نقلت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا للأمم المتحدة طال انتظاره بشأن غارة إسرائيلية على سفينة متجهة إلى غزة في مايو 2010 قتل فيها تسعة أتراك خلص إلى أن حصار إسرائيل لقطاع غزة كان قانونيا، لكنه أشار إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت قوة مفرطة. وقال التقرير الذي أعدته لجنة من المحققين والمقرر إذاعته الجمعة لكن تم تسريبه بالكامل لصحيفة نيويورك تايمز ليلة الخميس، أن الكوماندوس الإسرائيلي واجه "مقاومة منظمة وعنيفة من مجموعة من الركاب". كما تضمن التقرير بعض الإنتقادات لإسرائيل. وقال أن حجم القوة التي استخدمت من جانب الإسرائيليين على ظهر السفينة مرمرة وهي الأكبر في أسطول من ست سفن ينقل مساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة كان "مفرطا وغير معقول". وتأخرت إذاعة التقرير الذي يطلق عليه تقرير "بالمر" مرات عديدة للسماح بمزيد من المحادثات للتقريب بين موقفي إسرائيل وتركيا. وكانت واشنطن قلقة من التصدع في العلاقات بين البلدين. وكان من المتوقع أصلا أن يستكمل التقرير في فبراير ، وأعد التقرير لجنة يرأسها رئيس الوزراء النيوزيلندي السابق جيفري بالمر - الذي نسب إليه إسم التقرير -، لكن دبلوماسيين ومسئولين من الأممالمتحدة قالوا أن الأتراك والإسرائيليين لم يتمكنوا من الإتفاق بشأن ما حدث وما هي النتائج التي يجب أن يخلص إليها التقرير. ونتيجة لذلك قال مسئول بالأممالمتحدة أن التقرير ليس "وثيقة بالإجماع"، لكن إسرائيل عبرت عن قدر من الرضا. وفي تصريح لمسئول إسرائيلي كبير ل "رويترز" طلب عدم نشر إسمه قال: "النقطة الجوهرية هي أن الأعمال الإسرائيلية كانت قانونية"، وأضاف "التقرير يقول أن الحصار البحري قانوني بموجب القانون الدولي". وأضاف المسئول أن من المهم أيضا أن التقرير أكد حق إسرائيل في تفتيش السفن في المياه الدولية. وقال أنه يأمل في أن تتمكن إسرائيل وتركيا من تجاوز حادث الأسطول وإعادة بناء العلاقات التي كانت قوية في السابق. وقال "آمل أن نتمكن "إسرائيل وتركيا" من المضي قدما في علاقتنا". غير أن وزارة الخارجية الإسرائيلية امتنعت عن الإدلاء بأي تعليق على التقرير يوم الخميس. وقال المتحدث بإسم الوزارة ييجال بالمور "سندلي بتعليق علني فقط عندما يذاع التقرير رسميا"، ولم يكن لدى بعثة تركيا في الأممالمتحدة تعقيب على الفور. وطالبت أنقرة بأن تعتذر إسرائيل عن الغارة لكن الحكومة الإسرائيلية أوضحت أنها لن تعلن أي اعتذار رسمي. وعبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أسفه بشأن أحداث القتل وأثار وزير الدفاع إيهود باراك جدلا داخل مجلس الوزراء عندما اقترح أن تعلن إسرائيل اعتذارا مخففا على أمل استعادة العلاقات مع تركيا. واعتقد باراك أيضا أن مثل هذه الخطوة ستساعد في تجنيب أفراد البحرية الإسرائيلية أي قضايا قد تقام ضدهم في الخارج. من جهة أخرى هاجمت مصادر دبلوماسية مسئولة بوزارة الخارجية الإسرائيلية تركيا بعد إعلانها طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة، معتبرة أن الأتراك يلحقون الأذى بأنفسهم من خلال تصعيدهم للموقف مع تل أبيب، وأن تواجد السفير الإسرائيلي في أنقره كان رمزيا. وأكدت المصادر الإسرائيلية لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية على عدم نية تل أبيب تقديم أي اعتذار لتركيا على أحداث أسطول الحرية الأول عام 2010 مهما حدث، وبالرغم من صدور تقرير الأممالمتحدة الخاص بالتحقيق في تلك الأحداث خلال ساعات. وقال مصدر سياسي إسرائيلي آخر، إن تل أبيب ستقبل بتقرير لجنة "بالمار" حول أحداث السفينة "مرمرة" التركية مع بعض التحفظات، مضيفا أن الإعلان الإسرائيلي عن قبول التقرير وعن التحفظات منه سيتم فور نشره رسميا اليوم. وأضاف المصدر الإسرائيلي أن تقديم الإعتذار لتركيا لا يساعد في رأب الصدع بين البلدين، ويلحق أضرارا إستراتيجية بمواقف إسرائيل، وأن العلاقات مع تركيا تمر بفترة صعبة حاليا ولا ينبغي وضع أهمية كبيرة للتهديدات الصادرة من أنقرة. وكانت الخارجية الإسرائيلية قد أعلنت أنه إذا قررت تركيا تخفيض مستوى العلاقات مع إسرائيل وإبعاد السفير الإسرائيلي عن أنقرة، سيثبت ذلك صحة ما تقوله إسرائيل من أن تركيا تسعى لتصعيد الموقف ولا تريد إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها. فيما قال بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة، "أن إسرائيل تتبنى تقرير "بالمر" الخاص بالسفينة مرمرة مع التحفظات التي قدمها مندوب إسرائيل إلى لجنة بالمر". مشيرا إلى أن هذا التقرير الذي تبناه أمين عام الأممالمتحدة يعد وثيقة مهنية وجدية ومعمقة تتطرق إلى أحداث القافلة البحرية "أسطول الحرية" يوم 31 مايو 2010. وأضاف البيان "تعرب إسرائيل مرة أخرى عن أسفها عن حالات القتلى التي وقعت على السفينة لكنها لن تعتذر عن ذلك". وأكد البيان أهمية العلاقات التاريخية ماضيا وحاضرا بين الشعبين التركي والإسرائيلي، وتابع "على ضوء ذلك قامت إسرائيل بمحاولات عديدة خلال الأشهر الأخيرة بتسوية الخلاف بين البلدين ولكن للأسف الشديد لم تتكلل هذه بالنجاح". وأوضح البيان أن إسرائيل تأمل أن يتم إيجاد طريق للتغلب على هذا الخلاف وتؤكد تصميمها على مواصلة الجهود الرامية إلى ذلك. وقال البيان "أن السفير الإسرائيلي في تركيا أنهى ولايته قبل عدة أيام وفارق زملاءه الأتراك، وكان ينوي العودة إلى إسرائيل خلال الأيام القريبة على أي حال" - معللا بعجرفة إسرائيل طرد تركيا لسفير إسرائيل بأراضيها -.