أكدت نزهة الوفي، كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة أن المغرب اعتمد مسارا ناجعا من أجل العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة و تسريع تأهيل الإطار القانوني والمؤسساتي، جاء ذلك في كلمة لها أمس الثلاثاء خلال منتدى ” تأثير التنمية المستدامة” المنظم من طرف المنتدى الاقتصادي العالمي بلقاء الزعماء الاقتصاديين الدوليين حول التغير المناخي و السياق الجيوسياسي على هامش الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك. وأوضحت الوفي، خلال اللقاء الذي عرف حضور وزراء عدد من الدول ومستشارة الأمين العام للأمم المتحدة المكلفة بالتغير المناخي، أنه في إطار الانخراط في الديناميكية العالمية الجديدة الرامية إلى إرساء أسس التنمية المستدامة، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية التي اعتمدت التنمية المستدامة كمشروع مجتمعي و نموذج تنموي جديد، تبنى المغرب عدة إجراءات مهيكلة عبر عدة مداخل منها “المدخل التشريعي والقانوني باعتماد الدستور الجديد للمملكة الذي كرس الحق في التنمية المستدامة والعيش في بيئة سليمة لكل مواطن ومواطنة والقانون-الإطار للبيئة والتنمية المستدامة” ، ثم اعتماد والشروع في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، إلى جانب المدخل الاقتصادي عبر اعتماد خيار الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر في أفق 2030 في جميع القطاعات بما في ذلك مجال الطاقة من خلال رفع نسبة مساهمة الطاقات المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية إلى 52 ٪ بحلول سنة 2030. ومن المداخل أيضا المدخل الاجتماعي عبر دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتقليص الفوارق الاجتماعية ومحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة وتعميم التعليم والصحة للجميع، فضلا عن المدخل البيئي من خلال تنفيذ مجموعة من البرامج البيئية ذات الأولوية والتي تتجلى بالخصوص في البرنامج الوطني للتطهير السائل والبرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية والبرنامج الوطني لمكافحة التلوث الصناعي والبرنامج الوطني لمكافحة تلوث الهواء الذين خصصت لهم بلادنا موارد مالية هائلة خلال السنوات الأخيرة. ومن جهة أخرى، أبرزت الوفي أن المغرب ورغم مساهمته الضئيلة في انبعاثات الغازات الدفيئة على المستوى العالمي، انخرط بشكل إرادي وقوي منذ عدة سنوات في مكافحة الإحترار المناخي عبر برامج للتخفيف والتكيف في إطار مقاربة مندمجة وتشاركية ومسؤولة، كما التزم بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 42 في المائة بحلول سنة 2030 كجزء من مساهمتها المحددة على المستوى الوطني ، بموجب اتفاقية باريس. وأشارت المسؤولة الحكومية إلى أنه مع الحاجة لتحسين المعرفة بالتغيرات المناخية والولوج للمعلومة المرتبطة بالمناخ وتعزيز القدرات في هذا المجال فقد بادر المغرب إلى إحداث مركز الكفاءات للتغير المناخي C4 بدعم من الحكومة الألمانية والذي “نعمل على أن يصبح أداة فعالة لتقوية القدرات في هذا المجال، كما نعمل على وضعه رهن إشارة الدول الإفريقية في إطار تطوير التعاون جنوب-جنوب.”، تضيف الوفي. واعتبرت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة أن ربح رهان اتفاق باريس والتوافق والمصادقة عليه يعتبر فوزا تاريخيا لإنقاذ الموارد والتصدي للآثار الوخيمة للتغير المناخي وأن كسب معركة الانخراط الفعلي والعملي هو التحدي الذي يواجهنا جميعا، مشددة على ضرورة تحويل تحديات المناخ إلى فرصة للتنمية عبر التخطيط والتعبئة من أجل الاقتصاد الأخضر الشامل، وعدم الاقتصار على معالجة الأعراض، بل نحتاج إلى تعبئة جماعية لمزيد من الديمقراطية واتخاذ العدد من الإجراءات. وأكدت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة أنه رغم الجهود المبذولة مازالت هناك حاجة ملحة وعاجلة لتجنب مزيد من الخسائر والأضرار التي لحقت جميع الدول وخصوصا منها الإفريقية جراء التغيرات المناخية، داعية المجتمع الدولي إلى العمل على إبراز الدور القيادي والريادي الذي يجب أن تلعبه الدول المتقدمة من أجل التوافق على خارطة طريق للحد من المنحى المتزايد لانبعاثات الغازات الدفيئة في الاتجاه الذي سيسمح بتحقيق هدف الحد من ارتفاع حرارة المناخ إلى مستوى يمكننا من تفادي نتائج وخيمة على الإنسانية وعلى المجالات، وكذا تقديم التمويل الكافي لمساعدة الدول النامية والأقل نموا في تهيئ البرامج واتخاذ التدابير الضرورية لمواجهة هذا التغير، إلى جانب دعم قدراتها التقنية والمالية من أجل مساعدتها على مواجهة أخطار التغير المناخي.