إيداع شخص تهجم على الموكب الملكي بالرباط في مستشفى للأمراض العقلية    إصلاح قطاع الصحة في المغرب : تحديات وأفاق    طقس الثلاثاء: أمطار وزخات رعدية في أغلب مناطق البلاد    نزار بركة: إطلاق صفقات تهم 71 مقطعا طرقيا و69 منشأة فنية    توقيف شخص كان يدير ورشا لتزوير العملة قرب سلا    أدوار النساء القرويات في المغرب .. معاناة مضاعفة وجهود تفتقد الاعتراف    "حوار" يناقش مستقبل الجالية بهولندا    تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر (دراسة)    جوزيب بوريل يجدد التأكيد على "القيمة الكبيرة" التي يوليها الاتحاد الأوروبي للشراكة الاستراتيجية مع المغرب    الأغلبية البرلمانية تناقش آليات تفعيل خطاب الملك بشأن الوحدة الترابية    أزمة دبلوماسية بين الهند وكندا بعد اغتيال زعيم انفصالي في فانكوفر        غلوري توقف بنصديق ل10 أشهر بعد ثبوت تعاطيه للمنشطات    كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب.. الجزائر تحجز بطاقتها إلى النهائيات رفقة الكاميرون وبوركينافاسو    أزيد من 3 ملايين مسافر عبروا الموانئ المغربية خلال عملية مرحبا            آيت الطالب يعلن عن قائمة جديدة من الأدوية التي سيتم خفض أسعارها    إصابة لامين جمال تربك حسابات برشلونة قبل قمتي بايرن ميونيخ وريال مدريد        بعد 10 سنوات زواج...طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي: بلادنا تتطلع إلى الارتقاء بعلاقاتها مع المغرب إلى مستويات أعلى        فيضانات تازة تودي بحياة سيدتين وتخلف خسائر مادية جسيمة    الكاتب العام لعمالة إقليم الناظور يترأس الذكرى 26 لوفاة الملك الحسن الثاني    "البام " يرشح إبن برلماني من "الأحرار" لخوض غمار الانتخابات الجزئية بخريبكة    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بحبات البرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الإثنين    عجز الميزانية بالمغرب يتراجع إلى 26,6 مليار درهم عند متم شتنبر (الخزينة العامة للمملكة)    تحذير من أمطار عاصفية هذا اليوم    دولة إفريقية تعلن تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس جدري القردة    "لوموند": المغرب لديه "أكبر مسرح" في إفريقيا كلف بناءه 200 مليون أورو لكنه مغلق    فيلم "تيريفاير 3" يتصدر شباك التذاكر    دارون أسيموغلو وسيمون جونسون وجيمس روبنسون يفوزون بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2024    ماريا نديم تظهر لأول مرة مع مولودها وتكشف عن إحساسها بالأمومة (فيديو)    هذا موعد الدورة المقبلة من مهرجان موازين إيقاعات العالم    تراجع أسعار النفط بفعل مخاوف بشأن الطلب في الصين    هزالة الأجر ومدة التعاقد وقضايا أخرى تدفع الأطباء المقيمين والداخليين للإضراب    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع        حزب الله يستهدف ثكنة في وسط اسرائيل    "الفوارق في الثروة" تفوز بنوبل الاقتصاد    ترتيبات جديدة تنظم "إسعاف السفر"    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات        جامعة كرة القدم تكرم لاعبين دوليين بالمنطقة الشرقية    المعهد المغربي للتقييس يخلد اليوم العالمي للتقييس    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما    قتلى وإصابات خلال قصف حزب الله لإسرائيل    السلاح النووي والصراع بين إسرائيل وإيران يدقان ناقوس الخطر في المنطقة    توقيف شخص مسلح قرب تجمع انتخابي لدونالد ترامب    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مركز توزيع أغذية في جباليا    من التصيد إلى الاحتيال .. هكذا تحمي نفسك في العالم الرقمي    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح المنشود: تطهير الشرطة للبلاد من المجرمين.. وتطهير جهاز الشرطة من الفاسدين
نشر في العلم يوم 29 - 04 - 2012

الظلم يتعدد أشكاله وألوانه ولهذا ندافع عن أي مظلوم ضد أي ظالم مهما كانت مكانته الإجتماعية أو ثروته أو مركزه السلطوي، ونسلط الأضواء على إنتهاكات رجال الشرطة ليس افتراءا عليهم أو للقضاء عليهم وتفتيتهم، وإنما لتطهير المؤسسة الأمنية وإعادة هيكلتها من الداخل فهي تحمينا وتحمي مصالحنا ليل نهار باستماتة من الأشخاص الذين ليست لهم لا أخلاق ولا نزاهة ومن بينهم المجرمين والفاسدين والمرتشين.
