شكل اللقاء الذي جمع أول أمس الاثنين فريقا حكوميا برئاسة السيد عبد الإله بنكيران بالمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية لتدارس مشروع قانون المالية لسنة 2013 مناسبة بذل خلالها الوفد الحكومي أقصى ما يتوفر عليه من تقنيات التواصل و الاقناع لحمل المسؤولين النقابيين على الاستمرار في مسار التهدئة الاجتماعية للسماح بتمرير مشروع قانون المالية الجديدة بأقل ما يمكن من خسائر الطريق . و بدا واضحا أن رئيس الحكومة راهن من خلال اضطلاع المركزيات النقابية على تدابير القانون المالي للسنة المقبلة و خاصة الشق الاجتماعي به قبل مناقشتها تحت قبة البرلمان على امتصاص ثورة و غضب النقابات على نتائج آخر جلسة في محطة الحوار الاجتماعي بقطاع الوظيفة العمومية و الذي كان قد سجل إنسحاب ممثلي أغلب المركزيات إحتجاجا على ما وصفته بتماطل الحكومة في أجرأة إتفاق 24 أبريل . تباين التقييمات لمحطة لقاء الاثنين لم يمنع من التوافق على حد أدنى من منهجية الحوار ، و العمل عبر التأكيد على مأسسة مؤسسة الحوار الاجتماعي و هو ما يمنح ظرفيا للحكومة متنفسا مؤقتا للتركيز على قانون المالية ،لتلي هذا الامتحان الدستوري أمام نواب الأمة سلسلة من اللقاءات القطاعية بغية انتزاع فتيل الاحتقان الاجتماعي الذي كان في أكثر من مناسبة و ظرفية قاب قوسين من أن تنفجر ألغامه في وجه الحكومة . الحكومة راهنت في لقاء الاثنين على تثمين التدابير ذات الطابع الاجتماعي بمشروع قانون المالية ، و خاصة منها التي تهم قطاعات التعليم والصحة والسكن ، وكذا التدابير الخاصة بالمأجورين والفئات المهمشة والعالم القروي للحصول مؤقتا على السلم الاجتماعي ، و في المقابل يبدو أن سقف مطالب المركزيات النقابية أعلى من أن تستوعبه وثيقة محاسباتية لا يتجاوز مفعولها السنة . وأبرز الأخ محمد كافي الشراط عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب أن المشروع يشبه "المشاريع الأخرى القديمة مع بعض التعديلات الطفيفة التي تمس الشكل أكثر" مبرزا أن الاجتماع كان فرصة لتذكير الحكومة بمطالب النقابات والطبقات الاجتماعية التي ينبغي أن تتبلور في القانون المالي. وقال الشراط إن مناقشة المشروع "جاءت متأخرة على اعتبار أن الفسحة الزمنية المتاحة ضيقة ولن تسمح لنا إلا بتقديم بعض التعديلات" ، مذكرا بأن وفد الاتحاد العام طرح خلال الاجتماع العديد من القضايا التي همت - على الخصوص - السكن الاجتماعي وتطبيق السلم المتحرك للأجور. الاتحاد العام للشغالين وفي بلاغ لمكتبه التنفيذي عقب اللقاء طالب الحكومة ببذل مجهودات إضافية للمزيد من دعم القدرة الشرائية للشغيلة بالإقدام على أجراة حقيقية وشجاعة خاصة فيما يتعلق بتخفيض العتبة المرتفعة جدا المفروضة في الضريبة على الاجور، إضافة إلى المزيد من تيسير الولوج إلى السكن الاجتماعي بتمكين الشغيلة من قروض بفوائد ضئيلة جدا بواسطة صندوق يحدث لهذه الغاية . بلاغ المركزية النقابية شدد على ضرورة تطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور حسب نسبة التضخم، وكذلك المزيد من دعم مختلف الخدمات والسيرفي اتجاه حذف الضريبة المفروضة على معاشات المتقاعدين، والمزيد من دعم الادخار والاستثمار وتشجيع الاستهلاك واتخاذ مقاربة أكثرجرأة لمعالجة مشاكل القطاع غير المهيكل ، مذكرا في هذا الاطار بمضمون مذكراته العديدة المرفوعة لرئاسة الحكومة حول الشؤون والأوضاع المعيشية للشغالين والمقاولات. من جهته أبرز محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن المركزيات النقابية قدمت مقترحاتها ومطالبها الأساسية ، مشيرا إلى عزم نقابته على مواصلة النقاش من خلال ممثليها في مجلس المستشارين. وفي ما يتعلق بمشروع قانون المالية 2013 ،اعتبر يتيم أنه "تضمن مجموعة من الإجراءات الايجابية"، مضيفا أن النقابة ستسعى من خلال المذكرة التي ستقدمها للحكومة إلى تطوير المقترحات المتضمنة في المشروع في اتجاه تعزيز مضامينه الاجتماعية. و اعتبر عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل أن العرض الذي قدم خلال اللقاء كان "عاما" وأن المؤشرات التي وردت فيه كانت دون انتظارات الطبقة العاملة موضحا أن الاجتماع شكل فرصة للتأكيد على مسألة الحريات النقابية وأنه "لا يمكن أن يكون هناك حوار إيجابي بدون حريات نقابية". أما الميلودي الموخاريق الكاتب الوطني للاتحاد المغربي للشغل فأكد أن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة يتضمن "بعض الايجابيات ومجموعة من السلبيات" ، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه لا يتضمن الزيادة في الأجور وإجراءات للتخفيف من الضغط الضريبي على الأجور، وأن المتقاعدين سيظلون يؤدون الضريبة على التقاعد، مشيرا إلى أنه تمت المطالبة بأن يعفى الأجراء الذين يتقاضون خمسة آلاف درهم من الضريبة عن الدخل. وقال الموخاريق "لا نرى أي تحسن، لهذا طرحنا مجموعة من الاقتراحات التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار لتحقيق التماسك الاجتماعي وهو ما سيتم تضمينه في المذكرة التي ستوجه للحكومة".