قام وفد هام من البرلمان الأوروبي بزيارة إلى المغرب، وضم الوفد نوابا بعضهم متفهم للحقوق المغربية المشروعة في سيادته ووحدته الوطنية، كما ضم آخرين مناوئين لهذه الحقوق، معارضين لها. وقام الوفد بالاتصالات التي ارتأى أنها هامة وضرورية، التقى بانفصاليي الداخل، وزار سجن لكحل بمدينة العيون ليطلع بنفسه على ظروف الاعتقال في هذه المؤسسة السجنية، واجتمع بالمنتخبين في أقاليمنا الجنوبية، وتجول أعضاء الوفد في شوارع العيون بحرية كاملة، ولاحظوا، وعاينوا، أن الغالبية الساحقة من مواطنينا في جميع هذه الأقاليم يعيشون حياتهم العادية اليومية في ظروف استقرار لا تختلف تماما عما هي عليه الأوضاع في باقي ربوع المملكة، وتيقنوا أن الرأي الآخر موجود في هذه الأقاليم ويسمح له بالتعبير في إطار ما تسمح به القوانين. شخصيا لست مهتما كثيرا بكل هذه الجوانب، لأني على يقين أن بعض الأفكار والمواقف تكون معلبة، ولا طائل من محاولة التأثير فيها، لكن ما هو أهم في هذه الزيارة يكمن فيمايلي: لقد قام وفد نواب البرلمان الأوروبي بالزيارة بتنسيق مع البرلمان المغربي، وهذا يعني أن المغرب لا يرفض من حيث المبدأ مثل هذه الزيارات، ولكن المخاطب الرسمي بالنسبة للبرلمان الأوروبي هو البرلمان المغربي، والسلطات المغربية، ومن يرغب في الزيارة من البرلمانيين الأوروبيين عليه أن يقصد العنوان الصحيح، أما إذا أراد فرض زيارة أقاليمنا الجنوبية عبر التنسيق مع من هم في الرابوني فإن ذلك لا يمكن أن يصنف إلا في باب الوقاحة التي يكون الهدف منها ليس الزيارة، بقدر ما يكون الهدف افتعال أزمة.. والمغرب والمغاربة لا يمكن أن يخضعوا للابتزاز على كل حال.