تزايد تشابك خيوط الأزمة السورية خلال الأسابيع الأولى من سنة 2013 خاصة بعد تعثر الوساطات السرية التي قامت بها أطراف عربية بين بعض العواصم الخليجية وحكومة دمشق، هذا الفشل ولد زخما إضافيا لدى جميع الأطراف الأجنبية المتورطة في النزاع الدائر على أرض الشام من أجل القيام بخطوات ومبادرات جديدة على أمل الوصول إلى حسم. الخطوات والمبادرات الإضافية ولدت أخطارا متصاعدة تهدد بتوسيع الصراع العسكري ليعبر الحدود السورية إلى دول الجوار. لبنان تحت التهديد يوم الأربعاء 27 فبراير 2013 اتهم الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله مقاتلي المعارضة السورية بالهجوم على قرى حدودية مع لبنان، وذلك بعد ايام من اتهام الجيش السوري الحر لحزب الله بشن هجمات في مناطق حدودية سورية. وقال نصر الله "الذي حصل ويحصل في الايام القليلة الماضية بين ان هناك حملة عسكرية واسعة من قبل مئات المسلحين لتهجير أهل هذه القرى والسيطرة عليها وحسم وانهاء وجودهم". واضاف ان "المعارضة المسلحة هي التي قامت في الاشهر القليلة الماضية بالسيطرة على قرى لبنانية وقامت بتهجير سكانها والسيطرة على بيوتهم وحرق بعضها". وتابع ان سكان تلك القرى وهم لبنانيون غالبيتهم من الشيعة "وبعضهم ينتمي الى حزب الله"، لم يسيطروا "على اي قرية سنية او يسكنها اهل سنة"، بل حملوا السلاح "ليدافعوا عن انفسهم وعن بيوتهم وعن ممتلكاتهم وحقوقهم، وهم موجودون في هذه الارض منذ مئات السنين". وكان نصر الله قد أكد في اكتوبر 2012 بان بعض اللبنانيين المقيمين في هذه المناطق والمنتمين الى الحزب، يقاتلون "المجموعات المسلحة" في سوريا بمبادرة منهم ومن دون قرار حزبي، وذلك "بغرض الدفاع عن النفس". وهدد رئيس هيئة الاركان في الجيش السوري الحر سليم ادريس في العشرين من شهر فبراير 2013 بقصف مواقع لحزب الله داخل الاراضي اللبنانية. ودعا نصرالله سكان القرى الحدودية الى "ان يوظفوا وان يستفيدوا من اي فرصة للتصالح والتهادن وحقن الدماء فيما بينهم والحفاظ على الانفس والممتلكات والحقول"، بهدف "قطع الطريق على كل من يريد في هذه المنطقة قتالا او فتنة او صراعا دمويا". وانتقد الامين العام لحزب الله عدم تحرك الدولة اللبنانية "لوقف هذا الاعتداء وهذا الاجتياح وهذا التغيير الديموغرافي وهذا التطهير الجماعي الذي يحصل في القرى الحدودية". وتعتمد الحكومة اللبنانية التي يحظى حزب الله وحلفاؤه بغالبية الحقائب فيها، مبدأ "النأي بالنفس" عن النزاع السوري المستمر منذ نحو عامين، وسط انقسام اللبنانيين بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له. يوم 28 فبراير 2013 وفي نهاية خبر لوكالة فرانس برس تحت عنوان الضغوط تتزايد على طرفي النزاع في سوريا لخوض حوار جاء: اعلن الجيش الاسرائيلي في بيان ان ستة من اصل سبعة جرحى سوريين اصيبوا قبل عشرة ايام خلال مواجهات في هضبة الجولان وتلقوا العلاج في اسرائيل، غادروا مستشفى صفد بعد انتهاء علاجهم. مصادر رصد غربية أفادت أن الجرحى هم من مسلحي المعارضة السورية وأنهم جرحوا خلال إشتباكات مع الجيش النظامي في القطاع الذي حرر من الجولان خلال حرب أكتوبر 1973، وأكدت هذه المصادر أن الجيش الإسرائيلي يقوم منذ أشهر بعلاج جرحى المعارضة السورية عندما يعبرون خطوط وقف إطلاق النار