تزداد سخونة نار الخلافات الملتهبة بين وزير العدل والحريات السيد المصطفى الرميد والمحيط القضائي المهني، ويصرُّ كل طرف أن يزيد في قوة جذب الحبل من جهته، فبعد أن خرج مآت المحامين معززين بجماهير من أعضاء الأسرة القضائية ، خصوصا من كتاب الضبط إلى الشارع محتجين على عناد زميل سابق لهم كان يتقدم مثل هذه المسيرات حينما كان في المعارضة، عن التفاعل الإيجابي مع مطالبهم. وفي الوقت الذي كان يتوقع فيه أن يُبادر الوزير إلى فتح مجرى صغير يُمكِّن مياه علاقاته مع المحامين أن تسري، فاجأ الجميع بإصدار بلاغ رسمي يعلن فيه أن النقاش حول بعض القوانين خصوصا القانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، قد انتهى، وأن هذا الملف قد أُغلق بصفة نهائية. هذا الموقف أجج نار الخلافات في واجهة أخرى ويرتقب في هذا الصدد أن تتصاعد احتجاجات القضاة، خاصة المُنتسبين ل «لنادي قضاة المغرب» و«المنتدى المغربي للقضاة الباحثين». وبهذا يرتقب أن يلتحق القضاة بركب الاحتجاجات والإضرابات، التي دخل فيها لحد الآن كل من الموثقين والعدول والمحامين، في هذا السياق أكد بيان لوزارة العدل أنها ستعمل خلال هذا الأسبوع على تضمين الملاحظات التي تم قبولها ومناقشتها مع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء «وممثلي الجمعيات التي لبت دعوة الوزير»، الذي كان قد سلم المسودتين للجمعيات المهنية للقضاة وعقد لقاءات بسبع محطات اجتمع فيها مع أكثر من 1500 قاضي ومسؤول إداري. (كما جاء في بلاغ الوزير). من جهة أخرى أكد نائب رئيس نادي قضاة المغرب الأستاذ محمد عنبر، بعد تعذر الاتصال هاتفيا برئيسه، أن النادي عبر عن موقف واضح من مسودتي المشروعين الآنفي الذكر ، لأن أصول الحوار تقتضي وضع التوجهات والأولويات والمناقشة قبل صياغة النصوص، وإن ما قام به الوزير هو فقط بمثابة إشعار لوجود نصين أُعدا بعيداً عن المعنيين بهما. أما رئيس «المنتدى المغربي لقضاة الباحثين»، الأستاذ رئيس مشقاقة فأكد أن وزير العدل كان مسطريا عند عدم استدعائه للمنتدى لحضور المشاورات الفردية التي أجراها أخيرا مع بعض الجمعيات المهنية للقضاة لكون أولا أن المشاورات الفردية ليس لها ما يُبرِّرها من حيث الحكامة الجيدة مادامت الجمعيات المهنية برمتها التأمت في وقت سابق لإبداء رأيها في المسودتين معا، وبالتالي كان ينبغي أن يقع نفس الالتآم في الفترة اللاحقة على تقديم البعض منها لمقترحاته. وثانيا إن المنتدى يرى تبعا لرئيسه في المقترحين معا العديد من الإخلالات والفراغات، فضلا عن الصياغة المعيبة لمقتضياته، حيث إن إعادة النظر في المشروعين شكلا ومضمونا هو السبيل الأمثل لتشريع قانون يهم القضاة طالما أنه سيعمّر لعدة عقود، ولذلك فإن عدم حضور المنتدى في المشاورات الفردية ظاهرة صحية لتحقيق هذا الهدف الذي يجتمع حوله رجال القانون عموما، قضاة ومحامون وموثقون وعدول. وكان كل من «المنتدى» و «النادي» و«الودادية الحسنية للقضاة» و «الجمعية المغربية للقضاة»، و«الجمعية المغربية للمرأة القاضية» قد عقدوا اجتماعا يوم 1 نونبر2013 وأكدوا على أن مشروع القانونين التنظيميين يتضمنان تراجعات تمس استقلال السلطة القضائية والضمانات الممنوحة للقضاة.