رحل عن دنيانا مساء يوم أمس السبت قداسة "البابا شنودة" بابا "الإسكندرية" و"بطريرك الكرازة المرقسية".. عن عمر يناهز 88 عاما لتعرضه لهبوط في الدورة الدموية بعد صراع مرير مع مرض السرطان. وكان الأطباء قد منعوا البابا من إلقاء عظته الأسبوعية الأربعاء الماضي بسبب تدهور صحته. وسيعقد اليوم المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية إجتماعه لمناقشة الأمر والبدء في ترتيبات الجنازة وتشييع جثمان قداسة البابا برئاسة أكبر الأساقفة سنا الأنبا "ميخائيل" أسقف "أسيوط", وأشارت المصادر إلى أن جنازة شعبية ورسمية كبرى سوف تنطلق من الكاتدرائية. ومما لاشك فيه فإن قداسة البابا يعد الزعيم الروحي للأقباط ليس في "مصر" وحدها لكن في العالم بأكمله. وعرض برنامج "أون تايم" الذي يقدمه الإعلامي "عمرو خفاجي" على قناة "أون تي في" أول صورة لجثمان البابا بعد تحنيطه وظهر البابا في الصورة يرتدي الزي البابوي كاملا وطبقا للعرف الكنسي ومن المقرر وضع جثمان نيافته في تابوت زجاجي بصحن الكاتدرائية ليقوم محبيه بإلقاء النظرة الأولى والأخيرة عليه لوداعه. وأطلقت الكاتدرائية أجراسها بألحان جنائزية حزينة حداداً على روح البابا. وأكدت قيادات قبطية من أقباط المهجر عودتها فورا إلى "القاهرة" لمجرد سماع خبر وفاة البابا، في الوقت الذي تواردت فيه أنباء عن قدوم بابا الفاتيكان "بنديكتيوس" ال 16 ل"القاهرة" للمشاركة فى تأبين البابا. وفتحت الكاتدرائية أبوابها لاستيعاب الأعداد الغفيرة المتوافدة لوداع البابا فيما تدفق عشرات الآلاف من المصريين الأقباط لإلقاء نظرة الوداع على البابا، وحسب التقليد الكنسي أقيمت صلاة خاصة على البابا مساء أمس، وقالت مصادر قبطية إنه سوف يتم إخراج جسد البابا ووضعه مرتديا الزي البابوي كاملا على كرسي مارمرقص داخل الكنيسة الكبرى بالكاتدرائية المرقسية ليقوم كل محبيه وملايين الأقباط لتوديعه لمدة 3 أيام، إبتداءا من ظهر اليوم الأحد، قبل أن تتم مراسم الصلاة الجنائزية رسميا الثلاثاء القادم. إلى ذلك, أكدت الكنيسة أن الأنبا "باخوميس" مطران "البحيرة" سيتولى كرسي البابوية "مؤقتا" لحين انتخاب بابا جديد للمسيحيين بعد مرور 40 يوما على رحيل البابا شنودة. ومن جهته، قال النائب البرلماني "محمد أبو حامد" أثناء وجوده داخل الكنيسة: نعزي جميع الشعب المصري مسيحيين ومسلمين في وفاة البابا "شنودة" الذي كان صمام الوحدة الوطنية، ولم يكن رمزا لقيادة الكنيسة، إنما كان رمزا وطنيا مهما قلنا لم نوفي حقه. وأضاف: كان هناك أوقات من الممكن أن تتأزم فيها المواقف ولكن حكمة البابا أدت إلى مرورها بسلام، داعيا من يديرون البلاد أن يعلموا أنهم فقدوا قوة كبيرة تساعد على السلام الإجتماعي ولم تعد موجودة الآن، مشيرا أن الأمر يقتضي منتهى الحكمة في التعامل مع الأمور والأوقات الحالية لا تحتمل الكثير من الإحتقان. فيما وصف النائب "إيهاب عادل رمزي" البابا بأنه كان رمزا لكل مسيحي في "مصر" وكان له دور كبير في العمل السياسي من الصعب أن نجد شخصا يتمتع بهذه الحكمة أو شخصا يجتمع عليه الجميع مثل البابا "شنودة" وتابع