فلقد أصبحنا ندهش مما يجري أمام أعين رجال الأمن الذين أضحوا يجدون صعوبات كبيرة في توقيف المجرمين وإجبارهم على الإمتثال للقانون أو لمجرد محاولة التحقق من هوياتهم، فيدخلون معهم في معارك كبيرة.
ولقد وقع يوم الخميس الماضي بمنطقة "مولاي رشيد" ب"الدار البيضاء" ما لا نقبله حينما تعقبت دورية للأمن "الصقور" ثلاثة مشتبه فيهم، بعد محاولة إيقافهم ففروا إلى حي آخر وبعد محاصرتهم، أسدل واحد منهم سيفا لترهيب وتخويف رجل الأمن الذي طاردهم على متن دراجته النارية، ليجبر في النهاية الإستعانة بمسدسه ويصيب واحدا من المجرمين برصاصة في ركبته قبل أن يهرب.
إن حالات إطلاق الرصاص الحي على المجرمين قصد إيقافهم من جهة، ومن جهة ثانية استعمال رجال الأمن لسلاحهم الناري للدفاع عن أنفسهم في مواجهة تهديدات المجرمين والبلطجية لهم بالسلاح الأبيض أو "السيوف"، هي مسألة تدعو إلى الوقوف عند هذه الظاهرة، التي تؤكد بالملموس أن الخارج عن القانون لم يعد يكترث برجل الأمن، والأخير أصبح بدوره مترددا أثناء عملية التدخل لإيقاف المشتبه فيهم، نتيجة تخوفه من ردة فعله التي قد تأتي متهورة وتخوفه أيضا من القرارات التأديبية التي قد تصدر ضده في حال المساءلة عن ملابسات تدخلاته، لاسيما تلك التي قد تؤول إلى تجاوزات تمس حقوق الإنسان.
لكن لابد على رجل الأمن أن لا يتردد في الدفاع عن نفسه أو عن المواطنين عند مقابلته لمجرمين من هذه النوعية والقانون يحميه إن ضرب المجرم في الأماكن التي لا تؤدي للموت مثل الرجلين وإلا سيعتبر تخاذلا عن أداء واجبه الوطني وحماية نفسه.
نعم رجل الأمن مثلما هو مطالب بحماية نفسه وحماية المواطنين، هو مطالب أيضا بالتفاني لمحاربة الإجرام والإنفلات الأمني، وهي مهمة عسيرة لن يرحمه أحد إذا لم يقم بها.
لكن حينما يصبح هذا الإنفلات خارجا عن السيطرة "السيبة" تحت ذريعة عدم احترام رجل الأمن لمجال حقوق الإنسان، فإن هيبة الأمن تضيع وتصبح حقه المسلوب في قيامه بمهمته التي يحاسب عليها، مما يثير تساؤلات ونقاشات في كيفية استردادها لأن هيبة الأمن هي من هيبة الشعوب، والحال أنها بدأت تتلاشى في عز تنامي هذا الإنفلات الذي ضرب بأطنابه في المدة الأخيرة جل الشوارع وأحياء المدن والقرى، فما وقع ب"مركب محمد الخامس" ب"الدار البيضاء" خلال المباراة التي جمعت بين فريقي "الوداد البيضاوي" و"الجيش الملكي" ضمن منافسات الدوري الإحترافي الوطني لكرة القدم، حيث أن مجموعة من جمهور البلطجية انطلقوا في تخريب تجهيزات المركب وممتلكات عمومية، وكيف أنهم بكامل "السيبة" انقضوا بالإعتداء على رجال الأمن، مما جعل بعضهم يتراجع إلى الوراء مندهشين مما يجري أمام أعينهم، والبعض الآخر تم التعدي عليهم في عز النهار، وكاد هذا التعدي أن يزهق أرواحهم.
