ذكرت مصادر مطلعة أن أجهزة المخابرات المغربية دخلت مع نظيرتها العراقية في تنسيق مكثف ، بعد أن عبرت هذه الأخيرة عن استعدادها لتسليم مغاربة يوجدون في سجون بغداد بداية من السنة المقبلة ، بعد أن اعتقلوا خلال حملات أمنية نفذت ضد الخلايا التابعة لتنظيم القاعدة. ويأتي هذا التنسيق في وقت حذرت تقارير استخباراتية من عودة " المقاتلين في العراق " إلى بلدانهم الأصلية، حيث ينتظر أن يعملوا على التخطيط لتنفيذ اعتداءات إرهابية . وكانت دراسة أمريكية قد أظهرت أن المغاربة يحتلون المرتبة السادسة في سجلات الملتحقين بالعراق ب36 ملتحقا بالقاعدة مقارنة مع السعوديين (237) و السوريين والليبيين (111) وفي نهاية سنة ,2006 برز في الإعلام الأمريكي حسب نفس الدراسة اسم مدينة تطوان، ومعها جامع 'مزواق' كمفرخة لتجنيد المغاربة إلى العراق. وسبق ذلك الحديث عن كون ربع منفذي التفجيرات المفخخة في العراق هم من المنطقة المغاربية، وبروز أسماء رواد ذلك المسجد ضمنهم، حتى أصبحت المدينة ومعها الجامع الذي اعتُقل إمامه بمثابة قبلة لوسائل الإعلام الأجنبية عموما والأمريكية منها على وجه الخصوص. وازداد الأمر أهمية عند معرفة قربها الجغرافي إلى مدينة سبتةالمحتلة . و تلا ذلك الإعلان عن تفكيك خلية تطوان، التي كانت تضم حسب التحقيقات الأمنية خليتين: الأولى في مدينة وزان والثانية في الدارالبيضاء، وبلغ عدد الملاحقين فيها 26 شخصا مع اتهامها بتجنيد 14 منهم عاد اثنان منهم، وهي المجموعة التي صدرت الأحكام في حقهم في يونيو الماضي. وبعد فترة هدوء نسبي في العام 2007 الذي طغت عليه أحداث تفجيرات الدارالبيضاء في مارس وأبريل، عاد الموضوع ليتجدد طرحه في العام ,2008 بالإعلان عن اكتشاف ثلاث خلايا، آخرها في شهر غشت تحت مسمى شبكة فتح الأندلس وقارب مجموع المعتقلين على ذمة هذا الملف المائة. وباستثناء قضية شبكة بليرج المرتبطة بملفات قديمة تعود لبداية التسعينيات، فإن قضايا الخلايا في المغرب أصبحت تتركز بشكل أساس على موضوع التجنيد للعراق. وعالجت الدراسة وهي صادرة عن مشروع هارموني بمركز مكافحة الإرهاب التابع لأكاديمية 'ويست بوينت' العسكرية الأمريكية ، المعطيات الميدانية المرتبطة بالقاعدة، كالتفجيرات المتبناة من قِبَلها، والمعتقلين العرب ذوي العلاقة بها ، واشتغلت على تحليل ما عُرف بسجلات سنجار، وهي مدينة عراقية تبعد عشرة أميال عن الحدود السورية. وقد حصلت القوات الأمريكية على هذه السجلات في غارة على المدينة في سبتمبر 2007 وقد ضمت السجلات قوائم تعريفية ب560 ملتحق بتنظيم القاعدة بصورهم وطرق التحاقهم بالعراق واستعداداتهم القتالية وسبل الاتصال بعائلاتهم. ونشرت القوائم في ديسمبر ,2007 أما تحليلها وربطها بالعمليات التي يعرفها العراق، ومجموع المعتقلين العرب في سجن بعقوبة الذي يضم هو الآخر 250 معتقل بحسب إحصاءات أبريل الماضي، فهي ما اختصت به الدراسة المتحدَّث عنها في هذا المقال. وكشفت الدراسة أن المدينة المغربية التي تعرف أكبر عدد من حيث التجنيد ليست تطوان بل الدارالبيضاء ، إذ جاء حوالي نصفهم من هذه المدينة، ولم تتردد الدراسة نفسها في التعبير عن هذه المفاجأة التي تكذِّب تصورا ساد عند خبراء الإرهاب بحسب الدراسة، أما تطوان فلم يبلغ عدد القادمين منها سوى خمسة. كما كشفت المعطيات أن المغاربة احتلوا المرتبة الثالثة على صعيد التبرعات الممنوحة ، بعد كل من السعوديين والليبيين، رغم ضعف المبلغ المتبرع به. وبرز أن دور الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا، 'تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي' لاحقاً ، في التجنيد والتعبئة والتأهيل ، دور محدود ، ولهذا اكتفت الدراسة بتأكيد أن الطريق المغربية نحو العراق تمر عبر تركيا فسوريا .