الوضع مقلق جدا بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد. هذا ما ينبه إليه الخبراء وأصحاب القرار . لقد دخل نظام المعاشات المدنية، المسير من قبل الصندوق المذكور، مرحلة العجز والهشاشة المزمنة .إنها الحقيقة التي أكدها المجلس الإداري المنعقد يوم الخميس 27 دجنبر،وهو ما سبق أن توقعته الدراسة التي أنجزها مكتب خبرة مستقل لفائدة اللجنة الوطنية المكلفة بالإصلاح « ضمت مكتبين فرنيسيين ». والواقع أن مظاهر العجز بدأت في البروز خلال سنة 2012 حسب توقع الدراسة المذكورة ،إلا أنه تم تأجيل الشروع في اتخاذ التدابير اللازمة للحد من الانعكاسات السلبية لهذه الهشاشة المالية، التي باتت تهدد الصندوق المغربي للتقاعد، والتي لا شك أنها ستؤثر سلبا على الأجيال المقبلة من الموظفين المحالين على التقاعد . وكان المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد قد تداول خلال سنة 2011، حول موضوع الرفع من سن التقاعد، مع الأخذ بعين الاعتبار المساهمة وسن التقاعد ومستوى المعاشات التي يتعين صرفها، وجرى الحديث حينها ،عن الحاجة إلى إضافة سنتين على الأقل ،أي الانتقال من 60 سنة إلى 62 سنة مع العمل على الرفع من نسبة المساهمات ، ومراجعة معدل معاشات التقاعد عوض الاعتماد على الأجرة الأخيرة، بل هناك من اقترح رفع سن التقاعد إلى 65 سنة ولكن على أساس اختياري ، وهو ما يمكن من عدم اللجوء إلى الزيادة في نسبة المساهمات . إلا أن التدابير الضرورية لمواجهة الوضع المقلق، ظلت دون تفعيل، مما قد يتسبب في تعقيد الأوضاع، باعتبار أن أي تأخير سيتطلب المزيد من المجهودات المادية والتقنية وكان نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية أكد في منسبة سابقة أن الإصلاح يجب أن يكون شاملا ضمن منظور تضامني للحصول على نموذج اجتماعي منصف،يشمل جميع المستفيدين إنظمة التقاعد ،وألا يقتصر الأمر فقط. على الصندوق المغربي للتقاعد ، منبها إلى أن معدل الناشطين الذين لهم الحق في الحصول على تقاعد لا يتجاوز حاليا 35 بالمائة. وأبرز الوزير أن سنة 2014 ستعرف الشروع في استهلاك رأسمال الصندوق وبالتالي التقاعد المستقبلي لموظفي اليوم ، وهو مايستوجب تسريع الإجراءات الضرورية لمعالجة هذا الوضع. وكان مكتب الخبرة السالف الذكر، أفاد أنه مقابل استقرار لعدد المساهمين في نظام المعاشات المدنية في حدود 600 ألف بفعل الفرضية الموضوعة (تعويض المحالين على التقاعد)، فإن عدد المتقاعدين ،سيرتفع بوثيرة متسارعة من 149 ألف سنة 2007 إلى 300 ألف في حدود سنة 2020 ليصل إلى 441 ألف في أفق سنة 2060 ،مما يقارب ثلاثة أضعاف العدد الحالي. وهكذا قدر العدد الإجمالي للمساهمين برسم سنة 2010حوالي 606 ألف شخص، وعدد المتقاعدين حوالي 149 ألف شخص ، وعدد الأرامل حوالي 49 ألف أرملة، في حين أن النسبة الديمغرافية بلغت 4.1 شخصا مساهما لكل متقاعد، ومن المتوقع أن تبلغ هذه الأرقام برسم سنة 2060 ،على التوالي ، حوالي 606 ألف شخص من المساهمين، و441 ألف من المتقاعدين، وحوالي 244 ألف من الأرامل ، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 5 أضعاف على مدى فترة الإسقاطات، وحوالي 1.4 شخص مساهم لكل متقاعد على مستوى النسبة الديمغرافية ، وهو ما يعني أن النسبة الديموغرافية لنظام المعاشات المدنية ستتدهور بشكل حاد جدا ن يختل فيه التوازن المالي للنظام. وبالنسبة للإسقاطات المالية ،سجل مكتب الخبرة أنه بالرغم من استقرار عدد المساهمين، وبفعل تغير بنية المنخرطين بتحسن نسبة التأطير في الوظيفة العمومية والارتفاع المسجل في مستوى الأجور سيتطور وعاء المساهمات لنظام المعاشات المدنية بشكل ملموس ليتضاعف خمس مرات على مدى فترة الإسقاطات بمتوسط زيادة سنوية تبلغ 3 % منتقلا من 45 إلى 223 مليار درهم. وستعرف قيمة المساهمات المحصلة ارتفاعا بنفس المستوى، إذ ستنتقل من 9 مليار درهم سنة 2007 إلى 45 مليار درهم في أفق سنة 2060، لكن هذا الارتفاع يبقى دون مستوى ارتفاع حجم المعاشات الممنوحة التي ستقفز من 9 إلى 107 مليار درهم خلال نفس الفترة أي بزيادة تفوق 11 مرة.