تحتضن باريس من 30 أكتوبر إلى غاية 11 دجنبر الدورة 21 لقمة الأممالمتحدة للمناخ في محاولة من زعماء العالم (195 دولة) للتوصل إلى حل بشأن التغير المناخي الذي يشهده كوكب الأرض، والخروج بأول معاهدة عالمية بشأن المناخ تقضي بخفض إنتاج ثاني أكسيد الكربون، وإن كان بدرجات متفاوتة، باعتباره أحد أهم مسببات ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتهدف المعاهدة المرجوة إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمعدل درجتين مئويتين أو أقل، فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وذلك عن طريق الحد من انبعاثات الكربون المسئولة عن التغير المناخي. وفي حال فشل القادة في التوصل إلى مثل هذه المعاهدة، فإن العلماء يحذرون من أن العالم سيصبح غير صالح للحياة البشرية، وسيشهد عواصف شديدة، وجفاف، وارتفاع منسوب مياه البحر بسبب ذوبان القمم الجليدية القطبية لتغرق مساحات واسعة من اليابسة. وفي مواجهة مثل هذه التوقعات المثيرة للقلق يأتي زعماء العالم (أكثر من 150 دولة مسئولة عن نحو 90 في المئة من انبعاث الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض) وهم يحملون تعهدات بخفض إنتاج بلادهم من الكربون وإن كان بدرجات متفاوتة. ومن بين العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق خلال القمة، التمويل المتعلق بتغير المناخ للدول النامية إلى أبعد من الهدف المتفق عليه وهو 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020. ومن شأن هذا التمويل أن يساعد على الاتجاه نحو مصادر طاقة صديقة للبيئة مثل الرياح والطاقة الشمسية. وحذرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسيف" من أن تغيير المناخ يهدد حوالي 690 مليون طفل حول العالم يعيشون بمناطق معرضة لمخاطر تقلبات المناخ، الأمر الذي يهددهم بالأمراض والجوع والموت. ويعيش 530 مليون طفل من أصل 2.3 ميار طفل حول العالم، في مناطق تهددها الفيضانات والأعاصير، ومعظمهم يقطن في القارة الآسيوية. وتأتي القمة مصحوبة بجو من التفاؤل بعد سنوات من المفاوضات الشاقة التي اتسمت بإخفاق قمة سابقة في كوبنهاجن قبل ست سنوات، حيث من شبه المؤكد تحقيق تقدم كبير في التوصل إلى مصادر أنظف للطاقة مثل الطاقة الشمسية. وعشية القمة شهدت معظم العواصم العالمية احتجاجات قوية لمطالبة قادة العالم بالتوصل إلى معاهدة تحول دون تدهور الأوضاع المناخية. فمن أستراليا إلى نيوزيلندا والفيليبين والهند وبنغلاديش واليابان، وهي الدول الأكثر تعرضا للفيضانات والأعاصير، شارك المحتجون في تظاهرات تدعو قادة الدول الكبرى إلى تجاوز الخلافات عند قمة المناخ الباريسية. واحتشد آلاف المتظاهرين في باريس حاملين لافتات كتب عليها "احموا بيتنا المشترك". واستخدمت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع لاحتواء مئات المحتجين الذين تحدوا حظر التظاهر المفروض للتنديد ب"حالة الطوارىء المناخية". واعتقلت أكثر من مئتين منهم، فيما أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أن 174 من بين المعتقلين تم توقيفهم احتياطيا بعد مظاهرة تخللتها مواجهات في ساحة الجمهورية بالعاصمة.