شكلت خرجة المندوب السامي للتخطيط مرة اخرى ضربة للحكومة التي لزمت الصمت حيال تراجع اسعار النفط وآثاره المحتملة والوشيكة على الاقتصاد الوطني، وهو تحول يسائل اولا الفرضيات او التوقعات التي تاسس عليها القانون المالي لسنة 2015 وفي مقدمة ذلك تحديد متوسط سعر البترول في 103 دولار. ففي ندوة صحفية عقدها السيد أحمد لحليمي علمي يوم أول أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء، خصصها للحديث عن الوضعية الماكرواقتصادية لسنة 2014، والتوقعات الاقتصادية لسنة 2015، قال السيد لحليمي ان الناتج الداخلي الإجمالي سيعرف زيادة ب 4,8% سنة 2015 عوض 2,6% سنة 2014، وذلك بسبب الآفاق الجيدة للموسم الفلاحي الحالي وتطور المحيط الدولي، خاصة فيما يتعلق بانخفاض أسعار النفط. وسيمكن هذا النمو الاقتصادي المتوقع لسنة 2015، حسب المندوب السامي من توفير 170 ألف منصب شغل، وتحسين معدل البطالة على المستوى الوطني بنسبة %9,6 عوض %9,8 في سنة 2014، وكذا تحسن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب ب 4,5% سنة 2015 عوض 4,1% سنة 2014، وارتفاع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بنفس الوتيرة المسجلة سنة 2014، أي ب 1,2في المائة ، وارتفاع المداخيل السياحية بحوالي 1% سنة 2015 عوض زيادة طفيفة ب 0,2% سنة 2014، وستعزز الاستثمارات الأجنبية المباشرة من وتيرة نموها لتصل إلى 10في المائة . ارقام ومؤشرات استوجبت العودة الى تصريح وزير المالية بخصوص مالية 2015 حيث اوضح ان السياق العام لاعداد الوثيقة المالية حكمه السياق الدولي المضطرب الذي لم يبلغ بعد مرحلة الاستقرار واستمرار ركود اقتصاديات منطقة اليورو الشريك الاقتصادي الرئيسي للمغرب وتاخر الاصلاحات الاقتصادية في بعض الدول وخفض توقعات النمو لمنطقة اليورو. وفي الوقت الذي ظل المغرب يعاني فيه من ثقل الفاتورة الطاقية واستنزافها اموالا مهمة لقطاعات اخرى، يعلن اليوم صندوق النقد الدولي ان تراجع اسعار النفط سيحدث انتعاشا ملحوظا في اقتصاديات الدول غير المنتجة والمستهلكة للبترول، وبذلك فان هذا السيناريو يدعو الحكومة الى مراجعة توقعاتها. في هذا الاطار سبق لحليمي الحكومة ليعلن ان القيمة المضافة للقطاع الأولي ستعرف سنة 2015 زيادة ب %9,3 عوض انخفاض ب %1,7سنة 2014. كما سيسجل حجم الطلب الداخلي تحسنا في وتيرة نموه لتصل إلى 5,4% عوض 2,4% سنة 2014، ليساهم بحوالي 6,1 نقطة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي عوض 2,8 نقطة سنة 2014 ، وسيستقر معدل التضخم، المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، في حدود 0,8% سنة 2015 عوض 0,4% سنة 2014. أما حجم استهلاك الأسر، فسيعرف ارتفاعا ب 4,4%، حيث ستتحسن مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي لتصل إلى 2,6 نقطة سنة 2015 عوض 1,8 نقط سنة 2014 ؛ و سيعرف استهلاك الإدارات العمومية ارتفاعا ب 4,9%، حيث ستستقر مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي في حدود 0,9 نقطة، وسيعرف الاستهلاك النهائي الوطني زيادة ب 4,5%، ليعزز مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي في حدود 3,6 نقط. ارقام ومؤشرات تستدعي