوطنية للفنانين، على وقع صراع داخلي بين أعضاء مجلسها الإداري، وتبادل الاتهامات بمحاولة السطو على قيادتها من طرف الرئيس الحالي وسوء في تدبير مواردها وعدم إحترام مواعيد عقد اجتماعات أجهزتها التنظيمية. وأوضحت مصادر جد مطلعة ل"الأول"، أن المشكل القائم يعود لسنوات، من خلال مجموعة من القرارات التي شهدتها التعاضدية، حيث أن الرئيس السابق محمد قوتي، والذي سلم الرئاسة للحاج يونس، تحول إلى مدير للتعاضدية بأجر وصل إلى 30 ألف درهم في الشهر، وهو ما جعل مجموعة من أعضاء المجلس الإداري ينتفضون ضده ويرفضون القرار، بعدها قامت المجموعة الموالية للمدير بطرد خمسة أعضاء من المجلس الإداري، وهو القرار الذي رفض الحاج يونس التوقيع عليه، لتتناسل المشاكل وتتطور إلى صراع بين الطرفين كان آخر فصوله توجيه رسالة إلى البنك الخاص بحساب التعاضدية من طرف مجموعة من أعضاء المجلس الإداري، وتم تجميد الحساب البنكي". وفي ظل هذا "البلوكاج" الذي كان ضحيته هو الفنان البسيط، اختار طرفا الصراع "الصلح المشروط" لتجاوز الأزمة بناءً على إتفاق أهمه إعفاء الفنانين من المساهمات في ظل أزمة "كورونا"، واستقالة الحاج يونس من الرئاسة، ليعوضه عبد الإله أمزيل، وهو ما حصل، إلا أن الأزمة والصراع سرعان ماعاد عندما لم تنفذ بعض بنود الإتفاق، حسب ذات المصادر. وكشف مصدر من وزارة الشغل، أن هذه الأخيرة إلى جانب وزارة المالية تبقى الوصية على التعاضدية، وفقاً للقانون، وتسمح لها المخاطر للتدخل في مثل هذا النزاع وهو ما حصل بالفعل والأكيد أن أحد الطرفين لم يعجبه الأمر ومن حقه اللجوء إلى القضاء. وفي سياق هذا الصراع خرج رئيس التعاضدية الحالي، عبد الإله أمزيل ببيان أعلن فيه أنه "تلقى مؤخرا تقريرا من طرف السيد الكاتب العام لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ينطوي على سيل من المغالطات والادعاءات استنادا على ما سماه شكوى توصل بها من قبل أحد الأعضاء المستبعدين من التعاضدية". وتابع أمزيل في ذات البيان، "ينضاف ذلك إلى وابل من الرسائل تلقتها التعاضدية، في أكثر من مناسبة، من وزارة الشغل والإدماج المهني، باعتبارها السلطة الحكومية الوصية على قطاع التعاضد، ومعها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، تتجاوزان فيها اختصاص وعمل السلطة القضائية من خلال إصرارهما المتواصل على التدخل في الشؤون الداخلية والتنظيمية للتعاضدية، منذ سنة 2018 إلى اليوم، ومن ذلك محاولة الطعن في الانتخابات النزيهة التي أسفرت عن انتخاب رئيس جديد للتعاضدية، خلال جمعين عامين بتاريخ 4 يوليوز 2020 و29 غشت 2020، بعد موافقة وتصويت 19 مندوبا من أصل 23 بما شكل الأغلبية الساحقة للمناديب الممثلين لقاعدة الفنانات والفنانين المغاربة المنخرطين، طبقا للمادتين رقم 21 و28 من النظم الأساسية للتعاضدية الوطنية للفنانين". وأضاف البيان، "في حين تحرص الوزارة الوصية على اعتبار السيد امحمد يونوس (الحاج يونس) الرئيس الوحيد، إلى درجة إحراجه ضدا على إرادته الشخصية، رغم استقالته لمرتين وتسليمه للمهام وتبادل السلط بينه وبين الرئيس الجديد للتعاضدية الأستاذ عبد الإله أمزيل، ورغم حضوره رفقة الرئيس المنتخب الجديد أمام لجنة المنازعات القانونية لدى بنك BMCI بصفته مستقيلا عن رئاسة التعاضدية قبل إجراء العملية الانتخابية، مما جعل إدارة البنك تعدل عن قرار تجميد الحساب