تزامناً مع إحياء اليوم الوطني لمحاربة الرشوة اليوم الإثنين 6 يناير، توجه محمد عبد النبوي، رئيس النيابة العامة، بدورية إلى كل من المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف، وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، يحثهم فيها على العمل من أجل إنجاز أبحاث في القضايا المتعلقة بالفساد ونهب المال العام. وأكد عبد النبوي في الدورية التي توصل “الاول” ينسخة منها، على أن “الفساد يعتبر آفة تهدد مختلف مخططات التنمية، وتقوض سيادة القانون وتضعف ثقة المواطنين والمستثمرين في المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية”. وتابع عبد النبوي “وفي هذا السياق جاء دستور المملكة بمجموعة من المبادئ من أجل توطيد الشفافية والنزاهة، ومعاقبة كل أشكال الانحراف في تدبير الأموال العمومية واستغلال النفوذ وتنازع المصالح. كمدخل أساسي لتحقيق مساواة المواطنين أمام الخدمات العمومية، وتكافؤ الفرص بين المستثمرين عند ولوج السوق، والحيلولة دون تفشي مظاهر الرشوة واختلاس وتبديد المال العام والتلاعب بالصفقات العمومية وغيرها من المظاهر السلبية (الفصل 36 من الدستور)”. وأوضح ذات المتحدث أنه “ومواكبة للدينامية التي يعرفها موضوع مكافحة الفساد على المستوى الدولي، صادقت بلادنا بتاريخ 09 ماي 2007 على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. التي تقدم مجموعة من المعايير والتدابير لتطوير النظم القانونية والتنظيمية لمكافحة الفساد. كما تلزم الدول باتخاذ تدابير وقائية وأخرى زجرية في القطاعين العام والخاص، لمواجهة مختلف صور جرائم الفساد”. مؤكداً على أنه “ومن جهة أخرى فقد نص القانون الجنائي على عقوبات رادعة لجرائم الرشوة واستغلال النفوذ والاختلاس والتبديد والغدر وغيرها من جرائم الفساد المنصوص عليها في الفصول 241 إلى 256-2.. ونظرا لأهمية محاربة هذا النوع من الإجرام وما يتطلبه من إلمام بالجوانب القانونية والمالية والمحاسباتية وإجراءات الصفقات العمومية، فقد قرر المشرع كذلك إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية ببعض محاكم الاستئناف، ووضع آليات إجرائية لكشف هذا النوع من الجرائم ومحاكمة مرتكبيها”. وقال عبد النبوي في الدورية المذكورة “وبالنظر إلى ما سبق، وكذلك اعتبارا للاهتمام الذي توليه السياسات العمومية لحماية المال العام وتخليق الحياة العامة ودعم قيم الشفافية والنزاهة ومحاربة كافة أشكال الانحرافات بالقطاع العام والخاص. واستحضاراً لما يحظى به هذا الموضوع من اهتمام لدى الرأي العام. ومراعاة لما يمكن أن يكون له من آثار سلبية على حماية الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال”. مشيراً إلى “ومواصلة لتنفيذ تعليمات جلالة الملك نصره الله، كما تضمنها الظهير الشريف رقم 1.17.10 الصادر في 05 رجب 1438 (3 أبريل 2017)، بتعيين الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض”. مؤكداً على “ما ورد في المنشور رقم 01 لهذه الرئاسة المؤرخ في 07 أكتوبر 2017، بشأن اعتبار تخليق الحياة العامة وحماية المال العام ومحاربة الفساد من المحاور الأساسية للسياسة الجنائية، التي يتعين على النيابة العامة إيلاءها العناية اللازمة وتسخير الوسائل القانونية والموارد البشرية اللازمة لضبطها وعرضها على القضاء”. وأضاف عبد النبوي “وحتى لا يتم اختزال جرائم الفساد المالي في جريمة الرشوة وحدها، فإن مكافحة هذا النوع من الانحراف تقتضي التصدي لجرائم الرشوة، واختلاس وتبديد المال العام، والغدر، واستغلال النفوذ. بالإضافة إلى مختلف السلوكيات الإجرامية الأخرى التي تعاكس التنافسية الاقتصادية وتضر بالاستثمار”. ودعا عبد النوبوي رئيس النيابة العامة وكلاء الملك إلى الحرص على ” إجراء تحريات حول ما يصل إلى علمكم من معلومات حول أفعال الفساد. وفتح أبحاث بواسطة الفرق الوطنية والجهوية للشرطة القضائية، بشأن ما تتوصلون به من شكايات ووشايات وتقارير، كلما توفرت فيها معطيات كافية وجادة تسمح بفتح أبحاث بشأن إحدى جرائم الفساد المالي؛ والتعجيل بإنجاز وإنهاء الأبحاث التي تجريها الشرطة القضائية، مع الاستعانة بالفرق الجهوية للشرطة القضائية لتخفيف الضغط على الفرقة الوطنية”. وب”تفعيل المقتضيات القانونية التي تسمح بجمع الأدلة وكشف الجناة. ولاسيما عبر تطبيق التدابير المتعلقة بحماية الشهود والمبلغين والخبراء والضحايا، وتقنيات البحث الخاصة المنصوص عليها في المواد 82-1 إلى 82-10 و108 إلى 114 من قانون المسطرة الجنائية، كلما اقتضت مصلحة البحث ذلك”. كما دعاهم إلى التنسيق مع السادة قضاة التحقيق، قصد تجهيز الملفات. وتقديم الملتمسات القانونية المناسبة بشأنها؛ والتنسيق مع السادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف والسادة رؤساء المحاكم الابتدائية، قصد تجهيز الملفات الرائجة أمام المحاكم. وتقديم ملتمسات للمحكمة من أجل الحكم بعقوبات من شأنها تحقيق الردع العام والخاص. وتكون منسجمة مع الأهمية التي توليها السياسة الجنائية لهذا النوع من الإجرام، الذي يستنكره الرأي العام الوطني والدولي. وذلك في باحترام تام لقرينة البراءة وحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة”. وطلب عبد النبوي من المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف، وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، في ذات الدورية “الحرص على ممارسة طرق الطعن في الحالات التي تستدعي ذلك. والسعي إلى التعجيل بتجهيز الملفات المطعون فيها، لإحالتها على الجهة القضائية المختصة في أجل معقول”. وإذ أحثكم على التقيد بهذه التعليمات، أذكركم أن موضوع مكافحة الفساد يعتبر من المواضيع القارة في السياسة الجنائية، معتبراً كل هذه الإجراءات ” مدخلا أساسيا من مداخل تخليق الحياة العامة وتحسين مناخ الأعمال. وليس موضوع حملة مؤقتة أو مجرد اهتمام ظرفي محصور في الزمان، لذلك يجب أن تستمر الجهود المبذولة بهذا الخصوص. مع تطوير أساليب العمل والاجتهاد في إيجاد حلول فعالة لتصريف هذا النوع من القضايا داخل آجال معقولة. طالبا منكم إشعاري بكل صعوبة قد تعترضكم بهذا الخصوص”.