هيومن رايتس ووتش منظمة أمريكية غير حكومية تهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان ، وتصدر تقارير سنوية تقيم فيها حرية الإنسان في البلدان. في التقرير الأخير لهذه المنظمة أكدت أن المغرب سجل تراجعا في حقوق الإنسان وعلى أنه لايحترم حرية الصحافة، ويزج بالصحافيين في السجون. ويرى البعض أن هذه التقارير ظالمة وغير منصفة لأنها لاتعتمد على مؤشرات حقيقية ولا على مصادر موثوقة بل تعتمد فقط على الأفراد كمصادر وعلى الأحكام الجاهزة. في حين يرى البعض الآخر أن التقارير منصفة جدا ومبنية على مؤشرات القوانين الدولية وأن كل ما تقوله هو منبثق من واقع الصحافة المغربية، بين هذا وذاك التقت (العلم) »سارة لياويتس« المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في »هيومن رايتس ووتش« وأجرت معها الحوار التالي: س: ما هي المؤشرات التي تعتمدونها في إصدار التقارير السنوية؟ ج: من بين القضايا التي تعنى بها منظمتنا، قضية حرية الصحافة وحرية التعبير وبطبيعة الحال نركز اهتمامنا على القانون الدولي كما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، خصوصا المادتين 19 و 20 اللتين تضمنان حرية التعبير للجميع، وأيضا لاتسمح للحكومة بتقييد هذه الحقوق إلا بناء على معايير دقيقة ومحددة وبالتالي نحن نحاول أن نعالج وأن نطلع على القوانين المغربية لنرى إلى أي مدى تتلاءم والقوانين الدولية ونلاحظ حاليا على أن المغرب يطبق قوانين تتناقض والقوانين الدولية خصوصا فيما يتعلق بمتابعة الصحافيين قضائيا بسبب مايدلون به من تصريحات والى جانب هذا نحاول أن نحلل القوانين المغربية وعلى رأسها الدستور المغربي، الذي نرى على أنه ضمن حق المواطنين المغاربة بمن فيهم الصحافيون في التعبير عن أنفسهم بحرية. مانحاول فعله هو أن نستنير بالقانون والمعايير الدولية لنساعد الدول كالمغرب من أجل التقيد بالقانون الدولي في تطبيقه للقانون المحلي والسماح لكل الشرائح بالتعبير عن نفسها بحرية. س: يرى البعض أن المنظمة في تقاريرها لاتعتمد على معايير بقدرما تعتمد على أحكام جاهزة. مارأيك؟ ج: يمكننا القول إننا ألفنا طريقة تعامل الحكومات التي لاترغب فينا ولاتستحسن عملنا، لأنها تعتقد أننا أعداء لها، ولكن في الحقيقة نحن هنا نقوم بعملنا لأجل تقويم الوضع. ثم إنه من المألوف أن تكون الحكومات ضدنا، وبالتالي فنحن نقول ونؤكد على أننا نقول كلاما لاتريد الحكومة أن تسمعه. س: المغرب عرف تحولات نوعية لماذا أهملت المنظمة هذه التحولات في تقريرها؟ ج: بالنسبة لي التحولات التي عرفها المغرب هي الدستور لكن هذا الدستور له طبيعة تصريحية، وما يجب أن نصب اهتمامنا عليه هو القانون المتعلق بالصحافة والقانون الجنائي، الدستور يقول كلاما جميلا ولكن تنقصه الدقة والتفصيل، ففي قانون الصحافة مازال صحافيون يعاقبون بالقانون الجنائي وقوانين أخرى تدخل فنانين الى الحبس على سبيل المثال الحاقد تم الزج به في السجن لأنه حسب ما يقال قام بسب الشرطة. س: في الندوة التي نظمها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية أكدت على أن المادة 263 من القانون الجنائي يجب أن تحذف باعتبار قانون منع القذف قانون غير موجود في القوانين الدولية، لكن هل القوانين الدولية تحث على السب والقذف؟ ج: ما قلته في الندوة له وجهان، الوجه الأول هو أنه لا يجب أن تكون هناك عواقب جنائية ضد القذف أو السب وخروقات ضد حرية التعبير، وأيضا ما يحث عليه القانون الدولي ومنظمة »هيومن رايتس ووتش« هو احترام حرية التعبير وما نعنيه بذلك هو أن المسؤولين يجب أن لا يتابعوا قضائيا الأشخاص بسبب القذف أو السب لأن تلك الانتقادات لاتروقهم، على سبيل المثال نلاحظ أنه بالنسبة للصحافة في أمريكا الأمر مختلف. هناك بعض من يدعي أن أوباما مسلم وأعتقد أنه من العبث أن يقوم الرئيس الأمريكي برفع دعوى ضد هؤلاء لأن كلامهم لايروقه، لا يمكننا أن نتذرع بالقذف لمحاسبة البعض.. س: قلت كذلك إن الفصل 41 من قانون الصحافة يجب أن يحذف، لأنه يمنع ازدراء الأديان، وهل القوانين الدولية تشجع على ازدراء الأديان؟. ج: ما يقوله القانون الدولي هو أنه لا يمكن تجريم اللغة أو التعبيرات، التي يمكن أن تكون جارحة لأي أحد، فالسب لا يتطلب المتابعة القضائية لأن ما يقوله شخص اتجاه الاسلام أو المسيحية قد يكون جارحا بالنسبة للبعض، كما قد يروق للبعض الآخر، وليس دور الحكومة أن تقرر في هذا الشأن وأن توجه الرؤية التي يجب أن يتبناها المغاربة حول الإسلام أو المسيحية أو البوذية، فعليهم أن يكونوا أحرارا في اعتقاداتهم وهذا حق كل مواطن وليس لأحد الحق في أن يقرر ذلك بدلا عنه. س: من يمول »هيومن رايتس ووتش«؟ ج: المنظمة غير حكومية وبالتالي لاتسعي إلى تحقيق الربح وكما تعلمون أن كل مصادر التمويل تأتينا من الأشخاص والمؤسسات غير الحكومية، ولا نأخذ المال من الحكومات للحفاظ على مصداقيتنا واستقلاليتنا وندعو كل المغاربة لدعم عمل منظمة »هيومن رايتس ووتش« ماديا حسب إمكانياتهم. س: ماهي التوصيات التي خرجت بها »هيومن رايتس ووتش« من الندوة الأخيرة؟ ج: في الحقيقة أعتقد أن الأمر يتعلق بفرصة جيدة للنقاش وتبادل الآراء وبطبيعة الحال طرح الأفكار المغلوطة منها والصحيحة للنقاش. المركز ساعدنا على تنظيم هذا اللقاء نتمنى أن تكون مساهمتنا فعالة لتطوير مسلسل الديمقراطية بالمغرب.