في جميع القضايا المرتبطة بترشيد وتخليق الأداء الحكومي التي عرضت على أنظار رئيس الحكومة لم يحسم فيها وترك الحبل على الغارب في شأنها، وكثيرة هي هذه القضايا التي شغلت الرأي العام ولم نسمع توضيحا واحدا من رئاسة الحكومة بالنفي أو بالتأكيد، بحيث اختارت رئاسة الحكومة التزام الصمت والحياد، من جهة تعمدت أن تبقي على جميع هذه القضايا معلقة ولم تتجاوب مع ما كان ينتظره الرأي العام منها، ومن جهة ثانية تعمدت رئاسة الحكومة ترك وزرائها يواجهون الحملات، وقد تكون افتراءات وادعاءات لوحدهم وكأنها تحرص من جهتها على إضعافهم. كثيرة هذه القضايا ، كان آخرها قضية الشكولاتة التي كادت حلاوتها تصيب وزيرا في حكومة بنكيران بارتفاع معدل الإصابة بالسكر، وكان آخرها اتهام وزير في حكومة يرأسها بنكيران بإعطاء رشوة بقيمة 300 مليون للحصول على منصب وزاري، وهذه شبهات ترتبط أشد الارتباط بالفساد الذي لم يفتر حماس رئيس الحكومة في التنديد به والتلويح بمحاربته ، ومع أن نيران شبهات الفساد كانت قريبة جدا من رئيس الحكومة، وكادت شظاياها تقفز إليه، فإنه تعمد الصمت. لا أحد يملك إطلاقا أن يقر بوجود مظاهر الفساد رغم ما أثير حولها لدى بعض الوزراء، لأن هناك جهات مختصة بالإثبات أو النفي وترتيب الجزاء المستحق في ضوء ذلك، ولكنا نقر في المقابل أن رئاسة الحكومة لم تتحمل مسؤوليتها السياسية في هذا الصدد، فقد يكون الوزراء المعنيون ضحايا لجهة ما لها حسابات معينة، وكانوا في أمس الحاجة إلى عضد رئاسة الحكومة لهم، لكنهم ظلوا وحيدين يواجهون ما يواجهون. كان حريا برئاسة الحكومة أن تصارح الرأي العام في هذه القضايا بالنتائج التي كان من المفروض أن تتوصل إليها التحقيقات التي أجرتها. لا شيء من هذا حدث، وهذا يضعف من منسوب الثقة في قدرة وصدقية رئاسة الحكومة في محاربة الفساد في البلاد.