لن يكون المرء في حاجة إلى بذل جهد لمعرفة الجهة المؤطرة والمشرفة والممولة لما سمي بتسريبات كولمان، وبغض النظر عن مضامين هذه الوثائق وعن مصداقيتها فإنه كان لافتا حقا أن تنحصر هذه التسريبات على وثائق ورسائل تهم قضية الصحراء المغربية، وتجاهلت أو عجزت عن الوصول إلى وثائق أخرى تهم قضايا سياسية واقتصادية وغيرها. اقتصار هذه التسريبات على قضية الصحراء المغربية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجهة المشرفة والمؤطرة لهذه التسريبات هي المخابرات الجزائرية، وأن اسم كولمان هو اسم من الأسماء التي إبتدعتها المخابرات الجزائرية بهدف التمويه والتعتيم عن دورها الرئيسي، وأن العملية برمتها لاتعدو أن تكون حلقة من حلقات اللعب بين المخابرات الجزائرية ونظيرتها المغربية. وواضح الآن. أن الرصاصة الاستخباراتية التي اطلقتها المخابرات الجزائرية من فوهة رشاشها والمتمثلة في هذه السريبات لم تحقق هدفها الرئيسي، فإذا كان الهدف هو فضح ما تعتبره هذه المخابرات فضائح وتأكيد على أن المخابرات الجزائرية قادرة على اختراق أمعاء المخابرات المغربية. فإن هذه الطلقة لم تحدث صدى، حيث لم ينتبه الرأي العام المغربي ووسائل الإعلام الوطنية والدولية لما حدث ، وأن الرباط مازالت تمسك بثقة وطمأنينة بخيوط ألاعيب الخصوم في قضية شعب برمته، بل بالعكس فإن هذه التسريبات خدمت مصالح المغرب من حيث لم يتوقع ذلك الخصوم، إنها كانت بمثابة امتحان ناجح للمغرب.