يتبادر الى ذهن كل متتبع للمشهد السياسي المغربي اختفاء مجموعة من التعابير من قاموس السجالات القائمة بشأن توضيح اغوار من يتحكم في صناعة القرارات الكبرى التي تتجاوز المؤسسات المعينة او المنتخبة التي يحسب لها انها فعلا من تساهم على الاقل في الاعتبار الدستوري في رسم معالم التدبير العام للحكم وادارة القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية ورسم الخطوط العريضة للسياسة العامة للدولة بالشمل الذي يضمن الاستقرار و تحريك عجلة التنمية بالشكل المناسب، فإذا كان اليوسفي قد اعتبر ان من يعرقل التحول نحو التغيير هم جيوب المقاومة الذين ساهمت بشكل ملموس بعرقلة صناعة التناوب وان كان مشروطا بشروط جيوب المقاومة التي فرملت حكومة اليوسفي مع سبق الاصرار و الترصد من خلال لوبيات الاقتصاد و السياسة، وهو نفس التوجه الذي فاجئ بن كيران بعد الاعلان عن حكومة محاربة الفساد في اول محطة وبعد الاعلان مباشرة عن لائحة المستفيدين من رخص التقل ومقالع الرمال ، حيت كانت قاومت التماسيح و العفاريت توجه حكومة بن كيران في ازاحة الاذى عن طريق صناعة التغيير وان بشكل امتطى صهوة الشعبوية التي لم تزد الا من تعميق هوة التراجع وكبح التغيير الذي اضحى حلما بعد الاستفادة من الريع ذاته من خلال تقاعد استتنائي سمين كان سمنا وعسلا انهى سيرورة البلوكاج التاريخي الذي لم يزد سوى من تسمين التماسيح و العفاريت وان بشكل اكثر نجاعة وقوة لكبح جماح كل المنتظرين لمستقبل خال من لوبيات الاقتصاد و السياسة الذين يتمسكون في زمام الامور بقبضة من حديد قادرة على تكسير مل الحالمين بالتغيير الحقيقي بعيدا عن "المنهجية الديمقراطية" التي تحدد معالمها سلفا قبل نتائج اية عملية ديمقراطية يهندس لها التماسيح و العفاريت انفسهم حفاظا على بنيات معلومة تابثة تبات لوبي مقاومة اي تغيير محتمل. اذامان بن كيران بكاريزمته لم يحدد هوية "التماسيح" و"العفاريت" وسرعان ماتبخرت هذه المفاهيم ولم تحرك قيد انملة هذه الكيانات الموغلة في الرمزية و الايحاءات دون تسمية الاسماء بأسمائها في حين أرخى مفهوم "الدولة العميقة" بظلاله في الآونة المشهد السياسي المغربي، وان تم التلميح و "التقلاز من تحت الجلابة" في شكل اتهامات لجهات سياسية نافذة بكونها "تتآمر وتشوش" امام كل طموح للتغيير وتسعى للاطاحة به وان كانت الاسماء المقصودة لم تظهر في تصريح ما وتتخذ رموزا واستعارات، القليل من يعرف ايحاءاتها الحقيقية . واذا كان حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الحكومة المغربية الحالية، اتهم قصدا مرات عديدة جهات سياسية ذات قوة ونفوذ في الدولة تمارس التحكم والهيمنة على الشأن السياسي بالبلاد، و ان كان الكشف عن حقيقة الدولة العميقة ظل مؤجلا إلى اجل غير مسمى او عبر استعارات شمولية وغارقة في التعميم بالرغم من الانتقادات . إذا كان مفهوما بأن "التماسيح" هي تسعى الى حرمان المواطن من حقوقه من خلال الاموال الضخمة التي تخصص للفئات الاجتماعية المحرومة عن طريق الاستحواذ عن صنابير الثروة بعيدا عن لغة الترميز وان كانت كل الاشباح التي تنفرد بالثروة قادرة عن اسكات كل من يطمح لتفكيك بنياتها المعقدة و الغير قابلة الذوبان ، وان كانت الدولة العميقة والموازية تعمل ملل او كلل على التحكم في خيوط اللعبة السياسية للبلاد وان عن طريق الاستعارات تتحرك خلف الستار وفق اجنداتها من غير الذخول في معارك جانبية،وان كانت عملية الاختباء وراء وجود التماسيح و العفاريت لعرقلة التوجه نحو تحقيق مكاسب للتغيير ، أمر لن يخدعنا جميعا ، على اعتبار اختفاء هذا النوع من السجال لظروف لحظية وقد تكون ناجمة عن ردة فعل تسعى للاستفاذة او اعنال عين ميكة من اجل مكاسب سياسية معينة تقتضي التكيف مع ماتريده التماسيح المختفية التي لم تعد تخيف احدا رغم تحاملها المستمر لكبح كل محاولة لتغيير بنياتها الاخطبوطية باعتبارها كيانات هلامية توازي الهيئات الدستورية للدولة وتثير جدلا مستمرا ومواجهة قائمة بشكل غير معلن في الصراع القائم بين الدولة العميقة وبنيات محاولات التغيير التي تتم عرقلتها بفعل فاعل او مااصطلح عليه بجيوب مقاومة الاصلاح التي يقودها التماسيح وفق فهم بن كيران . وطالب بنمشاش رئيس الحكومة بأن يكون أكثر وضوحاً وجرأة، وأن يشرح للمغاربة مَن هي هذه الدولة العميقة تحديداً، أشخاصاً ومؤسسات، معتبراً أن "هذا الخطاب السياسي يوحي بوجود مؤسسات هلامية موازية للمؤسسات والهيئات الدستورية للدولة المغربية". وغالباً ما يستخدم رئيس الحكومة مصطلحات "التماسيح" و"العفاريت"، في خطاباته، للدلالة على جهات تعرقل عمل حكومته. وقد أثارت جدلاً وسجالاً بين من تعاطف مع بنكيران في مواجهة "الدولة العميقة"، وبين من اعتبرها "وسيلة ذكية منه للتهرب من الفشل".