لم تحمل الانتخابات التشريعية الإسبانية التي جرت أول أمس الأحد جديدا يذكر على الساحة السياسية الإسبانية، يمكن أن تحلحل الجمود والمأزق الذي وضعت فيه إسبانيا. فباستثناء التقدم الطفيف الذي حققه الحزب الشعبي الذي حصل على 137 مقعد عوض 123 مقعد التي حصل عليها في انتخابات دجنبر المنصرم، وكذا التراجع الذي مني به كل من الحزب الاشتراكي العمالي الذي فقد 5 مقاعد عن انتخابات دجنبر المنصرم حيث لم يحصل سوى على 85 بدل 90 في انتخابات 2015 وكذا حزب «المواطنون» الذي فقد 8 مقاعد حيث حصل على 32 مقعدا بدل 40 التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، فإن هذه الانتخابات لاتختلف عن سابقتها. وحده حزب بوديموس بالكاد حافظ على مقاعده حيث حصل على 69 مقعدا بالاضافة إلى مقعدين لحزب اليسار المتحد المتحالف معه ليكون المجموع 71 مقعدا كما في الانتخابات السابقة، هذه النتائج لم تعط لأي حزب من الأحزاب الأغلبية المطلقة التي تمكنه من تشكيل الحكومة حيث ان العتبة لبلوغ هذه المرتبة هو 176 من أصل 320 مجموع مقاعد البرلمان، وهكذا فإن مهمة ماريانو راخوي زعيم الحزب الشعبي الذي سيكلف كما ينص على ذلك الدستور الاسباني من طرف الملك بتشكيل الحكومة لن تكون سهلة في ظل المواقف المتصلبة لكل الاحزاب في تجاوز هذا المأزق. فالحزب الاشتراكي العمالي الغريم الأول للحزب الشعبي والذي تناوب معه على الحكم لمدة عقود عبر عن رفضه التام للدخول في أي تحالف مع حزب راخوي ليجعل بذلك مهمته شاقة وصعبة لتشكيل الحكومة. ويأمل الحزب الاشتراكي العمالي من خلال هذا الموقف حدوث تحالف مع باقي المكونات السياسية مجتمعة لتحقيق أغلبية تمكن الحزب الاشتراكي العمالي من قيادة حكومة ائتلافية لا يكون فيها الحزب الشعبي رغم تقدمه على باقي الأحزاب. وفيما أعلن راخوي عدم استبعاده لأي تحالف مع أي حزب، فإن تصريحات قادة الحزب الاشتراكي قد تقطع الطريق على آماله في عقد ائتلاف مريح لأن حزب «المواطنون» الذي يمكن أن يتحالف مع حزب راخوي لا يعطيه سوى مجموع 169 مقعد لن تمكنه من تحقيق الأغلبية. وفيما بدا المشهد السياسي الاسباني غير واضح باستثناء تحالف ممكن بين الحزب الاشتراكي العمالي وحزب بوديموس، فإن فترة انتظار تكليف ملك البلاد لراخوي بتشكيل الحكومة والمشاورات الممكنة لن تعطيه كبير أمل مع التصلب الذي يبديه كل من بوديموس والحزب الاشتراكي العمالي في رفض التحالف معه. الحل الذي يمكن أن يخرج البلاد من الأزمة هو امتناع الحزب الاشتراكي العمالي عن التصويت.