تعالي كما أنت نفرد للغرام فراشا ناعما كأحلامك نجتز من الوقت مساحة لنا يليق بأفكارك تشطحين محلقة في الفضاء بأجنحة أشواقك لأمانيك المدسوسة في جرابك لهذا اللقاء بين شتات عمري وربيع أيامك فقد بدأ الحزن عليك واضحا أراه في أوراق خريفي وغروب المساء . تعالى سيدتي أعلمك فنون الحب وكيف للعبة تستعدين ومتى ترتدين فستانك الأحمر ونوع عطرك الذي يناسبني تعالى بخطوات متمهلة ولا تستعجلي الوقت معي واتركي كل شيء خلفك يا لذيذة يا عذبتي في زمن المرارة وأهملي تلك البلاد ، احذفيها من رأسك الصغير لنمارس اللعبة ونتسلى نسخر من الرئيس في التلفاز وهو يعدد خيباتنا بلسانه الطويل ويعدنا برغيف خبز رخيص وأنه يتمنى لنا السعادة المؤجلة ونهزأ من يسّخر الدين لدنياه ومن الذين في حضوره يصفقون له ومن الفيسبوكيات بأسمائهن المنتحلة وصورهن المستعارة يتبادلن الأفكار العامة والخاصة أحيانا ويبثن أشوقهن وشكواهن يصففن مشاعرهن على رفوف القلب ويرقصن في مربع ضوئي أمام المرايا الحزينة ويصطدن في خلسة من الليل عرسانا من ضوء الشاشات وشباب في غاية الوسامة ينتظرون قطار الحبيبات في مستطيل الشات منذ سنوات تحرك ولم يصل . تعالي نشاهد السادة أعضاء الحكومة يتصدرون المشهد ببدلات رسمية وربطات عنق حمراء وهم يؤجلون كل شيء إلا تدابير الفناء يلوكون كلاما لا نفهمه ويعجنون دقيق خبز ليس لنا ينضجونه على نار هادئة حطبها أجسادنا الهزيلة يا جميلة لاحظيهم كيف بنشوة يغبون شرابا مزيجا من عذاب الفقراء وعرق الكادحين في جماجم الشهداء انتبهي إلى حب الطيبين الصالحين للبلاد في ذلك الركن القصي من شاشة التلفاز الغريب في الأمر أنهم يقبلون عليها وهي عنهم بخيلاء تلفت كأنها فيهم شامتة أو أن هناك من اختطفها في الطريق مقطوع بهم تعالي فالليلة عشق باذخ وغدا نتحرك إلى الميدان. فكم من رأس للشيطان قُطع في المقصلة وكم من شمس منه أشرقت وعمت الأرجاء . عصي على الفهم كان متوقعا أن لا يحدث الذي جرى أن نمرق من ثقب يومنا إلى القرن الأول للميلاد نتخبط على طريق العودة بخطوات معوجة نمشي على أيدينا نرسم حلما ببهجة الألوان الوهمية سرابا ما أن نصله حتى نغرق في وحله لكننا بحيلة الشيطان نملأ صدورنا بهواء فاسد ونطفوا نواصل المسير ونجتاز السراب كأن هناك من يدفعنا بقوة ونحن غالبا كنا نتوقع أن لا يداهمنا القدر كأن يتخطانا ليصيب غيرنا وهذا يحدث أحيانا كنا نتوقع أن لا يحدث الذي جرى أن لا تنتحر أحلامنا في المهد وتضيق صدورنا علينا ولا يصدق قول العرافة وما رأته في الفنجان أن خريفا سيحصدنا وتنقر رؤوسنا طيور سود فثمة مهمة مدفوعة الأجر يتم تنفيذها على مهل حسب مقتضيات قدر محتوم هذه المرة لم يتجاوزنا إلى غيرنا فكان أن كثرت خيام المآتم في الشوارع وضج الفراغ ببكاء الأطفال وعويل النساء يومها تعجبنا لكلام العرافة ونكرنا عليها ما رأت فقد هالنا ما أفصحت عنه وما سيصيبنا من هول لكننا لم نسأل لماذا تأخر بلال عن الآذان فلم نسمع صوته عند الفجر لم نسمع نباح كلاب قافلة أبو سفيان وحدها أصوات الغربان فوق الأبراج وعواء الذئاب في هذه البلاد تعلو مع صفير الريح الخريفية ورغم تساقط أوراق الأشجار والمحن فوق رؤوسنا فسوة السلطان عارية كمؤخرات القرود . وطن عصي على الفهم قال الطفل لنا كدنا أن نضحك شماتة فينا ونحن دائما ما نفعل هذا ونلح في نقاش القضايا المهملة فقد تأملنا جيدا مقولة الصغير الظاهر في الصورة برأسه عند حافة السؤال لماذا ؟ أجابت المرأة وهي تمسح دمعة بيد مرتعشة هكذا. وطن عصي على الفهم كيف نفك طلاسمه البليدة وقد اعتدنا مطالعة سِفره وغدا الموت لعبته الوحيدة من سفحه إلى قاع جحيمه يدحرجنا وهو بالجنة يمنينا. للمدى سر الروح يفهمه ويضمه في خرافة مسلية لكننا لا نصله وعلى الإدراك يستعصى مرة يجهز لنا جنازة فارهة تنعكس على أسطح المرايا ونحن جثامين مسجاة أمامه يقرأ علينا ما تيسر من السباب والشتيمة ومرات من شدة نهمه يلتهم لحمنا مشويا ومقليا ونيا أحيانا ثم يتقيانا ويعيد طحننا بأسنانه ويملأ بنا فراغ جوفه. عصية على الفهم هذه البلاد وهي الوطن لنا نتوقع أشياء وتأتي بأخرى وكل ما مجرى فيها لنا لم نخمن حدوثه أن نرقص فرحا ونحن في المجزرة بقيادة الصالح رعاه الله.