عاش جمال مع زوجته ليلى قرابة 13 سنة من الاستقرار والتفاهم في بيت أسري تسوده المحبة والأمل في عيش مستقبل أفضل . وكان جمال التاجر الميسور الحال البالغ من العمر 45 سنة بالخميسات يحرص على أن تظل علاقته بزوجته علاقة احترام وحب ، غير أنه كان يعتقد بأن ذلك لا يمكنه أن يتحقق إلا بفرض سيطرته عليها وسيرها تحت إمرته التي لا تقبل الجدال في أغلب الأحيان ، ومع ذلك فقد عملت ليلى التي قاربت الثلاثين من عمرها على تفادي الوقوع في مشاكل مع زوجها والذي بالإضافة إلى أنه يفضل أن يقود سفينة أسرته لوحده ، كان يتصف بغيرة شديدة الحدة ، حيث لم يكن يقبل البتة أن تتكلم زوجته مع أحد خارج دائرة محارمها ، وكان أكثر ما يغيظه تحرر زوجته الشابة وحبها للمرح والضحك واللعب والزهو بفرح فترة الشباب وجديتها المفرطة في عملها ، إلا أنه ظل طيلة تلك السنين يكتم أنفاس غرائزه ويحاول تفادي الانصياع إليها مخافة أن ينفّر منه زوجته الشابة . بل إن أكثر ما كان يثير قلقه هو رؤية زوجته التي تعمل بإحدى الشركات الخدماتية كسكرتيرة ترتدي ملابس عصرية تكشف أغلبها عن مفاتنها . فحاول في مرات عديدة أن يجعلها تعدل عن لبس تلك الملابس إلا أنها كانت تراوغه بدلعها . فلم يصمد عمله على مجراة غيرته خصوصا عندما لاحظ أن زوجته بدأت تتأخر كثيرا عن دخول البيت وأخذت تولي اهتمامها لمديرها أكثر ما توليه لزوجها ، ولم يقتصر الأمر على هذا النحو بل زاد تعقيدا خصوصا لما علم أنها انتقلت ليوم كامل وحيدة مع رب عملها إلى مدينة الرباط. فتحولت بذلك غيرته إلى شك في لجوء زوجته إلى خيانته مع صاحب الشركة التي تعمل بها . فأضحى الزوج يعتبر أن زوجته كاملة المسؤولية، تتحرك بوعي، وسيئة النية، بربطها علاقات غير شرعية، رغم أنه لم يتمكن في يوم من الأيام أن يثبت أنها خائنة مع سبق الإصرار والترصد ، فواجهها في بداية الأمر بما يدور في ذهنه ، وأخبرته أنها بالفعل انتقلت معه إلى الرباط في مرات عديدة مرفوقة ببعض الموظفات والموظفين وأن ذلك يدخل في نطاق عملها . ومن أجل إزاحة الشك عن مخيلة جمال قامت ليلى بمكالمة زوجة المدير أمامه حتى تبين له أن الرجل متزوج وزوجته صديقة لها وأن علاقتها به تدخل في نطاق العمل . وذكرت له أن عددا كبيرا من الرجال يؤكدون أن الغيرة شعور صحي وجميل رغم أنه مؤلم بعض الشيء، وأن الغيرة التي تنتابه ليست غيرة الراعي والمسؤول أو الغيرة الطبيعية التي تحمل في طياتها احتراماً وتقديراً لها، كامرأة تستحق أن يُغار عليها كونها شيء ثمين وقيم يجب الحفاظ عليه وحمايته. بل إن الزوجة اقترحت من أجل إعادة ثقة زوجها فيها أن تسافر وإياه إلى مدينة الفنيدق ليمضيا أياما من الراحة هناك . قبل جمال مقترح زوجته وسافرا من مدينة الخميسات نحو الفنيدق والشك مازال يساور عقله ، فزادت حدته ولم يتوقف فكره عن التفكير في مدى خيانة زوجته له وبدأ يتخيلها عارية مع غيره كلما أبصر وجهها اللعوب ، ففكر في لحظة التخلص منها بقتلها . وفي صباح باكر ليوم من أيام عطلتهما طلب الزوج من زوجته القيام بجولة في إحدى الغابات القريبة من المدينة، ولدى وصولهما إلى هناك بدأ برشقها بالحجارة إلى أن أحدث جروحا عميقة في رأسها ووجهها، فارقت على إثرها الحياة. ثم عاد أدراجه إلى الفندق وأخذ بعض أغراضه، وتوجه إلى مخفر للشرطة للتبليغ عن اختفاء زوجته . وبعد إجراء البحث عن الزوجة وسبب اختفائها من طرف الشرطة القضائية بالفنيدق، والاستماع إلى تصريحات صاحب الفندق، الذي ذكر أن الجاني خرج رفقة زوجته وعاد وحده مرتبكا وبلباس آخر غير الذي كان يرتديه، تمت مواجهته بالضلوع وراء اختفاء زوجته المفاجئ فأنكر في بداية الأمر واستسلم بعد أن راوغه اليأس و جراه الندم على ما اقترفه من جرم واعترف بما قام به مؤكدا أن الدافع وراء ذلك شكه في نسج زوجته لعلاقة غير شرعية مع رب عملها بمدينة الخميسات . ودلّ رجال الأمن على المكان الذي توجد به جثة الضحية فوجهت له تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، تم الحكم عليه بناء عليها ب15 سنة حبسا نافذا . وتسلمت أسرة الضحية جثتها غير مصدقة ما حدث، خاصة وأن المقربين من الزوج كانوا يجمعون على أنه كان هادئ الطباع وذا سلوك حسن.