في الجولان. من جانبه ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان له مساء السبت 2 مارس 2013 ان فلسطينيين شنقا" على ايدي مقاتلين معارضين في مخيم اليرموك للاجئين في جنوبدمشق، بعد اتهامهما ب"التعامل مع النظام السوري" وعلقتهما على الاشجار في دوار فلسطين في المخيم". وذكر ان احد الرجلين المشنوقين في العقد الثالث من العمر والآخر في العقد الرابع. ولم يعلم ما اذا كان الرجلان ينتميان الى فصيل فلسطيني معين. ورجح المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة انور رجا ان تكون جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة هي التي نفذت عملية الشنق. وقال "اعتقد انها جبهة النصرة. انها عصابات تمارس احكام القتل، القتل من اجل القتل لترويع المدنيين وردع سكان المخيم عن العودة اليه". واضاف "لا شيء يبرر هذه الإعدامات مهما كانت الأسباب، لان القانون لا تقيمه إلا الدولة". ويرى محللون انه إذا كان الرجلين ينتميان لفصائل فلسطينية فقد تفتح جبهة قتال ثأرية ما يوسع دائرة الأزمة ويرفع من وتيرة الاحتقان في مخيم فلسطين ومخيم اليرموك. وقد افاد سكان في المخيم عن اشتباكات عنيفة تجري في محيط المخيم. وينقسم سكان المخيم بين مؤيدين للنظام السوري ومعارضين له، وقد حمل عدد كبير منهم السلاح الى جانب هذا الطرف وذاك. أسلحة حروب البلقان يوم الخميس 28 فبراير 2013 أعلنت الحكومة الكرواتية انها ستسحب جنودها من قوة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في مرتفعات الجولان كخطوة احترازية بعد تقارير اعلامية ذكرت أن أسلحة كرواتية ترسل الى المعارضين السوريين الذين يقاتلون للاطاحة بالرئيس بشار الاسد. ونفت الحكومة الكرواتية تلك التقارير وقالت انها لم تبع أو تتبرع على الاطلاق بأسلحة للمعارضين لكن رئيس الوزراء زوران ميلانوفيتش قال ان الضرر وقع بالفعل. وذكر في اجتماع لمجلس الوزراء "يمكننا أن ننفي مرارا وتكرارا لكن الجميع قرأوا بالفعل تلك التقارير ولم يعد جنودنا امنين. نريد أن يعودوا الى وطنهم سالمين". ولم يذكر مزيدا من التفاصيل بشأن الاسباب التي دعت كرواتيا لاتخاذ هذا الاجراء. وتنشر كرواتيا التي انضمت الى حلف شمال الاطلسي في عام 2008 قوة قوامها 98 جنديا ضمن قوات الامم المتحدة المنتشرة على خط وقف إطلاق النار بين سوريا واسرائيل في مرتفعات الجولان منذ وقف لاطلاق النار أنهى حرب عام 1973 . يذكر أن الامم المتحدة كانت قد أعلنت يوم الثلاثاء 26 فبراير ان أحد أفراد قوة حفظ السلام في المنطقة المنزوعة السلاح في الجولان أصبح في عداد المفقودين. التقارير الإعلامية التي تحدث عنها الرئيس الكرواتي تتعلق أساسا بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التي كانت قد ذكرت أن دولا خليجية تمد المسلحين المعارضين الذين يقاتلون الجيش السوري بأسلحة اشترتها من كرواتيا. ونقلت الصحيفة مساء الاثنين 25 فبراير عن مسؤولين امريكيين وغربيين قولهم ان الأطراف الخليجية مولت "شراء كمية ضخمة من اسلحة المشاة" كانت جزءا من "فائض غير معلن" من الاسلحة من مخلفات حروب البلقان التي جرت في التسعينات، وان تلك الاسلحة بدأت تصل المسلحين السوريين عبر تركيا والاردن في ديسمبر 2012. وذكرت الصحيفة انه بعد ذلك التاريخ بدات تظهر العديد من