كان مختلفا عن أي بابا في العالم. ونعى الكاتب الصحفي الكبير "عبد الله السناوي" وفاة البابا قائلا: لم أنسى أبدا عندما قال لي في منتصف التسعينات أنا آخر الباباوات الذين قالوا لا للمحتل الأجنبي.. مضيفا: نحن بالفعل فقدنا رجلا من أعظم الرجال.. ويكفي موقفه عندما رفض السفر مع الرئيس الراحل "أنور السادات" إلى "القدس".. رافضا التطبيع مع "إسرائيل".. ولذلك أطلقت عليه من وقتها بأنه البابا العربي. ومن ناحيته نعى مجلس الشعب والشورى مساء أمس قداسة البابا وأعرب المجلس عن حزنه الشديد لوفاة البابا، الذي أفنى حياته في خدمة وطنه بكل إخلاص، وخدمة دينه وأهل ملته. وقال الدكتور "محمد سعد الكتاتني" رئيس المجلس في بيان النعي "السادة أعضاء الإجتماع المشترك من مجلسي الشعب والشوري، ونحن في هذه اللحظة التاريخية التي نقوم فيها بتشكيل حاضر ومستقبل مصر بشأن إعداد دستور جديد للبلاد، تألمنا أشد الألم وحزنا أشد الحزن أن نتلقى في هذه اللحظة هذا النبأ الحزين، فقد غاب عنا قداسته في هذا اليوم المشهود". وأضاف "لقد عاش قداسته وطنيا ومات وطنيا مخلصا سعى بكل جهد لرفعة الوطن وإعلاء شأنه، واشتهر بقوله "إن مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا" ونذكر له مواقفه الوطنية المشهودة ضد انتهاك القدس الشريف وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية.. وإنني إذ أنعاه إلى أعضاء مجلسي الشعب والشورى وإلى شعب "مصر" كله بكل حزن وأسف أنعي فيه الأخلاق الدمسة ومعاني الوطنية المقدسة. وتوجه رئيس المجلس إلى جميع الأقباط في "مصر" والعالم وإلى جميع أعضاء المجلس المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية بخالص العزاء الأليم في هذا الرجل العظيم، وعوض الله "مصر" خيرا ولأبناء الوطن جميعا الصبر والسلوان. من جهته نعى البيت الأبيض أمس قداسة "البابا شنودة" حيث قال في بيان قصير لقد فقدت "مصر" والعالم رجل دين لن ينسى، فخالص التعازي لكل المصريين لوفاة قداسة "البابا شنودة" الثالث. وأعرب الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" وزوجته "ميشيل أوباما" عن تعازيهما بإسم الشعب الأمريكي فى وفاة البابا. وقال "أوباما": "ميشيل وأنا نشعر بالحزن لما علمنا به من رحيل البابا "شنودة" الثالث، الزعيم الروحي المحبوب للأقباط المسيحيين فى "مصر" وداعية التسامح والحوار الدينى.. ونقف جنبا إلى جنب مع المسيحيين الأقباط والمصريين وهم يكرمون إسهاماته من أجل دعم السلام والتعاون". وأضاف: "سوف نتذكر البابا "شنودة" الثالث كرجل للإيمان العميق، وزعيم لدين عظيم، وداعية للوحدة والمصالحة.. والتزامه بالوحدة الوطنية في "مصر" يمثل دليلا على ما يمكن إنجازه عندما يعمل الناس من جميع الأديان والعقائد معا". وقال "أوباما": "بإسم الشعب الأمريكي، نقدم صلواتنا ودعاءنا للمسيحيين الأقباط والمصريين، وجميع أولئك الذين حزنوا اليوم على وفاة البابا شنودة الثالث". ومن جهتنا تتقدم جريدة "العلم" بخالص العزاء للشعب المصري وللكنيسة القبطية الأرثوذكسية وللإخوة الأقباط في "مصر" وفي أنحاء العالم.