وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عشرة أسئلة إلى السلطات في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مطالبة بتقديم إجابات بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، وبخصوص احترام المملكة العربية السعودية للقوانين. وقالت “هيومن رايتس” مساء أمس، عبر موقعها الإلكتروني، "إن اعتراف المملكة العربية السعودية بأن ممثلين حكوميين قتلوا جمال خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول في 2 أكتوبر 2018 أثار تدقيقا مكثفا، ولو أنه متأخر، لسجل البلاد في انتهاكات حقوق الإنسان. على المسؤولين الحكوميين الأجانب المطالبة بمساءلة السعودية على انتهاكات حقوق الإنسان". وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، إنّ “اغتيال خاشقجي الوحشي لم يكن مجرد مهمة سارت بشكل خاطئ، بل نتيجة إهمال السعودية الخطير لحقوق الإنسان، والاعتقاد بأن حكم القانون لا ينطبق على ولي العهد محمد بن سلمان وقادة المملكة الآخرين. على العالم أن ينتهز هذه الفرصة للمطالبة بوضع حدّ لانتهاكات السعودية الحقوقية الخطيرة وممارساتها الضارة، التي يستمرّ بعضها منذ عقود، وإنصاف ضحاياها”. وجاءت أسئلة المنظمة على الشكل التالي: 1. لماذا يستمر التحالف بقيادة السعودية الذي ينفذ عمليات عسكرية في اليمن في شن هجمات غير مشروعة ويتلكأ في التحقيق فيها وفي تقديم تعويضات للضحايا المدنيين؟ تقود السعودية التحالف العسكري الذي بدأ عملياته في اليمن ضد جماعة الحوثيين المسلحة المسيطرة على جزء كبير من البلاد، في مارس 2015. ارتكب هذا التحالف العديد من انتهاكات القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك ما يبدو أنه جرائم حرب، ولم يجرِ تحقيقات هادفة ومحايدة في الانتهاكات المزعومة. لا يستوفي عمل “فريق تقييم الحوادث المشترك” باليمن، الذي أنشأه التحالف في عام 2016، المعايير الدولية للشفافية والنزاهة والاستقلالية. اعتبارا من شنتبر 2018، برّأ الفريق التحالفَ من ارتكاب مخالفات في معظم الضربات الجوية التي حُقّق فيها. رغم أن الفريق المشترك أوصى في عدد قليل من الضربات بأن يقدم التحالف “المساعدة” أو أن يتخذ “الإجراءات المناسبة”، لم تسمع هيومن رايتس ووتش بأي خطوات ملموسة اتخذها التحالف لتنفيذ عملية تعويض أو محاسبة للأفراد على جرائم الحرب المحتملة. لماذا احتجزت السعودية المدافعات عن حقوق المرأة البارزات، ومتى ستفرج عنهن؟ في ماي، خلال استعداد السلطات السعودية لرفع الحظر عن قيادة النساء الذي كان مرتقبا في 24 يونيو، أطلقت الحكومة حملة قمع منسقة واسعة النطاق ضد حركة حقوق المرأة. اعتقلت السلطات ما لا يقل عن 13 من نشطاء حقوق المرأة البارزين واتهمت العديد منهم بارتكاب جرائم خطيرة، بسبب نشاطهم السلمي. نفذت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة ضدهم، واصفة إياهم ب”الخونة”. ما زالت 9 نساء على الأقل محتجزات من دون تهم، رغم أن بعض التهم المتوقع توجيهها إليهن قد تؤدي إلى سجنهن حتى 20 سنة. المحتجزات التسع هنّ: لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، ونوف عبد العزيز، ومياء الزهراني، وهتون الفاسي، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، وأمل الحربي. 3. لماذا تستهدف السعودية المنشقين والناشطين السلميين في الخارج؟ قبل مقتل خاشقجي، كان سجلّ السلطات السعودية حافلا بعمليات استهداف المنشقين والناشطين خارج البلاد. مؤخرا، وفقا لتقارير إعلامية صدرت في مارس، أوقف رجال الأمن لجين الهذلول، وهي ناشطة بارزة، في الإمارات العربية المتحدة، حيث كانت تدرس، ونقلوها بسرعة إلى طائرة أعادتها إلى الرياض. أعاد رجال الأمن زوجَها السابق، فهد البطيري، من الأردن في ظروف مماثلة. تقول “منظمة العفو الدولية” ونشطاء سعوديون في كندا والمملكة المتحدة إن السعودية استهدفتهم باستخدام برمجيات تجسس ضارة. كما استخدمت السلطات السعودية نفوذها لإجبار النساء الهاربات من عائلاتهن على العودة إلى السعودية ضدّ إرادتها. يشمل ذلك حالات تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع مثل حالة دينا علي، التي أُعيدت في أبريل2017 خلال الترانزيت من الفلبين. 4. لماذا اعتقلت السلطات السعودية أكثر من 300 أمير ورجل أعمال ومسؤول حكومي ابتداء من نونبر 2017، واحتجزت العديد منهم في فندق “ريتز كارلتون”، بدون أي إجراءات قانونية واضحة على ما يبدو؟ في مطلع نونبر 2017، احتجزت السلطات السعودية 381 شخص بتهم تتعلق بمزاعم فساد، من بينهم أمراء بارزين ومسؤولين في مجال الأعمال ومسؤولين حكوميين رفيعي المستوى. احتجزت السلطات الكثيرين في فندق الريتز كارلتون في الرياض وطلبت، خارج إطار أي إجراء يمكّن المعتقلين من الدفاع عن أنفسهم بشكل مناسب، أن يسلموا أموالهم مقابل حريتهم. وفقا لبيان صادر عن الحكومة السعودية، رفض 56 شخصا فقط الدفع، وظلّوا محتجزين – وسيواجهون على الأرجح اتهامات جنائية. في مارس، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن السلطات السعودية استخدمت “الإكراه وسوء المعاملة للاستيلاء على المليارات”، وأن “ما لا يقل عن 17 معتقلا كانوا بحاجة إلى علاج طبي لسوء المعاملة على يَد محتجِزيهم”. 5. لماذا لا تزال المرأة بحاجة إلى إذن من قريب ذكر للحصول على جواز سفر أو لمغادرة البلاد؟ على الرغم من الإصلاحات الإيجابية في السنوات الأخيرة، لم تلغِ السعودية نظام ولاية الرجل. بموجب هذا النظام، تمنع السياسات والممارسات الوزارية المرأة من الحصول على جواز سفر أو الزواج أو السفر أو الخروج من السجن من دون موافقة ولي أمر ذكر، عادة ما يكون الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن. كما لا تفرض الحكومة عقوبات على الأشخاص أو المؤسسات، بما في ذلك أرباب العمل أو المستشفيات، إذا استمروا في طلب إذن ولي أمر المرأة للعمل أو الحصول على الرعاية الصحية. 6. لماذا يقضي نشطاء مثل رائف بدوي، ووليد أبو الخير، ومحمد القحطاني أحكاما بالسجن لأكثر من 10 سنوات بسبب نشاطهم السلمي؟ توجه السلطات السعودية بانتظام اتهامات جنائية لنشطاء حقوق الإنسان، استنادا إلى ممارستهم السلمية لحرية التعبير، في انتهاك للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان. منذ عام 2014، حاكمت السلطات السعودية سلسلة من المنشقين لنشاطهم السلمي في “المحكمة الجزائية المتخصصة”، وهي محكمة قضايا الإرهاب السعودية، التي حكمت على بعضهم بالسجن لمدة 10 سنوات أو أكثر. قاضت السلطات جميع النشطاء المرتبطين بال”جمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية” تقريبا، وهي من أُولى المنظمات المدنية في البلاد التي دعت إلى إصلاح سياسي واسع في تفسيرات الشريعة الإسلامية. 7. لماذا تودع السعودية في بعض الأحيان المشتبه بهم جنائيا في الاحتجاز السابق للمحاكمة لشهور أو حتى سنوات من دون تهمة أو محاكمة؟ ظلت السعودية تحتجز آلاف الأشخاص لأكثر من 6 أشهر، وتحتجز بعضهم لأكثر من عقد، من دون إحالتهم إلى المحاكم لخوض إجراءات جنائية. في أبريل، حللت هيومن رايتس ووتش بيانات من قاعدة بيانات عامة لوزارة الداخلية على الإنترنت، وكشفت أن السلطات احتجزت 2305 أشخاص قيد التحقيق لأكثر من 6 أشهر من دون إحالتهم إلى قاضٍ، و1875 منهم لأكثر من عام، و251 لأكثر من 3 سنوات. 8. لماذا يُعدّ انتقاد الملك سلمان أو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “إرهابا” في السعودية؟ يتضمن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017 تعريفات غامضة وفضفاضة للغاية لأعمال الإرهاب، وفي بعض الحالات، يعاقب عليها بالإعدام. يشمل القانون عقوبات جنائية بالسجن لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات لتصوير الملك أو ولي العهد، بشكل مباشر أو غير مباشر، “بطريقة تسيء إلى الدين أو العدالة”، ويجرّم مجموعة واسعة من الأفعال السلمية التي لا علاقة لها بالإرهاب. 9. لماذا تعدم السعودية أشخاصا لجرائم ليست الأشدّ خطورة بموجب القانون الدولي؟ أعدمت السعودية أكثر من 650 شخصا منذ بداية عام 2014، أكثر من 200 منهم لجرائم مخدرات غير عنيفة. تتطلب المعايير الدولية، بما في ذلك “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صدقت عليه السعودية، من الدول التي تطبق عقوبة الإعدام استخدامها فقط في “أشد الجرائم خطورة” وفي ظروف استثنائية. في عام 2012، ذكر مكتب مقرر الأممالمتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي أنه لا يجوز استخدام عقوبة الإعدام لمعاقبة الجرائم المتعلقة بالمخدرات. في عام 2018، بدأت السلطات السعودية السعي إلى فرض عقوبة الإعدام على المنشقين في محاكمات لم تتضمّن تهما بالعنف، بما في ذلك تهم دعم الاحتجاجات والانتماء المزعوم لجماعة الإخوان المسلمين. 10. لماذا لا تسمح السعودية بالممارسة العامة لأي دين غير الإسلام وتميز بشدة ضد مجتمعها الشيعي؟ لا تسمح السعودية بالممارسة العامة لديانات غير الإسلام وتميز بشكل منهجي ضد الأقليات الدينية الإسلامية، ولا سيما الشيعة الإثني عشريين والإسماعيليين، بما في ذلك في التعليم الرسمي ونظام العدالة والحرية الدينية والتوظيف. تنتقص السلطات الدينية التابعة للحكومة من الصيغ والمعتقدات والتفسيرات الشيعية والصوفية للإسلام في التصريحات والوثائق العلنية. لا يزال عشرات الشيعة السعوديين في السجن، لمجرد مشاركتهم في احتجاجات منذ عام 2011، طالبوا فيها بالمساواة الكاملة والحقوق الأساسية لجميع السعوديين. وجّهت النيابة مؤخرا تهما وطالبت بتنفيذ عقوبة الإعدام في حق 5 من نشطاء المنطقة الشرقية، من بينهم ناشطة حقوق الإنسان إسراء الغمغام.