قطع الاسلحة اليوغسلافية على شرائط الفيديو التي يعرضها المسلحون على موقع يوتيوب. وأفاد مسؤولون للصحيفة انه منذ ذلك الحين غادرت كرواتيا "العديد من الطائرات المحملة" بالاسلحة، ونقلت عن مسؤول اخر قوله ان تلك الشحنات تضمنت "الاف البنادق ومئات الرشاشات" اضافة الى "كمية غير محددة من الذخيرة". ونقلت الصحيفة عن مسؤول امريكي بارز وصفه شحنات الاسلحة بانها تعكس "نضج خط امدادت المعارضة"، في حين كرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية باتريك فنتريل الموقف المعلن لحكومته عن ان الولاياتالمتحدة "تقدم مساعدة غير عسكرية الى المعارضة" السورية، مضيفا للصحافيين ان "بلدانا اخرى تتخذ قرارات اخرى هي قرارات سيادية تعود اليها". غير أنه في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية، اسف رئيس اركان الجيش السوري الحر العميد سليم ادريس لأن البلدان الغربية "تنتظر على ما يبدو ان تدمر بلادنا بالكامل حتى تأتي لنجدتنا". ونفى العميد ادريس تلقي اسلحة من قطر والسعودية واكد ان المقاتلين يشترون السلاح "من اسواق متخصصة وتدخل سوريا عبر العراق". واضاف ان "كل السلاح الآخر في ترسانتنا يأتي من الجيش السوري". الدور التركي تزامنا مع معلومات الصحيفة الأمريكية والتصريحات الصادرة عن المسؤولين في كرواتيا والولاياتالمتحدة، اعتبر رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، اكبر الاحزاب الكردية السورية، يوم الثلاثاء 26 فبراير في باريس ان تركيا مسؤولة عن تصاعد اعمال العنف في سوريا حيث تستخدم مجموعات من المقاتلين الجهاديين. وقال صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، في مؤتمر صحافي في باريس ان "تركيا قامت بحرف الثورة عن مسارها وشاركت في عسكرتها. لقد دعمت مجموعات جهادية". واتهم مسلم الدولة التركية بالتدخل في الشؤون السورية، مضيفا "انها تحاول التاثير في الوضع وفق مصالحها. لقد ربطت دعمها للمعارضة السورية بابعاد الاكراد عن هذه الحركة". واكد مسلم ان بين المجموعات الجهادية التي تستخدمها انقرة "جبهة النصرة التي لديها قواعد تدريب في تركيا". واعتبر ايضا ان "معارضة الخارج" المجتمعة خصوصا في اطار الائتلاف السوري المعارض "تربطها علاقات وثيقة بالنظام التركي ولا تريد التعاطي مع المجلس الاعلى الكردي" الذي يشكل النواة الادارية في المناطق الكردية التي يسيطر عليها الاتحاد الديموقراطي الكردي. والمناطق الكردية في سوريا التي يسميها حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي "غرب كردستان" تستفيد من حكم ذاتي نسبي منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس 2011 التي تحولت حربا شبه دولية. ومنذ صيف 2012 يتولى مقاتلون انتظموا ضمن لجان لحماية الشعب الكردي، الامن في المناطق الكردية في سوريا، وتشكل هذه اللجان ذراعا عسكرية للاتحاد الديموقراطي الكردي. ويتركز الاكراد السوريون في شمال سوريا وشمال شرقها ويبلغ عددهم نحو مليوني شخص. حرب على الحدود مع العراق يوم السبت 2 مارس 2013 أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية الفريق الركن محمد العسكري أنه تم نقل اربعة جنود من الجيش النظامي السوري الى مستشفى "ربيعة" القريب من منفذ اليعربية الحدودي بعد اصابتهم في اشتباكات مع