قضت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء يوم الخميس الماضي، في ما اعتبر سابقة من نوعها، بأداء الدولة في شخص رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير العدل والحريات المصطفى الرميد مبلغ 100 ألف درهم كتعويض لفائدة مواطن تم تعطيل محاكمته لما يربو عن عام وهو متابع في حالة "اعتقال احتياطي" وصفه تقرير المحكمة بغير المبرر والماس بمبدإ قرينة البراءة وبحرية المعتقل. وبالنظر لما سببه ذلك من أثر نفسي ومعاناة وألم جراء هذه الإجراءات وتحملات مادية عن مصاريف الدفاع، فقد ارتأت المحكمة تبعا لسلطتها التقديرية في تحديد التعويض المناسب لجبر الأضرار تغريم الدولة المبلغ المذكور. وكان المدعي الذي قاضى بنكيران بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدم إلى المحكمة من طرف نائبه والمودع بتاريخ 20 دجنبر 2012، يفيد فيه أنه أثناء محاكمته جنائيا أمام المحكمة الزجرية بالدار البيضاء خلال سنتي 2011 و 2012 لم تقم النيابة العامة بهذه المحكمة بإحضاره لجلسة المحاكمة ليتمتع بحق المثول أمام قاضي الحكم لعدة جلسات سواء بمفرده أحيانا أو بمعية مجموعة من المعتقلين في نفس الملف، ما كان يترتب عنه تأخير الملف لجلسة أخرى ويتم تفويت فرصة المحاكمة عليه باستمرار،الأمر الذي ألحق به عدة أضرار نتيجة الخلل في سير مرفق القضاء تتحمله النيابة العامة بصفة غير مبررة ومقبولة مس بحقه المطلق في المحاكمة العادلة. ومن ثم التمس المدعي تحميل الدولة المسؤولية الإدارية عن الأضرار المعنوية والمادية الناجمة عن سوء تسيير وتدبير المرفق القضائي،والحكم عليها بأدائها لفائدة المدعي تعويضا قدره 100.000.00 درهم مع النفاذ المعجل وبنشر الحكم في جريدتين يوميتين لمرتين متتاليتين على نفقة المدعى عليه مع الصائر.وعضد الطلب بمذكرة إدلائية بتاريخ 4- 4-2013 مرفقة بمحاضر الجلسات. إلا أن رئاسة الحكومة لم تعر القضية اهتماما ما جعل المحكمة تثبت في تقاريرها "استنكاف الجهة المدعى عليها (الحكومة) عن إبداء دفوعها الموضوعية بعد الحكم بالاختصاص النوعي رغم توصلها بالإنذار». وحيال هذا التعنت لجأت هيئة المحكمة لإعمال مجموعة من مواد الدستور والمسطرة الجنائية ذات الصلة بالقضية، منها المادة 122 من الدستور التي تنص على «حق كل متضرر من خطإ قضائي في الحصول على تعويض تتحمله الدولة»، والمادة 117 من الدستور التي تقضي بتولي القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، وكذا المادة 37 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على تولي النيابة العامة السهر على تنفيذ المقررات القضائية.