قال السيد عبد السلام المصباحي كاتب الدولة المكلف بالتنمية المجالية في كلمة افتتح بها المنتدى الوطني للتنمية القروية الذي نظمته وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية يوم الأربعاء الماضي تحت شعار: «المقاربة الترابية في خدمة التنمية المجالية»؛ إن هذا المنتدى يحتمه الاهتمام المتواصل بالمجال القروي، والتفكير المستمر، والبحث المتجدد المبدع بخصوص التنمية القروية، باعتبارها أولوية استراتيجية في سياسة الدولة، تروم النهوض بالعالم القروي ترابه وإنسانه، على أساس من الشمولية والعدالة والإنصاف، إذ يقول جلالة الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش للعام 2000: «... وإننا في مجال التنمية لنولي أهمية خاصة للتنمية القروية باعتبارها أساس التنمية الشاملة». وأضاف السيد المصباحي أن هذا المنتدى تفرضه الحاجة إلى تقييم وتقويم حصيلة الفعل التنموي القروي، استراتيجيته، ومقاربته، وتمويله، وطرق تنفيذه في أفق تعزيز حكامته ضمن المنظور المجالي كتوجه جديد اختارته الدولة في تعاطيها مع قضايا التنمية بشكل عام وقضايا التنمية القروية بشكل خاص، بغية تحقيق الاندماجية والالتقائية في تدبير التنمية المحلية؛ وهو ما يسعى الشعار المرفوع إلى تأكيده وترسيخه. وأوضح كاتب الدولة أن المنظور المجالي المتجسد في المقاربة الترابية هو عمل يدخل في إطار التنمية الترابية في وزارة تجمع بين اختصاصات إعداد التراب الوطني، والتنمية الحضرية والقروية، والتعمير والإسكان، هي وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، وفي الهندسة الحكومية الحالية، على بلورته وصياغته وتضمينه استراتيجية مجالية تهم المجالين الحضري والقروي، وضعت لتكون منطلقا ومرجعا في بناء الاستراتيجية الوطنية للتنمية القروية، التي أعدت بتشاور مع أهم الوزارات المعنية، وذلك قبل عرضها على الحكومة، وتبنيها كإطار للعمل في تصور المشاريع وتنفيذها، على مرتكزات التكامل والتماسك والاندماجية والتشارك. وأشار أن المنظور المجالي لا غنى عنه في أي تدخل تنموي قروي مندمج، فقد استثمرنا، كسلطة حكومية مكلفة بالتنمية المجالية، مضامين الاستراتيجية الوطنية للتنمية القروية، والمقاربة الترابية التي تضمنتها، في تلمس التشاركية والاندماجية في التنمية القروية، وذلك مع استعمال صندوق التنمية القروية كرافعة تمويلية، تساهم في تمويل المشاريع الترابية القروية المندمجة، في حدود 40% من مخصصاته الموكول إلى وزارة التعمير والإسكان الإشراف على صرفها بمقتضى اتفاقية أكتوبر 2008 الموقعة أمام السيد الوزير الأول، والمكرسة للتدبير المشترك للصندوق مع وزارة الفلاحة والصيد البحري بنسبة 60% لهذه الأخيرة. وأفاد أن الحصيلة في هذا الإطار هي 84 اتفاقية ب 316 مشروع استثماري تستجيب لما التزم به التصريح الحكومي فيما يخص «إعطاء الأولوية في مشاريع التنمية القروية لبرامج تسريع إنجاز البنيات التحتية والتجهيزات، وتطوير الخدمات العمومية وتقربيها من المواطنين، وخلق أنشطة أخرى غير فلاحية، وتحسين الشروط العامة للحياة من خلال أقطاب تنموية في الوسط القروي». وهذه المشاريع تستفيد منها 485 جماعة قروية موزعة على جميع أقاليم المملكة، وكلفتها الإجمالية تزيد عن 1503 مليون درهم، منها ما يتجاوز 811 مليون درهم كمساهمة من صندوق التنمية القروية. وقال السيد المصباحي: إن تعزيز وترسيخ الحكامة الترابية القروية في ظل الجهوية المتقدمة التي اختارتها البلاد سبيلا للديمقراطية والتنمية التضامنية المجالية والاجتماعية المستدامة، يمر وجوبا عبر تكريس