مقاتلين معارضين قرب الحدود طالت نيرانها الاراضي العراقية. وذكر المتحدث ان "نيران طرفي النزاع تصل الى داخل الاراضي العراقية، لكننا لا نزال نمارس ضبط النفس، وقواتنا تقوم بحماية الحدود من الارهابيين والمهربين، ولا وجود لطائراتنا في منطقة النزاع". وكان معارضون سوريون، قد ذكروا أن مقاتلات حربية عراقية استهدفت مقار للمعارضة السورية عند معبر اليعربية، وأصابت مبنى الهجرة والجوازات. وقد استعادت القوات النظامية السورية يوم الجمعة معبر اليعربية الحدودي مع العراق في محافظة الحسكة بعدما كان مقاتلون معارضون قد سيطروا عليه في وقت سابق. ميزان المعارك وسط هذا السيل من الأخبار والتصريحات سجل الملاحظون أن ميزان المعارك في سوريا يميل منذ الأسابيع الأخيرة من سنة 2012 لصالح الجيش النظامي السوري وذلك حتى حسب العديد من بيانات المرصد السوري لحقوق الانسان. فمثلا أعلن المرصد يوم السبت 2 مارس ان قوات الجيش السوري سيطرت على قرية جنوب شرقي مدينة حلب يوم الجمعة وأعادت فتح خط امداد إلى أكبر مدن سوريا حيث تقاتل قوات المعارضة منذ ثمانية اشهر. وقال المرصد ان استعادة قرية تل شغيب تمثل الخطوة الاخيرة نحو اقامة خط امداد بري من الشمال الى حلب من محافظة حماة وهو طريق حيوي للقوات السورية التي فقدت السيطرة على جزء من الطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين الشمال والجنوب. وصرح رامي عبد الرحمن مدير المرصد المؤيد للمعارضة ومقره بريطانيا ان هذا المكسب مهم للنظام. وكان يتحدث عن هجوم الجيش شمالا الذي قوض العديد من مكاسب المعارضة عندما تحركت جنوبا الى حماة من محافظة حلب في نهاية عام 2012. وأضاف انه في الشرق على الحدود العراقية تمكنت القوات الحكومية أيضا من استعادة السيطرة على مركز اليعربية الحدودي وهو نقطة لعبور الحدود بين العراق وسوريا بعد ان سيطرت عليها قوات المعارضة لمدة 24 ساعة. حركة الطيران ويرى مراقبون أن هذا التطور على الساحة كان وراء دعوة المديرة العامة لمؤسسة الطيران السورية غيداء عبد اللطيف يوم الخميس 28 فبراير 2013 لشركات الطيران الاجنبية الى استئناف رحلاتها الى مطار دمشق، مؤكدة ان "الطريق الى المطار آمن وامن المسافرين مضمون". وقالت غيداء لوكالة فرانس برس "ادعو شركات الطيران الى استئناف رحلاتها والعودة للعمل من جديد عبر مطارات دمشق الدولي واللاذقية في الغرب والقامشلي في الشرق". واضافت انه "سيتم منح الشركات التي تبادر لاعادة تسيير رحلاتها حسومات بقيمة 25 بالمئة على الخدمات الارضية التي تقدمها المؤسسة. كما سيصار الى تقديم نسبة اضافية بحسب حجم التشغيل لهذه الشركات". واكدت ان أمن المسافرين مضمون والطريق الى المطار آمن"، مشيرة الى ان "العمل في المطار لم يتوقف وان السورية للطيران تقوم بتسيير رحلاتها كالمعتاد" الى الدول العربية وموسكو وطهران ويريفان. وكانت شركات طيران عدة قد اوقفت رحلاتها من والى دمشق نظرا "لتدهور الاوضاع الامنية" في محيط مطار العاصمة السورية، بحسب مسؤولي هذه الشركات، بينما منع الاتحاد الاوروبي الشركات الاوروبية من تسيير رحلات من والى سوريا في اطار العقوبات المفروضة على دمشق. كما منع طائرات "شركة الخطوط الجوية السورية" من الهبوط في اوروبا. تسهيل الحوار التطورات الأخيرة للصراع العسكري