الاشارة الى ان عددا من البرلمانيين خلال مناقشة الوثيقة المالية نبهوا الى المبالغة في التوقعات خاصة بالنسبة لسعر النفط مشيرين الى تحسن اقتصاديات اروبا وتضييع فرص مهمة على مستوى الاستثمار، فضلا عن هامش الخطا الشاسع الذي يتبين بين توقعات مشروع المالية والارقام عند نهاية السنة المالية، وعدم تفهم اجراءات الحكومة لمراجعة الضريبة على القيمة المضافة في عدد من المواد وكذا على استعمال الطرق السيارة. الى ذلك كشف لحليمي ان التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت سيعرف ارتفاعا بحوالي 1,9%، حيث ستستقر مساهمته في النمو في حدود 0,6 نقطة عوض 0,2 نقط سنة 2014 ، في حين سيعزز التغير في المخزون من مساهمته الموجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي، لتستقر في حدود 1,9 نقطة عوض 0,2 نقط سنة 2014. وبخصوص الصادرات من السلع والخدمات، تتوقع المندوبية، أن تعرف زيادة بنسبة 6,7% سنة 2015، مستفيدة من تحسن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب، في حين ستعرف الواردات ارتفاعا ب 7,7% عوض 4,7% سنة 2014، وسيسجل الطلب الخارجي مساهمة سالبة في النمو، ستصل إلى 1,2 نقطة سنة 2015. وستعرف الصادرات ارتفاعا ب 4,8%، في حين ستسجل الواردات زيادة ب 3,9%، نتيجة الانتعاش المرتقب للاقتصاد الوطني خلال سنة 2015، مصحوبة بمواصلة تراجع الأسعار العالمية للمنتجات الطاقية والمواد الأولية الأخرى. وبالتالي، سيواصل عجز ميزان الموارد تقلصه، ليصل إلى حوالي 11,8% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2015. وبخصوص معدل الادخار الوطني، تتوقع المندوبية، أن يستقر في حدود 25,7% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2015 ، حيث سيمكن هذا المستوى من الادخار من تغطية جزء كبير من الاستثمار الإجمالي، الذي سيمثل 31,9% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2015. وبالتالي، سيفرز حساب رأس المال، عجزا في التمويل بحوالي 6,2% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2015 عوض 6% سنة 2014 و7,6% سنة 2013. وعلى مستوى المالية العمومية، سيتواصل تقلص عجز الميزانية الذي سيستقر في حدود 4,5% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2015 عوض 5% المقدرة سنة 2014. وتعزى هذه النتيجة، أساسا، إلى تقليص نفقات دعم أسعار الاستهلاك التي ستستقر في حوالي 23 مليار درهم والارتفاع المرتقب لمداخيل الميزانية، خاصة المداخيل الجبائية. وستتم تغطية هذا العجز عبر اللجوء إلى الاقتراض الخارجي والداخلي، حيث سيصل معدل الدين الإجمالي للخزينة إلى 63,6% من الناتج الداخلي الإجمالي. و سيستقر معدل الدين العمومي الإجمالي في حدود 78,6% من الناتج الداخلي الإجمالي سنتي 2014 و2015. وستسجل الكتلة النقدية زيادة بحوالي 5,3%. وستمكن الموجودات الخارجية الصافية من تغطية حوالي 5 أشهر و6 أيام من الواردات، بينما ستواصل القروض البنكية ديناميتها المعتدلة لتسجل زيادة بحوالي 4,2% سنة 2015 عوض 3,5% سنة 2014. وخلال اتصالنا بخالد السبيع عضو لجنة المالية بمجلس النواب كشف للعلم ان تسجيل نمو 4.8 في المائة بدل 2.6 في المائة سيساهم في تسجيل انخفاض