من هو بلعيد بن صالح اكريديس؟ ممارس للفن المسرحي والسينمائي،موظف سابق بالمجمع الشريف للفوسفاط، ممثل نقابي سابق للعمال ، ككل الأطفال تعرضت لتأثيرات متنوعة منها؛ فن الحلقة وفنون الرقص والغناء التي كانت تقدمها مجموعة من العمال المنجميين بقريتي بولنوار في المناسبات الوطنية، وما يتبعها من قفشات الضحك وبعض العادات التي اختفت كبجلود وعاشوراء وطقوس تاغنجة ، ثم جاء دور المخيمات الصيفية والدراسة وبالأخص حينما كان الأساتذة منهم المغاربة والفرنسيون يبرمجون دروسا مسرحية تعلمنا منها سلامة النطق وفن الإلقاء ، فجاء انضمامي إلى أول جمعية مسرحية للنجوم الصاعدة. من هم الفنانون المسرحيون أو السينمائيون الذين كان لهم الفضل في تكوين شخصيتك الفنية؟ شخصيا أعتبر نفسي محظوظا بحكم أنني صادفت في حياتي أشخاصا متمكنين من أساتذة وفنانين، ولكل واحد بصمته الخاصة، أذكر من بينهم أحمد زلال وهو أول شخص اشتغلت معه، ثم المرحوم أحمد عاشق والأستاذ المامون إدريس والمرحوم حوري حسين، وبعدها تدربنا تحت إشراف أساتدة منهم؛ عمر بوصوف والمرحوم حسين لمريني والعربي بلشهب ، و قد كنت معجبا ببعض الممثلين أذكر منهم؛ الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج وكثير من رواد مسرح الهواة من المرحوم الكغاط إلى بهجاجي،يوسف فاضل ونجاح حميد واللائحة طويلة.. و قد استفدنا من خلال الإحتكاك بهذ التجارب الفنية عبر مشاركتنا آنداك في عدة مهرجانات مسرحية للهواة كانت تعتبر أكبر مدرسة تعلم فيها الكثيرون ومازالت آثارهم سارية إلى يومنا هذا. نعلم أن لائحة أعمالك الفنية طويلة، لكن باختصار شديد ما هي أهم الأعمال الفنية التي شاركت فيها وكان لها صيت كبير في الوسط الفني، وأكسبتك صفة الاحتراف ؟ لن أستطيع في هذه الورقة أن ألم بكل ما قدمت في المسرح والسينما لعدة عقود، أذكر مسرحيات من تأليفي «ضباب عند الفجر» و»الرجل المثالي» التي فازت بجائزة أحسن نص في مهرجان الدارالبيضاء سنة 1982، و»ثقب في رأس رجل» و»المذكور أسفله»، وهذه المسرحيات منشورة بعدة مواقع فنية منها؛ مسرحيون.. بالإضافة إلى مسرحية «المانيرا والتعركبيبة واللامة لامتنا» في إطار محترف مسرح الهضبة، الذي أقبر بفعل فاعل، وكنا ضمن عشرة أحسن فرقة مسرحية بالمغرب، حيث شاركنا في المسابقة الرسمية في مهرجان المسرح الوطني بمكناس 2004، وكانت هي البذرة الأولى التي جاءت بعد تجربتنا الاحترافية سنة 2005 ، ثم فتحت لنا آفاقا سينمائية حيث ثم اكتشاف طاقات هامة بالمنطقة بفضل المخرج المقتدر حميد الزوغي الذي يعود له كل الفضل الفنان كي يتعرف علينا الجمهور. هل تُحَضر الآن لأعمال مسرحية أو سينمائية مستقبلية؟ -بالطبع لن أتوقف، لأن هذا مصيري وفيه وجدت راحتي وبفضله يمكن أن أشارك في بناء صرح وطني، والركح هو المكان الأكثر نجاعة و الذي منه يمكن أن تنتقد وتشخص كل عيوب المجتمع بدون خوف وبدون أن تدمغج فكرك . أما آخر مسرحية شاركت فيها فتحمل عنوان «حياة زوجية «، و هي للمخرج ادريس شويكة، وقد قدمت ما يقرب من 20 عرضا عبرعدة مدن مغربية. -يقال إن بلعيد بن صالح اكريديس رغم مشاركاته في أعمال وازنة، إلا أنه لم يسطع نجمه فيها بشكل كبير هل هذا صحيح؟ -هذا سؤال يجب طرحه على المخرجين الذين لا يعرفون حتى أن هناك حركة فنية رائدة بالمنطقة، والإعلام مقصر بدوره في هذا الشأن ، كثيرون لا يعرفون حتى الأعمال التي شاركت فيها بين الوطنية والعالمية سواء عن قصد أو أنهم محدودون ولم يتفرجوا عليها ، ثم ما معنى دور صغير وكبير، المهم هو كيف تعاملت مع الشخصية التي أسندت إليك، كثير من النجوم قدموا أدوارا صغيرة وتوفقوا فيها، و الأدوار الثانوية مفخرة خصوصا إذا كانت في أفلام عالمية ومع نجوم معروفين دوليا ، وبالأخص اذا كنت تقطن بمدينة لا شيء فيها وعقارب ساعتها متوقفة ، كانت لدي أدوار محترمة في فيلم «حديث اليد والكتان» لعمر الشرايبي، وفيلم «خربوشة» لحميد الزوغي و»القضية» لنور الدين لخماري و»لعكوسات» لتبوت عبد الكريم؛ وهي أدوار لها وزنها، وفيلم «بلنوار» الذي لعبت فيه دورا محوريا. حدثنا عن تجربة فيلم «بولنوار» ؟ هناك تجربة لا يعرفها المتتبعون أو لا يريدون ذكرها، هي كتابتي لسيناريوهات سلسلة «آدم و رمزي» لفائدة الجزيرة أطفال، وهي التجربة التي أعطتني نفسا حيث كانت كل كتابة تراجعها خلية من أبرز المثقفين والفنانين، ولا يمكن قبولها ببساطة إذا لم تكن في المستوى، ثم سيناريو «قنطرة في المنام» الذي لم يقبل نظرا لحساسية الموضوع سنة 2006 ،بعد ولوجي لعالم السينما اكتشفت طريقة كتابة السيناريو فعدت إلى ريبرتواري حينما قدمت أعمالا مسرحية تهم منطقتي المعروفة بالمناجم الفوسفاطية، ولا حظت تجاوبا جماهيريا معها وبالأخص مسرحية «هاك وارى « ومسرحية «المانيرا» ، تناولنا فيها محنة عمال المناجم ، فبحثت عن سيناريو يوثق لهؤلاء الأشخاص، وبدات بإنجاز مسودة، ومن حسن الصدف التقيت بالدكتور عثمان أشقرا فقال لي «كتبت رواية لم تنشر بعد تحكي عن قريتنا « بحكم أننا ولدنا بها، وفي كلمتين قلت له وجدتها وجدتها» تيمة للفيلم» الذي سيخلق ضجة وسيكون إضافة نوعية للسينما المغربية على اعتبار أن التيمة لم يسبق التطرق لها من قبل، ثم إن كل من كتب تاريخ منطقته يساهم فيكتابة كل تاريخ البلد ، بالإضافة إلى أنني من عشاق الرواية المغربية لأنها في ظل هزالة الكتابة تعتبر خزانا للسينمائيين، يمكن لهم أن يستفيدوا منها ، فاتصلت بالمنتج والمخرج حميد الزوغي فأعجبته الرواية، ثم أسندت إلي كتابة السيناريو فحصل على تسبيق على الدعم، وأنجز الفيلم في منطقتنا و شارك فيه أكثر من 2000شخص بين ممثلين وكومبارس وتقنيين ومساعدين من منطقة بولنوار ، خريبكة ، سبت الفقرا ، ايت عمار . بعض الفنانين غادروا مدينة خريبكة واستطاعوا أن يرسموا لهم طريقا إلى الاحتراف ولعبوا أدوارا بطولية في عدة أعمال، ما سبب مغادرتهم المدينة؟ طبعا (للي بغى يبان) عليه مغادرة مدينة خريبكة التي لا توجد فيها معاهد ولا مسارح ولا سينما ولا شركات إنتاج، و يذهب للرباط أو الدارالبيضاء أو مراكش، ففيها شركات إنتاج كبيرة ، شخصيا لم أهاجر كما فعلوا، لا يهمني أن أظهر في التلفزيون أو تكتب عني الصحف ، ما يهمني هو ماذا قدمت ولو كان في أقصى البلد. ما هي نظرتك للفن المسرحي والسينمائي الحالي بخريبكة، وكيف ترى مستقبل هذه الفنون؟ -الفن المسرحي ضيع كثيرا من بريقه و من الممارسين والرواد، هجروه نظرا لانعدام الدعم من طرف المعنيين بالشأن الثقافي والفني معنويا وماديا ، تصور ما يفوق 30سنة ونحن نشتغل بدون منح بدون مساندة ، لقد أسمعنا صوت هذه المدينة عبر كل المحافل وطنيا ودوليا والمسؤولون غائبون بدون أن أستثني أحدا من المجالس المنتخبة إلى السلطات، وفي غياب مركبات مجهزة و محلات لوضع ديكوراتنا التي ضاعت وبيعت في سوق الخردة ، تعبنا وهرمنا، سنين ونحن ننتج من مالنا ومن جهدنا ومن عرقنا وعلى حساب مصالحنا ومصالح عائلتنا ، ماذا ربحنا؟ لو تعلمت بيع الطماطم لكان أفضل لي من هذا الصداع لأننا نسبح لوحدنا. هل تحس أن مدينة خريبكة أعطتك ما تستحق من تقدير واعتراف واهتمام بقدراتك الفنية وإنجازاتك المسرحية؟ -مدينتي و وطني على عيني وراسي، ولكن المدبرون للشأن الفني والثقافي والجمعوي هم من حطمونا بتهميشنا وعدم دعمنا، و هذا الإقصاء مقصود لأننا نزعجهم ونفضح تصرفاتهم وسياستهم الفاشلة، طبيعي أن لا يساعدك من تعري عن عيوبه. هل استفدت من برامج التنمية البشرية علما أنك اشتغلت في العمل الجمعوي والفني والثقافي ما يفوق 35 سنة ؟ شخصيا لم أعد أعرف معنى التنمية البشرية وعلى أية مقياس يتم قبول الملفات ، قدمت ما يقرب 3 مرات ملفات تتعلق بالتكوين في الميدان السمعي البصري ورفضت، بينما استفادت جمعيات أخرى تأسست حديثا عدة مرات ، لم أفهم ، السؤال يجب طرحه على المسؤولين المحليين وعلى رأسهم السيد العامل الذي يعرف كل صغيرة وكبيرة عن تجربتنا ، يبقى السؤال ألا يدخل كل ما قدمناه للمدينة طول هذه المدة ضمن نطاق التنمية البشرية، آخرها فيلم «بولنوار» الذي اشتغل فيه أكثر من 2000شخص. أين وصلت الدورة الثانية للفيلم القصير ؟ متوقفة ومؤجلة إلى حد الآن في انتظار داعمين محليين ، قدمنا ملفا للتنمية البشرية وبعض الجهات ولم نتوصل بأي رد لحد الآن. تم تكريمك في الدورة الثالثة للمسرح بخريبكة الذي تقيمه جمعية الرواد ، وفي مدينة لقصيبة ما هو تقييمك لمثل هذه المهرجانات؟ أشكرهم وأحترمهم وأقدرهم ، يعرفون مسيرتي ومنهم من اشتغل معي ،شباب يستحق كل الاحترام، أعجبتني جرأتهم وتفانيهم ؟ أنجزوا عملا كبيرا وإضافة نوعية للفن بخريبكة ،أعتبرهم ناجحين بالتضحيات التي قدموها و ما يتسمون به من نكران الذات ، لا يهمني أنهم اخطأوا أو نجحوا بل يهمني نجاح التظاهرة لتصبح لها كل المقومات الصحيحة . و لا أختم تدخلي دون أن أشير وأهنئ بعض الصحف الوطنية التي تغطي الأنشطة الفنية والثقافية بالمدينة.