في سوريا ولدت ردود فعل تراوحت بين الدعوة إلى التصعيد والسعي لتسوية سياسية. يوم السبت 2 مارس 2013 اعلنت الامم المتحدة ان الامين العام بان كي مون والموفد الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي التقيا في سويسرا واكدا استعداد المنظمة الدولية ل"تسهيل قيام حوار" بين النظام والمعارضة. وعقد هذا اللقاء قرب لوزان في اطار اجتماع سنوي بين الامين العام والممثلين والموفدين الخاصين للامم المحتدة في 30 مهمة دبلوماسية او بعثة لحفظ السلام في العالم. وجاء في بيان للمنتظم الأممي ان بان كي مون والابراهيمي ناقشا خلال هذا اللقاء "التصريحات الاخيرة للحكومة السورية والمعارضة التي تشير الى رغبة باجراء حوار". واضاف البيان ان "الامم المتحدة ترحب بشدة وستكون مستعدة لتسهيل قيام حوار، بين وفد قوي وتمثيلي للمعارضة ووفد معتمد من الحكومة السورية". وكان بان كي مون قد اعلن الجمعة في جنيف ان هناك "فرصة صغيرة" للتقدم نحو حل سياسي للنزاع موضحا انه يشير الى فكرة اجراء لقاء بين ممثلين عن الطرفين في سوريا. وأضاف "احث باستمرار جميع الاطراف في سوريا على التوجه الى طاولة المفاوضات. ان اهوال الاشهر والسنوات الاخيرة لا تدع اي مجال للشك في ان الحل العسكري سيؤدي الى تفكك سوريا". واعرب عن خشيته من النزاع الطائفي والمذهبي في سوريا وامكانية انتقال العنف الى دول مجاورة لسوريا. وخلال لقائهما السبت في سويسرا اعرب بان كي مون والابراهيمي عن "خيبة امل شديدة لفشل المجتمع الدولي في القيام بتحرك موحد" لوضع حد للنزاع في سوريا الذي تقول الامم المتحدة انه اوقع نحو 70 الف قتيل خلال نحو عامين. كما اعربا عن الاسف لقلة احترام الحياة البشرية من قبل طرفي النزاع في سوريا، وشددا على اهمية محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. ودعا بان كي مون الى زيادة المساعدات الانسانية لسوريا في الوقت الذي يتزايد فيه عدد اللاجئين السوريين بشكل سريع ليتجاوز الخمسة الاف لاجىء في اليوم، مضيفا ان العدد "يقترب كثيرا من المليون شخص". وذكر الامين العام للامم المتحدة "بات من شبه المستحيل تقديم كل المساعدة الانسانية اللازمة" للاجئين السوريين. لكن برنامج الغذاء العالمي أعلن يوم الجمعة انه تمكن بالتعاوم مع سلطات دمشق من فتح ممر لوجستي انطلاقا من الحدود مع الاردن لنقل مساعدة الى جنوب سوريا. كما ينقل هذا البرنامج التابع للامم المتحدة مساعدات عبر الحدود اللبنانية وعبر مرفأ طرطوس السوري، حسب ما قالت اليزابيت بيرث المتحدثة باسم البرنامج في جنيف. تحول جزئي إذا كانت بعض دول الخليج العربي وبعد فشل مبادرات الوساطة بينها وبين دمشق قد كثفت من جهودها لمساندة القوى المعارضة، فإن أطرافا أخرى غيرت موقفها. صحيفة "التايمز" البريطانية تحدثت عن وقف بلد مجاور لسوريا برنامجا أمريكيا لتدريب مئات المسلحين وتزويدهم بأسحة حديثة من ضمنها صواريخ "ستينغر" أرض جو. الكشف عن تجميد هذه التدريبات جاء بعد سلسلة "تناغمات" برزت مؤخرا بين هذه الدولة ودمشق في نطاق استراتيجية دعمتها موسكو وبدت واضحة للعيان مؤخرا قوامها الابتعاد لأكبر مسافة ممكنة عن الخصومة المباشرة مع نظام دمشق. كما كشفت صحيفة "التايمز" يوم الجمعة 28 فبراير أن امريكا وبعض الدول الأوروبية الحليفة تشرف