وبعيدا عن تلك الأحداث، فإن مناطق أخرى تعددت فيها أشكالا لما قد يسمى انفلاتا أمنيا، استدعت إطلاق رجال الأمن لأعيرة نارية من أجل توقيف مجرمين روعوا أحياء سكنية وحافلات للنقل العمومي، بعد استعمالهم للسيوف كأداة لممارسة نشاطاتهم الإجرامية في والوقت ضحى قبل الليل، لسلب المواطنين ما بحوزتهم.
كل ما سبق ذكره شيء، أما الشيء الآخر هو المفارقات الغريبة بين ظاهرة الإنفلات الأمني واستعمال القوة والسلاح الناري، هو تعامل قوات الأمن بمكيالين بخصوص بعض القضايا، المتمثلة في استعمال القوة في حق المعطلين والمحتجين بشكل سلمي...، مقابل تراجعها عن ذلك وعدم استعمالها ضد أولئك الذين يمارسون أنشطة الإنحراف على مستويات مختلفة، على غرار النصب والسرقة مثلا تحت التهديد بالسلاح الأبيض أو من دونه والإتجار في المخدرات...، وكذلك إهدار كرامة المواطن البسيط وعدم مساعدته في استرجاع حقوقه، إنه تساؤل ينبغي على السلطات الأمنية ببلادنا التعاطي معه بوجه حقيقي لتجاوز المعضلات التي أضحت تواجه رجال الأمن أثناء أداء مهامهم بالشكل المطلوب، للحفاظ على النظام والأمن بالشارع العام، ما قد يعيد الهيبة إلىِ رجل الأمن الذي بدأ يفقدها وهي التي ظلت ملتصقة به، إلى أن أصبح في حاضرنا رجلا متناقضاً في المواقف التي تدخل في صلب مهمته وعمله، إلى درجة أن بعض رجال الأمن باتوا متورطين في التستر على بعض المجرمين.
وعلى سبيل المثال لقد اهتزت مدينة "فاس" بحي "باب الخوخة" صباح الجمعة الماضي على جريمة بشعة تحمل طابع الوحشية و قانون الغاب، حيث عمد أحد المسجلين خطر جدا لدى الجهاز الأمني، باعتراض شخصين بجانب "الخيرية الإسلامية" واستعمل الجاني المسمى ب"قاسم الخالدي" سيف وساطور في تنفيذ عملية الذبح وقطع الجثث، وانقض على المسمى قيد حياته "ادريس البكاري" وذبحه بطريقة وحشية من الوريد إلى الوريد، وعندما انتهى من التنكيل بالجثة، توجه نحو شخص آخر يدعى "محمد الدرجوحة" ونفذ فيه الجاني عملية الذبح دون رحمة ولا رأفة وقام بالتمثيل بالجثة وبالتلذذ بالعملية التي نفذها.
وبعد أن اهتزت ساكنة "باب الفتوح" و"باب الخوخة" و"سيدي بوجيدة" و"عين النقبي" مع العلم أن هذه الأحياء توصف بالشعبية ب"فاس" وتصنف على أنها مناطق خطيرة ينشط فيها المجرمون بحرية كاملة، وأمام هول الكارثة استنفرت ولاية جهة "فاس بولمان" جميع الأجهزة تحت إشراف والي الجهة واعتقل الجاني بعد ظهر نفس اليوم بنفس الحي الذي نفذ فيه عملية الذبح .
