فصل جديد من الفصول المشوقة والمسترسلة لحرب الأجهزة الأمنية المغربية الاستباقية ضد الارهاب والتي غالبا ما تشتد و تتكثف صيف السنوات الأخيرة. الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تمكنت مجددا و بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من تفكيك خلية إرهابية تتكون من ستة أشخاص، من بينهم معتقل سابق بمقتضى قانون الإرهاب، تنشط بمدينة فاس، ومتخصصة في تجنيد وإرسال متطوعين مغاربة للقتال ضمن صفوف الجماعات الإرهابية بسوريا والعراق. بلاغ لوزارة الداخلية توصلت الجريدة بنسخة منه أمس أفاد بأن التحريات أكدت أن هذه الخلية قامت، بتنسيق مع قياديي التنظيمات الإرهابية التي تنشط ببلاد الشام والرافدين ، باستقطاب وإرسال العديد من المقاتلين إلى هذه البؤر، حيث يستفيدون من تداريب عسكرية حول استعمال الأسلحة وتقنيات صناعة المتفجرات،في أفق تعبئة البعض منهم من أجل تنفيذ عمليات انتحارية بكل من البلدين السالفي الذكر. البلاغ أبرز أنه تبين من خلال تتبع أنشطة المقاتلين المغاربة الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكرية ضمن الجماعات الموالية لتنظيم «القاعدة»، عزمهم العودة إلى أرض الوطن من أجل زعزعة أمنه واستقراره عن طريق تنفيذ اعتداءات إرهابية. وأشار المصدر ذاته إلى أن أعضاء هذه الخلية يقومون بجمع التبرعات المالية والاتجار في السلع المهربة، وذلك بغرض تأمين الدعم المادي لتمويل سفر هؤلاء المتطوعين إلى سوريا. تواتر الاعلان الرسمي عن تفكيك خلايا إرهابية تتربص بأمن وإستقرار المملكة وتخصص جلها في تجنيد جهاديين مغاربة الى بلاد الشام والعراق وخضوعهم لتدريبات عسكرية يعكس من جهة فعالية التدبير الأمني لملف التهديد الارهابي المتنامي للمملكة ويطرح من جهة أخرى خطورة وحساسية التعامل مع المخاطر والتحديات الاجتماعية والأمنية التي يفرزها وضع الجهاديين المغاربة في حالة عودتهم المحتملة الى المغرب. في غياب معطيات رقمية صريحة حول أعدادهم و خلفياتهم و مشاريعهم تفيد حصيلة التقارير الأمنية الرسمية أنه جرى منذ سنتين فقط تفكيك 18 خلية «إرهابية» ضالعة في تجنيد وتدريب «جهاديين» مغاربة. السلطات المغربية، التي أعلنت منذ تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو2003 عن تفكيك أكثر من 130 «خلية إرهابية»، لا تخفي مخاوفها المتصاعدة من عودة المقاتلين المغاربة في سوريا إلى المملكة لتنفيذ عمليات إرهابية. التقديرات الجزافية تتحدث عن ما لا يقل عن ألف من المتطوعين المغاربة للقتال في سوريا يستفيدون من تدريب دقيق على استعمال الأسلحة وتقنيات التفجير والعمليات الإنتحارية، والخوف المتنامي من مخاطر تعبئتهم من أجل العودة إلى أرض الوطن لزعزعة أمنها واستقرارها يظل من العوامل التي تعطل مساعي حقوقية ورسمية خجولة تبحث عن منفذ قانوني و سياسي لطي نهائي لملف السلفية الجهادية بالمملكة.