على قواعد لتدريب المعارضين السوريين. يذكر أن صحفا غربية كانت قد كشفت عن تدخل قوات خاصة بريطانية وأمريكية وفرنسية في القتال في سوريا إلى جانب المعارضة. التصعيد موازاة مع مقال "التايمز" أعلن ممثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بريطانيا وليد سفور، أنه من المتوقع أن تبدأ بعض الدول الأوروبية في الأشهر المقبلة بإمداد المعارضة بالسلاح بما يتعارض مع السياسة الأمريكية المعلنة في هذا الشأن. وقال سفور لصحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير بعنوان "المعارضة المسلحة السورية تقول إنها تتوقع أسلحة من أوروبا قريباً"، نشر يوم 2 مارس، إنه يتوقع "بحلول الاجتماع المقبل لمجموعة أصدقاء سوريا في تركيا، أن يحصل تطور مهم ينهي القيود التي تفرضها الدول الأوروبية" . وأضاف "سيكون هذا التطور مرتبطاً بالذخيرة والأسلحة النوعية التي نحتاج إليها". ونقلت الصحيفة عن معارض آخر مطلع على الموضوع قوله إنه حصل في الأيام الأخيرة تخفيف ملحوظ للقيود التي فرضت على تدفق السلاح عبر الحدود. وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن سفور لم يحدد أسماء الدول التي ستمد المعارضة بالسلاح، فإن من المرجح أن تتحرك الحكومة البريطانية، الذي قادت الضغوط لتخفيف العقوبات، سريعا تنفيذا لتخفيف القيود التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي، وأنه من المتوقع أن يدلي وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بتصريح أمام البرلمان يوضح فيه بشكل مفصل المعدات والتدريب الذي ستقدمه بريطانيا للمعارضة المسلحة. العصا والجزرة على الصعيد السياسي يسجل الملاحظون أن واشنطن كثفت من اتصالاتها مع موسكو في نطاق الحديث عن تسوية، ولكنها في نفس الوقت لم توصد باب التصعيد. في نهاية شهر فبراير 2013 اجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الامريكي باراك اوباما محادثات هاتفية حول النزاع السوري. واعلن الكرملين يوم الجمعة 28 فبراير ان بوتين شدد في الاتصال الذي جاء بمبادرة من الجانب الامريكي "على ضرورة وقف النشاطات العسكرية في اسرع وقت ممكن". واضاف ان الرئيسين اللذين بحثا في قضايا اخرى، اعربا عن "الرغبة نفسها في تجنب كل الاعمال التي يمكن ان تؤثر سلبا على العلاقات الثنائية"، وان بوتين دعا اوباما لزيارة موسكو. وفي تركيا، افاد مصدر دبلوماسي رافق وزير الخارجية الامريكي جون كيري في زيارته الجمعة، ان واشنطن ترغب مع حلفائها، في مواصلة المباحثات مع موسكو بغرض "ضمان تطبيق ما اتفق عليه في جنيف، وقبول تأليف تشكيل هيئة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة". وينص اتفاق جنيف الذي اقرته في يونيو 2012 مجموعة العمل حول سوريا وهي الدول الخمس الكبرى وتركيا ودول عربية، على تشكيل حكومة انتقالية بكامل الصلاحيات التنفيذية، دون التطرق الى مصير الرئيس الاسد الذي تنتهي ولايته الحالية في العام 2014. واتى الاتصال الهاتفي الروسي الاميركي وزيارة كيري، غداة مؤتمر لمجموعة "اصدقاء الشعب السوري" عقد في روما، وتخلله تقديم الولاياتالمتحدة 60 مليون دولار من المساعدات للمعارضة السورية. ورأت وزارة الخارجية الروسية الجمعة في بيان لها ان "القرارات والتصريحات" التي صدرت خلال المؤتمر "تشجع، نصا