طفيف في معدل البطالة، غير ان البطالة في الوسط الحضري المسجلة في 14 في المائة تظل مؤشرا خطيرا، ولها قيمتها ودلالتها في تلمس استراتيجية الحكومة، حيث تبقى بطالة الوسط القروي مرتبطة بالسنة الفلاحية وانشطة موسمية. وقال ان عائدات السياحة وتحويلات المغاربة بالخارج لن تتعدى واحد في المائة لكل قطاع، مثلما ان التحسن الطفيف في استهلاك الاسر يظل مؤشرا ضعيفا اخذا في الاعتبار حجم الإضرار الذي عاناه الانفاق الاسري، والذي كان يفترض ان يعرف نقلة نوعية في ظل تهاوي اسعار النفط لو توفرت للحكومة رؤية استراتيجية في هذا الباب. واشار الى ان معدل الادخار يعرف استقرارا وهو مؤشر مهم يبين الكفاءة الاقتصادية في خلق آلية التمويل الداخلي وعدم اللجوء الى تمويل من الخارج. اما الاستثمار العمومي فقال انه سجل تراجعا مهولا من حيث المجهود العام ونسبة الانجاز بالمقارنة مع الحكومة السابقة، موازاة مع تقلص البنيات التحتية. وبالنسبة للمديونية فاوضح انها يمكن ان تحقق نتائج ولكن يجب تحفيز آلية التمويل، اما تحقيقها باللجوء الى وسائل سترهق الاجيال المقبلة على مستوى تسديد الديون فهذا ما يشكل خطرا حيث تحتل المديونية معدل 80 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يعادل اقتراضات ثلاث حكومات، فيما انتقلت خدمة الدين من 37 مليار درهم في عهد حكومة الاستاذ عباس الفاسي الى 62 مليار في عهد الحكومة الحالية، ما يهدد الميزانية ويضعها امام اكراهات من نوع جديد تشل الاستثمار والقطاعات الاجتماعية. وابرز انه حتى عند تحقيق 4.8 في المائة فان متوسط معدل النمو سيبقى ضعيفا وبعيدا عما روجه الحزب الاغلبي كمعدل محدد في سبعة في المائة، علما المتوسط المسجل في حكومة جطو كان 6 في المائة، وفي عهد حكومة عباس الفاسي 5 في المائة. واوضح في الختام انه حتى لا يتم تغليط المواطن فان ارقام المندوبية السامية للتخطيط لها دلالتها وقيمتها ويتوجب كل ثلاثة اشهر تعزيزها بنسب الانجاز لمقارنتها مع هذه التوقعات. تثمار العمومي فقال انه سجل تراجعا مهولا من حيث المجهود العام ونسبة الانجاز بالمقارنة مع الحكومة السابقة، موازاة مع تقلص البنيات التحتية. وبالنسبة للمديونية فاوضح انها يمكن ان تحقق نتائج ولكن يجب تحفيز آلية التمويل، اما تحقيقها باللجوء الى وسائل سترهق الاجيال المقبلة على مستوى تسديد الديون فهذا ما يشكل خطرا حيث تحتل المديونية معدل 80 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يعادل اقتراضات ثلاث حكومات، فيما انتقلت خدمة الدين من 37 مليار درهم في عهد حكومة الاستاذ عباس الفاسي الى 62 مليار في عهد الحكومة الحالية، ما يهدد الميزانية ويضعها امام اكراهات من نوع جديد تشل الاستثمار والقطاعات الاجتماعية. وابرز انه حتى عند تحقيق 4.8 في المائة فان متوسط معدل النمو سيبقى ضعيفا وبعيدا عما روجه الحزب الاغلبي كمعدل محدد في سبعة في المائة، علما المتوسط المسجل في حكومة جطو كان 6 في المائة، وفي عهد حكومة عباس الفاسي 5 في المائة. واوضح في الختام انه حتى لا يتم تغليط المواطن فان ارقام المندوبية السامية للتخطيط لها دلالتها وقيمتها ويتوجب كل ثلاثة اشهر تعزيزها بنسب الانجاز لمقارنتها مع هذه التوقعات.