شمولية وأفقية التنمية القروية، وتعاطيها عبر المقاربة الترابية، وعلى قاعدة التخطيط الاستراتيجي التشاركي المعد في ضوء دينامية المجال وحركية الاجتماع، وعبر الانسجام والتجانس في التدبير، وكذا المؤسسة القانونية البنيوية والوظيفية للتنمية القروية. وهكذا، فإن سرعة التحولات التي تعرفها المجالات الترابية المغربية تدعو الفاعلين المحليين وذوي القرار إلى مراجعة أنماط التدبير الترابي، والبحث عن أشكال من الانسجام والتجانس بين عمل الدولة والجماعات المحلية، وبين هذه المبادرات الفردية، التي يأتيها المواطنون أشخاصا وجماعات، بحيث إن دينامية وحركة التحول التي تميز كل مجال ترابي عن الآخر ما هي إلا مرآة تعكس إرادة ومساهمة المواطنين في التفاعل مع ما يجري داخل وحول مجالهم الترابي. وذكر أن بلورة الاستراتيجية كسبيل للتنمية القروية وحكامتها، غير كاف في غياب آليات ومناهج عملية التنشيط الترابي، والإشراك والتحفيز، إلى جانب أدوات ومساطر متوافق حولها للتتبع والتقييم، وقبل ذلك تحديد إمكانيات ومصادر للتمويل إضافية تقوي من سرعة التنفيذ، هذا مع التأكيد على ضرورة اقتراح آليات لمؤسسة التنمية القروية مع التفكير في إجراءات قانونية وجبائية لصالح العالم القروي. وتناول السيد أناس الدحموني عن وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، في عرض تقدم به في هذا المنتدى، الأسس المرجعية للاستراتيجية الوطنية للتنمية القروية، كما أوضح العديد من المعطيات العامة حول العالم القروي إضافة إلى مرتكزات وأهداف هذه الاستراتيجية. وأكد الدحموني أن المحور الأول من هذه الاستراتيجية يهدف إلى تحسين مستوى استقطاب العالم القروي وتوفير شروط الاستدامة البيئية، وإحداث إطار مؤسساتي ملائم لضمان مسلسل متواصل للتنمية القروية. واعتبر السيد حسن عانجو عن الوزارة ذاتها، في العرض الذي قدمه بالمناسبة، صندوق التنمية القروية آلية تمويلية تهدف إلى تفعيل مكونات الاستراتيجية الوطنية للتنمية القروية عبر دعم المشاريع الترابية المندمجة، ويحضر دوره بالأساس في كونه رافعة تمويلية تحفز باقي الشركاء والمتدخلين. وبمقتضى الاتفاقية المتعلقة بتعبئة موارد هذا الصندوق من طرف وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية والاقتصاد والمالية والداخلية والفلاحية والصيد البحري، فإن مخصصات صندوق التنمية القروية تتوزع بين وزارتي الإسكان والتعمير والتنمية المجالية ووزارة الفلاحة، وعليه فقد حددت حصة وزارة الإسكان في 40% من مجموع 500 مليون معبأة سنويا من طرف الدولة، وهذا التوزيع يمكن الوزارة من تدبير 200 مليون درهم سنويا. وأكد غانجو أنه تم اختيار 26 مشروعا في ا لبرنامج الخاص بسنة 2010/2009، باعتماد مالي إجمالي يقدر ب 680 مليون درهم منها المشاريع الترابية التي تهدف إلى تثمين الموارد الترابية وتأهيل المجالات والمشاريع المنبثقة عن مخططات التنمية عبر توفير مناصب شغل قارة وتحسين جودة المرافق، وقد رصد لإنجاز هذه الأنشطة مبلغ 29 مليون درهم. وتحدثت السيدة بركات من الوزارة ذاتها، عن شروط الاستفادة من صندوق التنمية القروية، فالمشاريع التي يمكنها الاستفادة هي التي تقع ضمن مجالات قروية ويستفيد منها السكان القرويون، وهي التي تدخل كذلك في إطار مقاربة شمولية وترتبط على الأقل بإحدى الأولويات التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للتنمية القروية. ويساهم صندوق التنمية القروية في تمويل المشاريع المنتقاة وذلك بنسبة أقصاها 50% من التكلفة الإجمالية للمشروع على ألا يتجاوز 10 ملايين درهم لكل مشروع.