وروحا، المتطرفين للاستيلاء على السلطة بالقوة رغم المعاناة الحتمية للسوريين العاديين"، معتبرة ان "المهمة الملحة" هي "الوقف الفوري لسفك الدماء واية اعمال عنف والانتقال الى الحوار السياسي الذي ينص عليه اعلان جنيف". كما انتقدت دمشق عبر صحيفة "تشرين" الحكومية الاعلان الامريكي، معتبرة ان المساعدات ستصل الى من "اعتادوا ممارسة القتل والتخريب". وبحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية عن مسؤولين في واشنطن، تقوم وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" بتدريب مقاتلين سوريين معارضين في سوريا. الاتصال الهاتفي بين بوتين وأوباما جاء بعد أيام قليلة من اللقاء الذي تم بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري يوم 25 فبراير في برلين ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في مسعى للتوصل الى حل في سوريا، وذلك قبل يومين من "مؤتمر اصدقاء سوريا" في روما. وانتقدت واشنطن على مدى اشهر تصلب الموقف الروسي، قبل تخفيض حدة لهجتها قليلا. واوضح مسؤول في الخارجية للصحافيين المرافقين لكيري ان "روسيا بامكانها لعب دور جوهري لاقناع النظام بحصول انتقال سياسي". في المقابل، كان لافروف قد اعلن قبل التوجه إلى برلين لمقابلة كيري، أن هذا الاخير يدرك فيما يبدو خطورة الأزمة في سوريا، وان على واشنطن أن تحاول إقناع المعارضة بالتخلي عن مطلب ترك الأسد للسلطة قبل المحادثات. وقال لافروف بعد محادثات مع وزير الخارجية الهولندي فرانز تيمرمانز "خلال اتصالاتنا مع دول مؤثرة، لاحظنا وجود فهم متزايد للحاجة الى التأثير، سواء على الحكومة أو المعارضة، حتى لا يصدر منها طلبات غير واقعية". وندد لافروف بمن اسماهم المعارضين "المتطرفين"، واتهمهم بالمراهنة على الحل العسكري. واضاف "حتى قبل ايام قليلة كان يبدو لنا ان الظروف اللازمة اجتمعت لجلوس الاطراف الى طاولة المفاوضات، وبدء بحث مستقبل البلاد". ومضى يقول "لن نستسلم، لا يمكننا حل المشكلة بدلا من السوريين، لكن من خلال اتصالاتنا مع بلدان اخرى نشعر بقلق متزايد". في هذه الأثناء أشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية يوم 27 فبراير إن على الولاياتالمتحدة دعم الثوار السوريين أو التخلي عن لعب أي دور في البلاد المأزومة، وأضافت أنه لا يمكن إسقاط نظام الأسد إلا بالتدخل العسكري والسياسي إلى جانب الثوار. وذكرت في افتتاحيتها إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وفي أول رحلة له بهذا المنصب، رفع من سقف التوقعات بشأن عزم إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتخاذ إجراءات جديدة لمساعدة المعارضة السورية في وقت قريب. وأضافت أن كيري أشار في لندن إلى أن أوباما بصدد تقييم الخطوات التي يجب اتخاذها لمساعدة المعارضة السورية، وإلى أن إدارة أوباما مصممة على عدم إبقاء المعارضة السورية في مهب الريح ولا أن تبقيها في حال تشاؤم وهي تنتظر وصول مساعدات. وأضافت واشنطن بوست إن وزير الخارجية الأميركي تحدث بهذه الكلمات لأنه يتوجب عليه أن يتحدث بمثلها. وإذا لم تدعم الولاياتالمتحدة الثوار السوريين بقوة، فإنها ستفقد ما يمكن أن يكون فرصة أخيرة للدخول في شراكة مع قوات المعارضة السورية الأكثر اعتدالا، وذلك من أجل توجيه سوريا نحو