وتعيش مدينة "فاس" العاصمة العلمية لبلدنا على إيقاع الجرائم اليومية من جرائم القتل والضرب والجرح والسرقة المتعددة، وقد قبض على لصان عمدا إلى سرقة فتاة بشارع "أحمد شوقي" وسلبوا منها سلسلة ذهبية وهاتف نقال بجوار إدارة المحافظة على التراب الوطني والمعروفة ب"د س ت" بعد محاولتهما الصعود إلى إقامة مخصصة لرجال السلطة المحلية حاولا ومنعهما حارسها وتتبعهما إلى أن رأى أنهما يحاولان فتح سيارة لسرقتها فاستنجد بشرطي يحرس هذه المحافظة .
هذه المعضلات والمفارقات والإنفلات الأمني التي نتحدث عنها اليوم، قد تكون مؤشرا ودافعا قويا إلى الرفع من وتيرتها بالمدن والقرى من طرف المسجلين خطر والمبحوث عنهم في قضايا مختلفة، وكذا تنامي ظاهرة تحقير رجال الأمن بالشارع العام أثناء تأدية مهامهم بكل تفان، على اعتبار أن المواطن كلما شعر بوجود أمن يحميه ويحافظ على سلامته وممتلكاته، كلما تقوت ثقته في المستقبل، والحال عندما لا يشعر بذلك، فإنه يصبح متذمرا، كما أن مسألة احترام حقوق الإنسان لا يجب أن تكون مطية أو مبررا لدى قوات الأمن العمومي للتغاضي عن ممارسات الإجرام والإنفلات الأمني والشغب، ولا يجب أن تكون قناعا يحتمي به الخارجين عن القانون، كما أصبحنا نلمس في بعض الأماكن والساحات العمومية، فضلا إلى كون السجون وعقوبات الحبس التي تصدر في حق المجرمين، الذين غالبا ما يستفيد بعضهم من العفو، لم تعد أيضا مشجعة لردعهم عن أفعالهم، بل أضحت تساهم في تكرار سلوكهم الإجرامي، لأنهم باتوا يعرفون أكثر من غيرهم أن السجن يوفر لهم حياة كريمة وحماية من نوع خاص، تتمثل في وجود شروط أقرتها مواثيق حقوق الإنسان، عكس السجون القديمة التي كان يخشاها كل منحرف ومجرم...؟
إن حكومة السيد "بنكيران"، مطالبة الآن بالتدخل الفوري في موضوع الإنفلات الأمني، عن طريق سن إستراتيجية تروم إلى القطع مع تجلياته التي انعكست سلبا على حياة المغاربة، بعدما أصبح رجل الأمن مجرد كائن يتمالكه الخوف من ممارسي الأنشطة الإجرامية المختلفة، ومترددا في تدخله أثناء محاصرة الإنفلات الأمني.
وحكومة "بنكيران" مطالبة أيضا بتطهير الجهاز الشرطي من الفاسدين والمرتشين وإعادة هيكلة وزارة الداخلية ونطالب السيد "عبد الإلاه بنكيران" ألا يترك أمر إصلاح جهاز الشرطة له، ولا لوزارة الداخلية وحدهما لأن هذا أمر يخص الوطن وأمنه واستقراره ولا يمكن أن يكون محل اختصاص ذات الجهاز المطلوب إصلاحه إصلاحا جذريا مشددا على أن المقصود بإعادة الهيكلة ليس مجرد تغيير أسماء الموارد البشرية ولا نقل القيادات، وإنما إجراء تغيير جذري في عقيدة الجهاز، وفي هيكله الإداري، وفي علاقة كبار الضباط فيه بباقي أعضائه، وفي توزيع موارده، وفي أولويات عمله، وفيما يفصح عنه من معلومات للناس، وفي الأدوات التي يستخدمها.
وندعو رئيس مجلس حقوق الإنسان بضرورة لعب المجلس دورا في إعادة الهيكلة ودورا في الرقابة على جهاز الشرطة والسجون، لأن جهاز الشرطة أصبح الآن أقوى من أي سلطة في بلدنا، بحيث أصبحت القيادات العليا فيه تعجز عن التعامل مع الشرطة، وهو السبب في الكوارث التي تشهدها الآن بلادنا الغالية على قلوبنا والتي لا نرجو أن تصل إلى ما لا يحمد عقباه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.