البنكي للتعاضدية، بل ورغم أن المكتب المسير الحالي استطاع تجاوز كل الصعوبات التي كان يعيشها المكتب السابق ووضع حد لكل الشكايات الجنحية والقضايا المدنية بتنازل أصحابها وإجراء صلح تاريخي موقع عليه من طرف جميع الفرقاء وفي مقدمتهم الرئيس السابق الأستاذ امحمد يونوس (الحاج يونس) الذي دعا بصفته رئيسا لعقد جمع عام استثنائي يوم 29 غشت 2020، وترأسه وأشرف على أشغاله شخصيا، بل تقدم أمام المندوبين بتلاوة استقالة مكتوبة ملتمسا فيها إعفاءه بصفة نهائية من مهمة الرئاسة وحظي ملتمسه بالمصادقة.. وعلى إثر ذلك انتخب الجمع العام بالإجماع الأستاذ عبد الإله أمزيل رئيسا جديدا للتعاضدية للمرة الثانية بطريقة ديمقراطية ، الشيء الذي على ما يبدو يعاكس رغبة الوزارة الوصية!!! هذا ويعتبر إصرار الوزارة الوصية ومعها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي على عدم التسليم بنتائج الانتخابات ضربا لعمل السلطة القضائية التي لها وحدها الحق في القول بصحة أو ببطلان الانتخابات بعد أن يتقدم من له الصفة والمصلحة بالطعن مع تمكين الجهة المطعون ضدها بحق الدفاع". وقال أمزيل في بيانه، "من هنا يحق التساؤل باستغراب شديد: ماذا تريد وزارة الشغل والإدماج المهني بالتحديد بعد أن تمت تصفية الأجواء داخل هياكل التعاضدية وعودة الأمور إلى نصابها؟ ما هو هدف الوزارة الوصية بالضبط في إلحاحها على رفض كل مساعي الصلح والتفاهم التي توجت بنجاح باهر والتي أسفرت عن أجواء جديدة وسليمة يستفيد فيها كل المنخرطين من حقهم في التغطية الصحية بدون استثناء، بمن فيهم الذين كانوا مستبعدين حيث كان هذا هو الهاجس الأساسي المعبر عنه من قبل المتحدثين باسم السيد وزير الشغل والإدماج المهني؟ ألا تقود كل هذه الأسئلة المتناسلة إلى قراءة التدخلات غير المفهومة للوزارة الوصية على أنها إعلان مضمر عن نيتها، التي ما فتئت تلوح بها بشكل مستفز، في تطبيق المادة 26 من قانون التعاضد واستبدال الانتخاب بالتعيين، بالالتجاء لمسطرة تعيين متصرفين لتسيير شؤون التعاضدية بدل الهياكل المنتخبة ديمقراطيا؟ ألا يحق اعتبار كل هذا محاولة للزج بالموضوع في أجندات سياسوية صرفة ولا سيما مع اقتراب الانتخابات التشريعية ؟.. ألا يضر هذا السلوك الغريب بمصلحة الفنانين البعيدين كل البعد عن كل التجاذبات الحزبية وعن كل محاولة لخلق "جيش" انتخابي احتياطي بجهازهم الصحي مصنوع في الظل؟ مهما كانت الأجوبة، فإن الفنانين وتعاضديتهم التي أسسوها بإرادتهم وبمبادرة تاريخية من هيئاتهم التمثيلية، وبمباركة ملكية سامية، وبدعم متواصل من قبل الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2008 إلى اليوم… سيقفون سدا منيعا للتصدي، بكل وعي ومسؤولية، لكل محاولات تدخل الإدارة في الشؤون الانتخابية والتنظيمية الداخلية للتعاضدية الوطنية للفنانين وفي أعمال السلطة القضائية التي تبقى المرجع الأساس في هذا الشأن". لكن مصادرنا، نفت نهائباً الإنتهاكات التي وجهها الرئيس في بيانه لوزارة الشغل مؤكدة على أن تدخل الوزارة نابع من واجبها القانوني وصورها في هذه النازلة. ويبقى الحلقة الأضعف في هذا الصراع هو الفنان الذي يشتكي في كل فرصة من خدمات التعاضدية فعوض أن تقوم هذه الأخيرة بالدور الحقيقي الذي أسست من أجله خدمة للفنانين أصبحت فضاءً للصراع بين الأشخاص ومجالاً للرّيع وتصفية الحسابات الشخصية.