نظام جديد يمكن للغرب أن يدعمه. وأضافت أن هذا يعني أيضا السماح للجيش الأمريكي بشن هجمات جوية ضد قوات الأسد أو استخدام صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ، وذلك إذا كان هذا ضروريا لوقف قوات النظام السوري. وقالت إن وزير الخارجية الأمريكي يبحث عن حل سياسي في سوريا، مضيفة أن هذه الخطوات تعتبر مجرد أوهام ومضيعة للوقت، وهي لا تجدي نفعا مع الأسد. مصادر تمويل العنف يشار إلى أن وزير خارجية سوريا وليد المعلم الذي قام بزيارة إلى موسكو يوم 25 فبراير وأعلن خلالها استعداده للحوار "مع كل من يرغب بالحوار، بمن في ذلك حاملو السلاح"، ندد مثل نظيره الروسي باعلان واشنطن تقديم ستين مليون دولار من المساعدات الى المعارضة السورية، إضافة الى مساعدة للمقاتلين المعارضين. وقال "لا نفهم هذه المبادرة فيما هذه المعارضة تقتل الناس". واستطرد المعلم أن "بامكان الولاياتالمتحدة وقف سفك الدم السوري، إذا كانت مع الحل السياسي.. ومن يبحث عن حل سياسي لا يعاقب الشعب السوري"، داعيا الى ممارسة "الضغط على تركيا وقطر" لوقف العنف الذي تشهده بلاده وتجفيف مصادره. وأضاف المعلم "إن قطر تطالب مجلس الأمن بالتعامل مع سوريا على غرار ما حصل في ليبيا.. نواجه في سوريا أزمة يشارك فيها معظم الكون، لكننا صامدون". وتابع "نتواصل مع المعارضة في الخارج، واتخذنا اجراءات قانونية تقدم الضمانات لكل من يرغب بالحوار"، مشددا على ضرورة وقف العنف لنجاح الحوار السياسي. تفاؤل فرنسي حذر إذا كانت المحادثات الأمريكية الروسية حول سوريا متعثرة، فإن باريس أكثر تفاؤلا، فيوم الخميس 28 فبراير 2013 قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في موسكو ان فرنساوروسيا حققتا "تقدما" في الملف السوري رغم استمرار وجود اختلافات في وجهات النظر بين البلدين بشان النزاع الدائر في هذا البلد. واوضح هولاند في مؤتمر صحفي في الكرملين اثر مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "حققنا تقدما لدينا الهدف نفسه وهو تفادي تفكك هذا البلد وعدم ترك الارهابيين يستفيدون من حالة الفوضى هذه". واضاف "نرغب في قيام حوار سياسي" بين المعارضة وبين "طرف مقبول". وتابع الرئيس الفرنسي "لكن توجد هنا مسالة طريقة الوصول الى ذلك عبر الحوار السياسي" مذكرا بان باريس ترى انه لا يمكن ان "يمر عبر الرئيس السوري بشار الاسد". وقال هولاند "يرى اخرون ان ممثلا للرئيس هو الذي يتيح الدخول في الحوار. واذا ما استمرينا على هذه المواقف فاننا لن نصل الى اي توافق". وتطالب فرنسا برحيل الاسد، اسوة بدول غربية اخرى، في حين ترى روسيا ان السوريين هم وحدهم الذين يجب ان يحددوا مصير بلدهم الذي سقط فيه نحو 70 الف قتيل في عامين وفقا للامم المتحدة. من جانبه قال بوتين "فيما يتعلق بسوريا، علينا الاستماع الى راي زملائنا بشان بعض جوانب هذه المشكلة المعقدة". واضاف الرئيس الروسي مازحا "يبدو لي انه من المستحيل ان نرى الوضع بوضوح دون زجاجة نبيذ جيد، بل زجاجة فودكا". وتابع بوتين المعروف بانه لا يتناول المشروبات الكحولية، "يجب التفكير في ذلك". ورد الرئيس الفرنسي مازحا "مع زجاجة بورتو". وذكر بوتين ان هولاند "قدم مقترحات جديدة يمكن مناقشتها مع كل شركائنا والعمل على وضعها موضع التنفيذ". [email protected]