داء السكري مرض عام اخذ في الانتشار داخل مجتمعنا، و هو ناتج عن ارتفاع نسبة السكر في الدم و بذلك يمكنه أن يؤثر سلبا على أعضاء كثيرة من جسم الإنسان، و من أهمها العين.. في هذا الإطار أجرينا حوارا مع الدكتور عبد الفتاح ڰداري اختصاصي في أمراض و جراحة العيون خريج كلية الطب بالرباط.. س.: كيف يؤثر مرض السكري على العين و أين يكمن هذا التأثير؟ ج.: إن مرض السكري، خصوصا إذا لم يكن متوازنا لعدة سنوات، تكون له تأثيرات عديدة على العين، من أهم هذه التأثيرات: كون داء السكري يقلل من مناعة الجسم ما يجعل العين قابلة للتعفنات المكروبية. كما أن داء السكري يساعد في ارتفاع ضغط العين و هو ما يسمى داء الزرق، ذلك المرض الخطير الذي يؤدي إلى إتلاف العصب النظري إذا لم يعالج مبكرا. و كذلك يسرع داء السكري في ظهور المياه البيضاء أو "الجلالة" التي تعالج جراحيا.. و يؤثر السكري على أجزاء مهمة من العين وخصوصاً الشبكية والعدسة، ما يؤدي إلى ضعف البصر أو فقدانه. وتقع الشبكية في الجدار الخلفي للعين ويمرّ من خلالها الضوء إلى الخلايا العصبية التي تستقبله. السكري إذا، هو السبب الأول لفقدان البصر عند البالغين في سن العمل في المجتمعات المتحضرة نتيجة للمضاعفات الخطيرة التي تصيب العين كإصابة شبكية العين المتقدمة والإصابة بمرض المياه البيضاء والتي قد تؤدي إلى فقدان البصر إذا لم تعالج جراحياً. وبعد مرور 15 عاماً على الإصابة بداء السكري يقدر أن نحو 2٪ من المصابين سيفقدون البصر كلياً و10٪ سيعانون ضعفاً حاداً فيه.. س.: و ما هي في نظركم أخطر تأثيرات داء السكري على العين؟ ج.: إن أخطر و أصعب تأثيرات داء السكري على العين هو إصابة الشبكية، و التي نلاحظها عند 50٪ من المرضى بعد مرور 15 سنة من الإصابة بالسكري.. فارتفاع نسبة السكر في الدم لعدة سنين يؤدي إلى إتلاف و خنق الشرايين الدقيقة للعين، ما يمنع جريان الدم بسلاسة و يمنع وصول الأكسيجين بشكل طبيعي إلى مجمل شبكية العين، ما ينتج عنه جلطات و انتفاخات في شبكية العين، ما قد يؤدي إلى نزيف داخل العين، فتبدأ العين تفقد الرؤية بالتدريج.. و على العموم فقد تطال المشاكل التي تصيب شبكية العين بسبب السكري المرضى الذين لا يضبطون معدل السكر في الدم والذين لا يتبعون نمط حياة سليماً ويحرصون على نظام غذائهم عبر الابتعاد عن الدهون وتناول الخضر, والامتناع عن التدخين وممارسة الرياضة والمواظبة على تناول الدواء وإجراء الفحوصات الدورية بانتظام.. س.: كيف يستطيع الطبيب تشخيص هذه الحالات؟ ج.: غالبا ما يستعين طبيب العيون للتشخيص الدقيق للحالات بالاستعانة بتصوير أوعية الشبكية أو الأونجيوغرافيا و كذلك براديو ال" OCT". و يمكن اكتشاف تأثير السكري على العين مبكراً واتخاذ الخطوات العلاجية المناسبة وذلك من خلال متابعة فحص العدسة وقاع العين دورياً للتأكد من سلامة البصر. وكلما قمنا بالتشخيص المبكر جنّبنا العين المضاعفات. ومن المعلوم أن ارتفاع نسبة السكر في الدم يضرّ بالشعيرات الدموية في أعضاء الجسم كافة، وخصوصاً شبكية العين. وهذا يؤدي إذا إلى اعتلال الشبكة ويزيد معدل الإصابة بمرض الشبكية مع طول فترة السكري. ويبلغ معدل الإصابة تقريباً 50٪ بعد مرور 15 عاماً على الإصابة بمرض السكري. وهذا يؤدي إلى ضعف في البصر لدى حوالي 35٪ من المصابين خلال 5 سنوات من اعتلال الشبكية، وخصوصاً مع عدم الاهتمام بتنظيم مستوى السكري في الدم. وفي بداية الإصابة تتلف الأوعية الدموية الدقيقة في الشبكية و هذا يؤدي إلى انسداد الشعيرات الدموية فتنقص التغذية الدموية و الأوكسجين.. س.: هل يشعر المريض بأي الم أو ما ينذر بوجود مشكلة داخل العين؟ ج.: لا يشعر المريض دائماً بالعوارض في المراحل الأولى من الإصابة، لذا يتوجب الفحص الدوري لقاع العين لاكتشاف هذه التغييرات التي تعتبر إنذارا مبكراً لإصابة شبكية العين بالمضاعفات. وإذا تجمعت هذه السوائل والدم في اللطخة الصفراء، وهي مركز الإبصار في الشبكية، فمن الممكن إن تؤثر بشكل خطير على الرؤية المركزية و تؤدي إلى خسارة رؤية الأشياء الدقيقة. أما في المراحل المتقدمة من اعتلال الشبكية فتنمو أوعية دموية غير عادية وجديدة ضعيفة الجدار وسهلة النزف على سطح الشبكية. هذه الأوعية الجديدة قد تؤدي إلى حدوث نزيف متكرر على سطح الشبكية وداخل الجسم الزجاجي للعين. وتؤدي هذه المضاعفات في المراحل الأكثر تقدماً إلى تليّف الشبكية والجسم الزجاجي وانفصال الشبكية المعقد. و العوامل التي تزيد من شدة اعتلال الشبكية هي عدم ضبط مستوى السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم وزيادة مدة الإصابة بداء السكري وظهور السكري في سن مبكرة والحمل. س.: و ماذا عن العلاج؟ ج.: إن مراجعة طبيب العيون، عند بداية تشخيص السكري ضرورية جداً حتى وان لم تظهر العوارض بعد، وذلك لتجنب إصابة الشبكية وفقدان النظر. و يلزم إجراء فحص كامل للعين وقوة الإبصار مع توسيع حدقة العين لفحص الجسم الزجاجي والشبكية وإعادة الفحص سنوياً بعد ذلك. أما بشأن السيدات المصابات بداء السكري، فمن المفضل أثناء فترة الحمل إجراء فحص كامل للعين في الأشهر الثلاثة الأولى ومتابعة الفحص طوال مدة الحمل، لان تأثير السكري على العين طوال هذه المدة قد يؤدي إلى تطور سريع وحاد المضاعفات. أما العلاج فيتطلب في غالب الأحيان عدة حصص من الليزر أو الجراحة في الحالات المتقدمة.. و يبقى أهم شيء لتفادي تأثيرات داء السكري على العين و على غيرها من الأعضاء هو الوقاية، و أهم شيء فيها هو "ضبط نسبة السكر في الدم"، كذلك: ضبط ضغط الدم.. ضبط نسبة الكولسترول و الشحوم الثلاثية في الدم.. التوقف عن التدخين..