على الرغم من اعترافها الضمني بأن دول الخليج العربي تقف الى جانب المغرب في ملف الصحراء و تجمع على دعم الوحدة الترابية للمملكة ، لم تجد قيادة الانفصاليين بتندوف حرجا من مخاطبة حكومة قطر و استجداء ديبلوماسيتها للتوسط لدى المملكة المغربية ، و إقناعها بوضع حد للصراع من خلال ما تزعم البوليساريو أنه خيار "تبني المواثيق والقرارات الدولية. قيادة جبهة الانفصاليين التي تعيش منذ أسابيع عزلة سياسية و ديبلوماسية دولية غير مسبوقة و ما زالت تترنح بفعل تبعات حادث اختطاف رعايا أجانب من داخل مقر قيادتها بالرابوني و ما تلاه من ورطة حقيقية لحاشية عبد العزيز المراكشي التي تتلقى مند تاريخ الواقعة انتقادات لاذعة من طرف الجزائر تحاول من خلال مبادرة تجنيد وزيرتها في الثقافة و حرم الزعيم الأبدي للجبهة ، لمخاطبة قيادة قطر و أميرها بعد أن تحولت ديبلوماسية الدوحة الى فاعل رئيسي في منطقة شمال إفريقيا الى استباق تبعات التقارب المسجل على محور الجزائرالرباط ، و إقرار حكومة المرادية أخيرا بأن ملف النزاع في الصحراء سيتحول ضمن أجندة السياسة الخارجية الجزائرية المستقبلية الى اختصاص الأممالمتحدة لوحدها ، و هذا ما يعني أن جبهة البوليساريو ستفقد في القريب المنظور السند السياسي و التاريخي غير المشروط للجزائر، و ستكون مطالبة بتقديم الحساب الى حكام المرادية عن كل ما يقع بمخيمات تندوف . قيادة الانفصاليين تدرك أن قطر تشكل عنصرا رئيسيا في أجندة الحكام الجزائريين و مقتنعة أيضا بأنه لا مجال لاختراق الموقف الخليجي المدعم للوحدة الترابية للمملكة خاصة بعد أن تتحول الرباط الى عضو كامل العضوية بمجلس التعاون الخليجي , و من هذا المنطلق فإنها تحاول استعمال ورقة قطر للضغط على الجزائر و لجم مساعي التقارب مع الجار المغربي و تستعمل نفس الورقة لتهدد ضمنيا المغرب بأنها ستفتح أبواب التدخل في منطقة الصحراء المغربية لحكام قطر الباحثين منذ سنوات عن مساحات متاحة للعب أدوار نفوذ إقليمي و قاري و دولي خلفا لمصر و سوريا اللتان فشلتا في الحفاظ على حظوتهما الدولية بفعل نسائم الربيع العربي الهوجاء الخطوة المفاجئة لقيادة الانفصاليين بقدر ما تسعى الى فك جزء من عزلتها الديبلوماسية المطبقة تنطوي على مغامرات سياسية غير مأمونة العواقب , فالجزائر التي تنظر بعين الريبة و الشك المبطن للتحركات القطرية الجريئة بليبيا و قبلها بتونس و حتى بالجزائر التي سبق و اتهمت قناة الجزيرة المملوكة للدوحة بتحريك خيوط الثورات بداخل الجزائر نفسها لن تغفر لصنيعتها البوليساريو أن تتجرأ لفتح الأبواب أمام دور للديبلوماسية القطرية بمنطقة الساحل انطلاقا من تندوف و قطر نفسها تدرك أنها إذا تبنت وساطات في ملف الصحراء فإنها ستمسك طواعية بأوراق ملف حارق قد يرتد عليها سواء بعقر دارها بمجلس التعاون الخليجي الذي أغلق منذ عقود أبوابه على قادة البوليساريو، ولن يسمح بالمرة أن تتسرب المجموعة الانفصالية الى عواصم الخليج العربي عبر الدوحة لأن هذا يعني ببساطة تلغيم و نسف قرارات قمة المجلس التي دعت رسميا الرباط و عمان للالتحاق بالمجلس كأعضاء كاملي العضوية ..