أكد وزير المالية السابق أحمد برادة، خلال ندوة نظمت بالدارالبيضاء حول "المالية العمومية بين الإكراهات الموضوعية والمطالب الاجتماعية الملحة"، أن النمو الاقتصادي الوطني قد يعرف تراجعا مهما خلال السنة الجارية، بسبب محاصيل الموسم الفلاحي الذي قال ان نتائجه ستكون حتما كارثية، معلنا أن السنة الجارية هي سنة جفاف بكل المقاييس، وذكر أن نسبة النمو الاقتصادي الوطني ظلت مستقرة في نسبة 5.5 في المائة منذ سنة 2010، معربا أنها أحسن معدلات النمو التي حققها المغرب منذ الاستقلال. وأضاف أحمد برادة خلال هذا اللقاء الذي نظمه مركز روابط للأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية عشية يوم الجمعة المنصرم بكلية العلوم الإقتصادية لجامعة الحسن الثاني، أن صندوق المقاصة يعاني من عجز يقارب 63 مليار درهم، بسبب المتأخرات الأداء التي تراكمت عليه منذ سنة 2010، موضحا أنه بعد هذا الواقع المتأزم للصندوق بات لزاما وقف دعم المواد البترولية وتعويضها بمواد ذات صلة مباشرة بالإستهلاك المباشر للمواطن المعدوم أو المتوسط الدخل، علما أن الصندوق يدعم قطاع الحبوب والسكر، وأشار في نفس السياق إلى استفادة شركات النقل الاجنبية من شاحنات وبواخر من الدعم الذي يقدمه الصندوق للمواد البترولية والغاز، مما اعتبره هدر لأموال الخزينة العامة للمملكة تضاف إلى أجور الشغيلة الأجنبية بالمغرب التي ارتفعت بعد سياسة الانفتاح التي اعتمدها المغرب خلال السنوات الأخيرة. وقال برادة رئيس مركز روابط، أن المغرب عليه مواصلة خفض نسبة التضخم للمحافظة على استقرار القدرة الشرائية للمواطنين، وتعزيز هذه القدرة لتوسيع شريحة الفئة المستهلكة، وذلك بتوفير مناصب الشغل ودعم القروض الاستهلاكية وتشجيع الصناعات ألمحلية وإعادة النظر في توازنات الميزان التجاري، وبهذا الخصوص دعا إلى تحسيس المواطن باستهلاك المواد المحلية عوض استهلاك المواد الأجنبية المستوردة التي تساهم في رفع الواردات على حساب الصادرات وبالتالي إنعاش الإقتصاد الاجنبي على حساب الوطني، في إشارة إلى جعل الإقتصاد الوطني يحظى بحصانة محلية يوفرها له ارتفاع الطلب الداخلي. وعلى المستوى أخر أشار برادة إلى أن الاستقرار الذي ينعم به المغرب في ظل الظرفية الإقليمية من خلال الربيع العربي والظرفية الدولية من الخلال الأزمة التي تعرفها الدول الأوربية بصفتها الشريك الإقتصادي الأول للمغرب، ورقة رابحة، على المغرب استغلالها للقفز خطوات نحو اقتصاد وطني منتج غير مستهلك كسابق عهده، رغم التداعيات السلبية لهذه الظرفية التي يمكن للحكومة تجاوزها بجعل المستعجلات السوسيو-تنموية ضمن أولوياتها. وعقب نجيب أقصبي أستاذ جامعي على مداخلة رئيس المركز، أن العجز الذي يعرفه صندوق المقاصة ليس وليد السنوات الثلاث الأخير بل هو عجز يعيشه الصندوق منذ نهاية السبعينات، معتبرا أحداث سنة 1981 في الدارالبيضاء ما هي إلا نتاج لتأزم الوضع الاقتصادي آنذاك الذي لم يستطع الصندوق جبر تداعياته، وقال أقصبي: "أن المغرب منذ السبعينات أعتمد جميع النظريات لتحقيق نموذج ناجح لنموه الاقتصادي، لكن دون تحقيق نتائج مرضية، وظل الحكومات المتتالية تهتم بدعم القطاع الخاص من أجل رفع الصادرات، لكن ظلت صادراتها تمثل فقط 12 في المائة أمام 23 في المائة التي تحققها الدولة، وقد حان الوقت للاعتراف بأخطاء الماضي واتخاذ قرارات سياسية شجاعة بدل الحلول الترقيعية من أجل كسب رهان المطالب الاجتماعية الملحة..". واعتبر أقصبي أن وقف صندوق المقاصة لدعم المواد البترولية ليس بالحل السحري لكن الأجدر هو إعادة النظر في الطبقات الاجتماعية المستفيدة من هذا الدعم، إذا كان الهدف هو رفع القدرة الشرائية وتوسيع الفئة المستهلكة للمواد المدعومة، أي بصحيح العبارة إعفاء الأغنياء من الاستفادة من دعم الصندوق لصاح الطبقات الاجتماعية الفقيرة، كما أشار إلى أنه من غير المنطقي مناقشة قانون مالية قديم والاستمرار في العمل به في ظل دستور جديد ومغرب جديد.